ديربي الارجنتين والبرازيل
كانت ريو دي جانيرو أول عاصمة تعترف باستقلال الأرجنتين ، بينما كانت بوينس آيرس أول حكومة تعترف باستقلال البرازيل ، ومع هذا ورثت الأرجنتين والبرازيل سلسلة من النزاعات الإقليمية التي بقيت دون حل من القوى الاستعمارية السابقة ، وذلك بعد تحقيق الاستقلال عن تيجان شبه الجزيرة الإيبيرية في أوائل القرن التاسع عشر.
كان أخطر خرق للعلاقة بين البلدين هو حرب “السيزبلاتين” (1825-1828)، بعد الغزو البرازيلي وضم أقاليم باندا أورينتال ، ومن هنا بدأ العداء
بعد استقلال البلدين، بدأ صراع آخر بينهما لفرض السيطرة على القارة ، مع ظهور عدد من الاختلافات الثقافية بينهما، كان هناك عداء وصراع سياسي صامت ، وانتقل هذا الصراع بشكل رسمي إلى ملاعب كرة القدم .
ثاني أقدم ديربي في العالم بعد إنجلترا وأسكتلندا المقارنة بين راقصى السامبا والتانغو دائمًا ما تكون مشتعلة، لا ينطفى لهيبها حتى بعد نهاية المباراة .
العشرين من سبتمبر 1914، لم تقام بعد مباريات كأس العالم أو كوبا أمريكا، لذلك كان اللقاء الأول بين المنتخبين وديًا وانتهى بفوز الأرجنتين بثلاثية نظيفة، ليرد عليها المنتخب البرازيلي بعد أسبوع واحد بالفوز بهدف نظيف في بطولة كوبا جوليو روكا ، لكن كان واضحا تأثر لاعبي المنتخبين بالصراعات السياسية ومخلفات الإستعمار الإسباني والبرتغالي .
ففي 1920، كان الجمهور على موعد مع لقاء ودي يجمع بين البرازيل والأرجنتين، لكن 4 لاعبين من منتخب “راقصي السامبا” رفضوا النزول إلى أرض الملعب، بعدما قامت صحيفة أرجنتينية بوصف البرازيليين بـ”القرود الصغيرة” (ماكاكيتوس) ، وحاول المنتخب الأرجنتيني تجاوز الأزمة بعدما قام بإشراك 8 لاعبين فقط بالمباراة،
إلا أن كلّ المحاولات باءت بالفشل، خصوصاً مع رفض الجمهور لهذا المسعى جملة وتفصيلاً، وهو ما أدى إلى إجراء اللقاء بسبعة لاعبين من كلّ منتخب وانتهى اللقاء بفوز المنتخب الأرجنتيني بثلاثية نظيفة.
في بطولة أميركا الجنوبية عام 1937، التقى المنتخبان بالمباراة النهائية، في بيونس آرس وكانت هناك “حرب هتافات” بين الجمهورين، وصرخت الجماهير الأرجنتينية ضد البرازيليين بكلمة (ماكاكيتوس) مقلدين صوت القرود ، وانتهى الوقت الأصلي لتلك المباراة بالتعادل السلبي بين المنتخبين، ليشهد الوقت الإضافي تقدم الأرجنتين بهدفين، لتنسحب البرازيل من اللقاء، الذي وصفته الصحافة البرازيلية بـ”مباراة العار”.
في كأس روكا، التقى الفريقين في نسخة 1939، مرتين في ريو دي جانيرو، فحقق المنتخب الأرجنتيني الفوز بنتيجة 5-1، ليلتقي الفريقين مجددًا بعدها بأسبوع واحد وتسعى السامبا لرد الاعتبار، فظل اللقاء متعادلاً بنتيجة 2-2، حتى احتسب حكم اللقاء ركلة جزاء للبرازيل في الدقائق الأخيرة، ليعترض لاعب الأرجنتين أريكادو لوبيز على الحكم ويخرج من أرضية الملعب عن طريق رجال الشرطة، وليثير الأمر رفاقه ويخرجوا جميعًا من أرضية الملعب، ليتم تسجيل ركلة الجزاء في الشباك الخالية من حارس المرمى وتفوز البرازيل 3-2.
خلال كأس روكا عام 1940، دخلت تلك المواجهة التي أقيمت على ملعب “إل غاسوميترو” بالعاصمة الأرجنتينية التاريخ من أوسع أبوابه ، الأرجنتين حققت أكبر فوز في تاريخها على البرازيل حتى يومنا هذا، 6-1، كما شهد اللقاء تسجيل كارلوس بيوتشيلي لأول هاتريك في تاريخ لقاءات الفريقين ، وسط معارك طاحنة وألفاظ نابية من الطرفين .
في عام 1945 وفي نفس البطولة البرازيل ترد الدين على ملعب سان جانوايرو في ريو دي جانييرو، محققة الفوز الأكبر في تاريخها آنذاك على الأرجنتين، 6-2، مع العلم أن التعادل بهدفين لمثلهما كان سيد الموقف حتى الدقيقة 64 من اللقاء التي شهدت تسجيل زيزينيو لثلاثية لمنتخب السامبا ، لكن الحدث الأهم هو كسر ساق الأرجنتيني باتاجليرو عن طريق البرازيلي أديمير مينيزيس.
ليتلقي المنتخبين بعد عدة أشهر في نهائي كوبا أمريكا، حيث كان يستعد المنتخبين للقاء بقوة ، بداية اللقاء الذي كان مشحون من صحافة البلدين ، الدقيقة 28 البرازيلي روزا يعتدي على قائد الأرجنتين خوزيه سالمون، النتيجة كسر في الركبة ، ليدخل المنتخبين في شجار ، لتغزو الجماهير أرضية الملعب … بعد دخول الفريقين لغرفة الملابس وبعدما عم الهدوء ، عاد المنتخبين وحقق التانجو الفوز 2-0 ، لكن خوزي سالمون لم يلعب كرة القدم مرة أخرى .
في عام 1964 نُظّمت المنافسة في البرازيل، وجّهت الدعوة لكلّ من البرتغال وإنكلترا، وفازت عليهما دون صعوبات تذكر، واعتقد الجمهور البرازيلي أن منتخب بلاده سيطيح بالأرجنتين بسهولة، لكن الأرجنتين فازت 3-0 على ملعب مورومبي في ساو باولو، ليظهر اللاعبون البرازيليون ما كان مكبوتاً فيهم تجاه الأرجنتين، بعدما اعتدى بيليه بعنفٍ على رأس اللاعب ميسيانو وهو ما أفقده وعيه داخل أرضية الميدان ، خلّف الأمر مشاعر حقد دفين لدى العديد من المواطنين الأرجنتينيين تجاه البرازيل لعدة سنوات أعقبت اللقاء.
تعتبر البرازيل هي القبلة الأولى للسياح الأرجنتينيين ، لكن
في ذلك الوقت لم يكن السياح الأرجنتينيين موضع ترحيب في البرازيل بسبب .. مخلفات كرة القدم .
في عام 1970 عادت البرازيل لتكون بطلة العالم خلال الدورة التي نظمتها المكسيك، وهي بطولة لم تتأهل إليها الأرجنتين ، بعد ذلك شعرت البرازيل مرة أخرى بأنها الأفضل ومتسيدة القارة رياضياً، وتباهى الجمهور البرازيلي بالأمر في كلّ مباراة أمام المنتخب أو الأندية الأرجنتينية التي كانت تسافر إلى ريو دي جانيرو .
في عام 1978 إستضافت الأرجنتين كأس العالم ، كان الحقد آنذاك في أقبح صوره بين جمهور البلدين …