أحوال عربيةأخبار

خرافات حاخامات صهيون و مجزرة الخبز في غزة

مجزرة الخبز الفلسطينية ..وسلسلة (أباطيل وخرافات حاخامات صهيون)

مع نخبة من المفكرين والاكاديميين…الحلقة (1)
*الدكتور خالد العبيدي: الحقيقة التاريخية تبين أن الغالبية العظمى من يهود اليوم ليسوا يهود بني إسرائيل القدماء.*الدكتور خالد العبيدي: الصراع بين المعسكر العلماني والمعسكر الديني اضافة الى التمايز الطبقي والعنصري هو التهديد الأمني والوجودي للكيان.

حوار/ أحمد الحاج

لم تكد تمر سوى سويعات قليلة على إعلان وزارة الصحة الفلسطينية عن استشهاد 30 الفا واصابة أكثر من 71 الفا بجروح مختلفة في اليوم الـ 146 للعدوان الصهيوني الغادرمنذ السابع من اكتوبر 2023، جلهم من النساء وكبار السن والأطفال،وإذا بنا نفجع بجريمة صهيونية مروعة جديدة تضاف الى سجل الكيان”الشيطوني”الحافل بالجرائم النكراء، حيث استهدف الكيان اللقيط بالطائرات الحربية والذخيرة الحية حشداً كبيرا من المدنيين الأبرياء العزل كانوا ونتيجة الحصار الصهيوني الجائر، ومن جراء مخطط التجويع الممنهج الغادر، بانتظار وصول المساعدات الإنسانية قرب دوار النابلسي في شارع هارون الرشيد ،غرب مدينة غزة ما أسفر عن ارتقاء 112شهيدا،و800 جريح في حصيلة قابلة للزيادة في قابل الأيام وذلك في مجزرة بشعة سيسجلها التاريخ، وسيكتب عنها الأحرار والمثقفون والأدباء الشرفاء طويلا تحت عنوان: # مجزرة_الخبز_الفلسطينية !

اللافت في الأمر أن ساسة الكيان ونوابه وبدلا من فتح تحقيق عاجل بالمجزرة للوقوف على ملابساتها-ولو شكليا لذر الرماد في العيون- استجابة للادانات الدولية والاسلامية والعربية،علاوة على الشجب والاستنكار الشعبي العالمي وإذا بنواب ووزراء الكيان يؤيدون المذبحة ويباركونها ويشدون على أيدي من قاموا بها وفي مقدمتهم وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير،الذي قال تعقيبا على المجزرة وبالحرف”يجب إعطاء الدعم الكامل لجنودنا الذين تصرفوا بطريقة ممتازة أمام جموع الغزيين الذين حاولوا المس بهم” وفقا لصحيفة «معاريف» الإسرائيلية، وبما يستدعي الى الذاكرة ما قاله قبل اسابيع وزير التراث الصهيوني عميحاي إلياه،”على اسرائيل ايجاد طرق أكثر إيلاما من الموت بالنسبة للفلسطينيين”.

وكان عضو الكنيست السابق، موشيه فيغلين، نشر على حسابه بمنصة إكس ( تويتر سابقا ) داعيا الى استخدام السلاح النووي ضد قطاع غزة مرفقا تغريدته بصورة لمدينة هيروشيما اليابانية المدمرة بفعل أول قنبلة ذرية في التاريخ المسماة بـ” ليتل بوي” والتي ألقيت على المدينة عام 1945 من قاذفة القنابل بي-29 الامريكية .

بدورها دعت عضوة الكنيست تالي غوتليف ،إلى “استخدام صاروخ أريحا الباليستي القادر على حمل رؤوس نووية لقصف غزة ، ولم يختلف الحال مع وزير التراث عميحاي إلياهو ، الذي دعا علانية الى إلقاء قنبلة نووية على غزة كحل ممكن لأن قطاع غزة يجب ألا يبقى على وجه الأرض” على حد وصفه .

في سلسلة (أباطيل وخرافات حاخامات صهيون) سنتناول ومن خلال حوارات مهمة وجريئة مع عدد من الباحثين والمتخصصين والأكاديميين ،الجذور الايديولوجية والعرقية والعنصرية والميثولوجية والجيو – سياسية المحركة والمحرضة على كل هذا الحقد الصهيوني المتجذر، لنبدأ السلسلة مع الدكتور خالد العبيدي،الاستاذ والمحاضر الجامعي، صاحب الـ ٦٩ مؤلفا،العضو المشارك المحترف في مجلات عالمية كمجلة”ساينس”،ومجلة” نيتشر”العلمية البريطانية ،ومجلة”ساينتفيك اميركان”اضافة الى”ناشيونال جيوغرافيك”،وله أكثر من (150) حلقة متلفزة بثت على شاشات العديد من الفضائيات والمحطات العربية والمحلية .

س1 :فجر المؤرخ الإسرائيلي ، ومدير المركز الأوروبي للدراسات الفلسطينية، المؤرخ الصهيوني البروفيسور إيلان بابيه، مفاجأة من العيار الثقيل حين وضع السبابة والابهام على خمسة مؤشرات تدلل على بداية نهاية المشروع الصهيوني، أولها هي الحرب الأهلية الاسرائيلية بين المعسكر العلماني والمعسكر المتدين،وثانيها التأييد غير المسبوق للقضية الفلسطينية دوليا وشعبويا ، كذلك التمايز الطبقي والعنصري المخيف داخل المجتمع الاسرائيلي ،وضعف الجيش الاسرائيلي وعدم قدرته على حماية مواطنيه، اضافة الى تغير قناعة جيل الشباب الاسرائيلي الصاعد بكثير من قناعات وثوابت أجداده ،كيف تعقبون على ذلك ؟

ج : صحيح؛ فخلال محاضرة له في حيفا بالداخل الفلسطيني المحتل استعرض المفكر الإسرائيلي أستاذ الدراسات الدولية بجامعة أكسيتر البريطانية “إيلان بابيه” تلك العوامل الخمسة التي ذكرتموها في سؤلكم ستؤدي حتماً لتخلخل وتصدع ونهاية المشروع الصهيوني بعد أكثر من قرن ونصف على بداياته الأولى وحوالي 8 عقود على وجوده في أرض الواقع. ولعل القاسم المشترك لتلك العوامل هو عدم الانسجام في تركيبة المجتمع الإسرائيلي المبني على عدة أمور غير متسقة ولا متناغمة فيما بينها، فتجد التناقضات والاضطرابات والصراعات والمصالح المتضادة تنخر ذلك الجسد الذي تم جمعه من شتات العالم لبيئات وثقافات وتركيبات ثقافية وفكرية ومذهبية مختلفة متضادة ومضطربة أدت الى حصول مقدمات مثل تلك الحرب الأهلية التي أوشكت على تقويض الدولة بالكامل قبيل أحداث 7 أكتوبر، وهو ما سيستمر مستقبلاً وبوتيرة متصاعدة وفق بابيه حيث أن ما يربط بين تياري تلك الصراعات (أي المعسكر العلماني والمعسكر الديني) وما يضاف له من حالات التمايز الطبقي والعنصري المخيف داخل المجتمع الاسرائيلي هو التهديد الأمني والوجودي للكيان،ولكن حتى هذا الأمر فشل وسيفشل كما رأينا فيما حصل من اعتراضات للأوامر العسكرية واضطرابات في المعسكرات في كل صنوف الجيش الإسرائيلي كالقوة الجوية والقوات الخاصة وألوية كثيرة سواء في القوات النظامية والاحتياط قبيل وخلال معركة طوفان الأقصى، وكذلك الاحتجاجات الشعبية ضد حكومة الاحتلال الحالية وموجات النزوح حول قطاع غزة والشمال المحتل، فضلاً عن ما شهدناه من صراعات وتقاطعات في كابينة الحرب نفسها رغم أنه تنتمي لنفس التركيبة اليمينية المتطرفة للصهاينة وما يعرف بالصهيونية الدينية.

أما عن تصاعد الدعم العالمي للقضية الفلسطينية وانتشار الرواية الفلسطينية الصادقة الواضحة للعالم الغربي تحديداً كبديل عن الرواية الصهيونية المزيفة وافتضاح كذبها وتزويرها واعتبارها في نظر العالم دولة فصل عنصري تتميز بالوحشية والسادية والقمع والإجرام وسقوط ما كان سائداً من مفاهيم الدولة العبرية الديمقراطية النموذجية المتحضرة وفق ما بثه الإعلام الغربي المساند لها بالمطلق طيلة عقود من الزمن، كل ذلك وغيره أدى لموجات من الغضب والاحتجاجات والمقاطعات لكل ما تتبناه تلك الرواية من جهة وتعاظم الدعم العالمي للحق الفلسطيني بشكل لم يسبق له مثيل خلال 8 عقود رغم كل أدوات التضليل والضغط الإعلامي الغربي مما أدى لحرج كبير للكيان من جميع النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية والقانونية خصوصاً بعد ما حصل في محكمة العدل الدولية بسبب شجاعة القرار الجنوب أفريقي الأخير فضلاً عن منظمات حكومية وأهلية عالمية وصلت إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة ومنظمات العفو الدولية وحقوق الإنسان والغذاء والدواء والأطباء في أوربا وأمريكا وكندا بل وصل لغاية مقاطعات حكومية ومطالبات بقطع العلاقات في دول مثل إسبانيا وإيطاليا والنرويج والدانمارك والبرازيل وفنزويلا وغيرها.

وتطرق بابيه كذلك الى العامل الاقتصادي الضاغط على المجتمع قبل وخلال وما بعد أحداث 7 أكتوبر رغم كل المساعدات التي تأتيها من دول عديدة ورغم ما تمتلكه من صناعاة وزراعة وسياحة وعاومل أخرى، فقد أصبح المواطن هناك بالإضافة لهاجسه الأمني لا يتمكن من شراء منزل وعقار بسبب الغلاء والتضخم وارتفاع الأسعار والخسائر الاقتصادية الضخمة التي تتطلبها الحرب واستنزافها، بل تشير الدراسات لارتفاع نسة المستوطنين الذين يقبعون تحت خط الفقر بسبب كل تلك العوامل الضاغطة. ولعل تلك الإنفاقات الضخمة على التسليح والتصنيع الحربي والأمن جعلت المواطنين يتساءلون كيف يمكن لأحداث 7 أكتوبر أن تحصل بعد كل تلك المصاريف والتدريبات والصناعات؟! وهو ما جعل الثقة تتزعزع بالمنظومة بأكملها وكل ما يرتبط بها وهو ما يفسر لنا موجات النزوح الهائلة سواء للخارج الإسرائيلي بما يعرف بالهجرة المعاكسة أو للداخل في الشمال وحول غلاف غزة فضلاً عن قلة القادمين للكيان مقارنة بالأعوام السابقة.وقد دعا بابيه الفلسطينيين إلى ملء الفراغ بعد سقوط المشروع الصهيوني الوشيك (فقد لاحت بداياته وقد يأخذ سنوات كي يكتمل وفق بابيه) وذلك لتجنب فترة طويلة من الفوضى المحتملة في تلك البقاع خصوصاً مع تنامي الشعور بالاستياء لدى الأجيال الشابة الإسرائيلية وأغلبها من الملحدين التي سئمت ونفرت من رواية أرض الميعاد والشعب المختار سواء في الداخل الإسرائيلي أو من يهود الغرب في أوربا وأمريكا وروسيا وغيرها.

ولكي نفهم حقيقة ما ذكره بابيه وغيره من الباحثين المعاصرين، علينا فهم طبيعة التناقضات في المجتمع الصهيوني وتقسيماته المتضادة ديموغرافياً وفكرياً وبيئياً. ورغم أن ثمة أصناف من اليهود لا تؤمن بوجود دولة إسرائيل وأنها ضد إرادة الرب الذي أمرهم بالشتات عقاباً لهم على ما اقترفوه منذ العصور القديمة، وهؤلاء اليهود موجودون لغاية اليوم في أوربا وأمريكا وبقية دول العالم بل حتى داخل الكيان ولا يقبلون الاعتراف بأن تلك الدولة هي دولة لكيانهم اللقيط، إلا أن من يعيش داخل الكيان من مستوطنين متعصبين وعنصريين حقودين ضالعين في الإجرام ستنقلب تلك السمات عليهم وتقتلهم عاجلاً أم آجلاً مهما حاولوا إخفاء حقيقة تباعدهم وتشتتهم وتفرقهم.

س 2: “معاداة السامية “أو” اللاسامية “أو “ضد السامية” مظلومية أخرى يحاول الصهاينة الإتكاء عليها لتكميم الأفواه ولملاحقة والتضييق على كل من يهاجم الصهيونية من جهة، ولتبرير جرائمهم بحق الفلسطينيين والناشطين والإعلاميين والمدافعين عن حقوقهم كذلك،بزعم الدفاع عن اليهودية كمجموعة عرقية وأثنية ودينية، وقد سدر مجلس النواب الأميركي في غيه، وأمعن في غدره حين قرر أواخر العام 2023 ” المساواة بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية” بحسب صحيفة “ميدل إيست مونيتر” البريطانية ، فاسحا المجال بذلك أمام الصهاينة لارتكاب المزيد من الجرائم وقمع المعترضين وتكميم أفواه الناشطين وفقا لهذا القرار المجحف ..فماهي معاداة السامية ومتى أقرت ولماذا ؟  

ج: السامية كمعنى تاريخي تطلق على الشعوب التي تمتد بأصولها إلى سام بن نوح عليه السلام، لكنها اصطلاحاً تطلق اليوم خطأً فقط على اليهود بسبب قانون تم سنّه بعيد الحرب العالمية الثانية عندما سيطرت الماسونية العالمية على مقدرات العالم بدعم من المال اليهودي كما أسلفنا.

فالساميون («سام») من الكتاب المقدس، بالعبرية: (שם) هو مصطلح يصف أية مجموعة أثنية أو ثقافية أو عرقية تتحدث باللغات السامية. فلقَد اصطلح المؤرخون في هذا العصر أن يسموا الشعوب التي تتفاهم بالعربية والعبرانية والسريانية والحبشية والتي كانت تتفاهم بالفينيقية والآشورية والآرامية  «شعوباً سامية» نسبة إلى سام بن نوح عليه السلام، لأن هذه الأمم جاء في التوراة أنها من نسله وسموا لغتهم اللغات السامية. وقد استخدم المصطلح لأول مرة في العقد 1770 من أعضاء مدرسة غوتنغن للتاريخ والذين اشتقوه من سام واحد من أبناء نوح الثلاثة في سفر التكوين. على أي حال، في علم الآثار، يُستخدم هذا المصطلح بشكل غير رسمي ليشير إلى نوع من الروابط التي جمعت الشعوب القديمة المتحدثة باللغات السامية. ويرى أحد الباحثين أن إطلاق تسمية «اللغات العربية» على اللغات السامية و«الأقوام العربية» على الأقوام السامية – التي يعود أصلها إلى شبه الجزيرة العربية وأطرافها – سيكون أقرب إلى الصواب، لكن اختصاص هذه الأقوام كلٌ باسمٍ معيّن سيجعل تسمية الساميّين بالعرب غير دقيقة تاريخيًا.

الحقيقة التاريخية تبين أن الغالبية العظمى من يهود اليوم ليسوا يهود بني إسرائيل القدماء، كما سنبثت  في جواب السؤال اللاحق ومن خلال مؤلفات وكتب ودراسات كثيرة، فهم يرجعون في أصولهم إلى دولة خازاريا الوثنية. والخزر كانوا شعباً غير سامي تركي ومغولي وتتاري الأصول، سيطروا على سهول الالبونتيك وشمال القوقاز وكونوا امبراطورية قوية تعتاش على الإغارة على جيرانها، فلم تسلم منها أية منطقة محاذية قريبة أو بعيدة فاختلطوا بأقوام شتى من شرق أوربا وآسيا وتشكل شعب هجين ليس له علاقة بالسامية لا من حيث الأصول ولا من حيث التفرعات. وكان هؤلاء القوم  وثنيي العقيدة، ولكن حصل في القرن السابع الميلادي أن ذهب وفد من يهود إيران بعد ان أدركوا ان هذه الدولة القوية يمكن ان تنفعهم في مشروعهم العقائدي، وحاول الوفد ذاك إقناع ملك تلك الدولة القوية  آنذاك بأن يتحول لليهودية وفعلاً حصل أن اقتنع بذلك فأمر بتحويل دين الدولة إلى اليهودية وجعل التوراة هي الأصل في كل شيء، فتهود القوم رغم بقاءهم على عاداتهم القديمة في الاعتداء والاقتتال  والتحرش بالشعوب المجاورة ورسم المؤامرات والمكائد لها. وعندما قويت امبراطورية روسيا القيصرية (وهي المسيحية الأرثدوكسية) شنت على تلك  الامبراطورية اليهودية المعتدية حروبا كثيرة انتهت بالقضاء عليها وتشريد سكانها اليهود باتجاهات مختلفة كانت على رأسها روسيا واوربا الشرقية قبل أن ينتقلوا باتجاه الغرب في أوربا الغربية ومن ثم بريطانيا واخيراً الولايات المتحدة الأمريكية بعد سلسلة أحداث عنيفة حصلت لهم عبر قرون.بسبب خبثهم ومكائدهم  في أي بلد حلوا فيه مما حدا بحكومات تلك الدول إلى  معاقبتهم بين قتل وحبس ونفي وطرد وتهجير، ومما اشتهر من تلك الأحداث مذبحة الملك فيليب ملك فرنسا ومحرقة الهولوكوست .

لفظة معاداة السامية أو معاداة اليهود (بالإنجليزية: Anti-Semitism)‏ هو مصطلح يعطى لمعاداة اليهودية مجموعة عرقية ودينية وإثنية. والمعنى الحرفي أو اللغوي للعبارة هو «ضـد السامية»، وتُترجَم أحياناً إلى «اللاسامية». استخدم المصطلح الباحث الألماني فيلهم مار أول مرة لوصف موجة العداء لليهود في أوروبا الوسطى في أواسط القرن التاسع عشر. ومع انتماء العرب والآشوريين وغيرهم إلى الساميين، معاداتهم لا تصنف معاداةً للسامية. معاداة اليهود تُعدّ شكلاً من أشكال العنصرية.

قد تتجلّى معاداة الساميّة بطرق عديدة، تتراوح بين التّعبير عن الكراهية أو التمييز ضد أفراد يهود إلى مذابح منظّمة من قبل الرعاع أو شرطة الولاية أو حتّى الهجمات العسكريّة على المجتمعات اليهودية بالكامل. على الرغم من أنّ المصطلح لم يكن مستخدماً بشكلٍ شائعٍ حتّى القرن التاسع عشر، إلّا أنّه ينطبق الآن أيضًا على الحوادث التاريخية المعادية لليهود. من الأمثلة البارزة على الاضطهاد الذي تعرّض له اليهود مجازر راينلاند التي سبقت الحملة الصليبية الأولى عام 1096، ومرسوم الطرد من إنجلترا عام 1290، ومذابح اليهود الإسبان عام 1391، وملاحقات محاكم التفتيش الإسبانية، وطردهم من إسبانيا عام 1492، ومجازر القوزاق في أوكرانيا من 1648 إلى 1657، ومذابح اليهود العديدة في الإمبراطورية الروسية بين عامي 1821 و 1906، وقضيّة دريفوس 1894-1906 في فرنسا، والمحرقة في أوروبا التي احتلّتها ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية، والسياسات السوفيتية المعادية لليهود، وتورّط العرب والمسلمين في هجرة اليهود من الدول العربية والإسلامية.

إن جذر كلمة «سامي» يعطي انطباعًا كاذبًا بأنّ معاداة الساميّة موجّهة ضد جميع الشعوب التي تنتمي للأعراق الساميّة (وهي الشعوب التي تتكلّم اللغات السامية منها العربيّة والعبريّة والآشوريّة والفينيقيّة والآراميّة). تمّ تعميم المصطلح المركّب «معاداة السامية» في ألمانيا عام 1879 كمصطلح علمي لـ «كراهية اليهود» بالألمانية “Judenhass”، وأصبح هذا المصطلح شائعاً منذ ذلك الحين.

وُجِد أصل المصطلحات “اللاساميّة” في ردود مورتيتز ستاينشنايدر Moritz Steinschneider على وجهات نظر ارنست رينان Ernest Renan. وكما كتب أليكس بين: “يبدو أنّ مصطلح معاداة الساميّة قد استُخدم لأوّل مرّة من قبل ستاينشنايدر، الذي هاجم رينان بسبب اعتباراته المسبقة المتحيّزة نحو معاداة الساميّة” (وذلك عبر انتقاصه من السامييّن كعرق). كتب أفنير فالك Avner Falk بالمثل: “تمّ استخدم الكلمة الألمانية antisemitisch لأوّل مرّة في عام 1860 من قبل العالم اليهودي النمساوي مورتيتز ستاينشنايدر الذي عاش في الفترة ما بين عامي (1816-1907) بعبارة “antisemitische Vorurteile” (التعصّب ضدّ الساميّة). استخدم ستينشنايدر هذه العبارة لتوصيف أفكار الفيلسوف الفرنسيّ إرنست رينان ،الزائفة حول كيف كانت “الأعراق السامية” أدنى من “الأعراق الآريّة”.

أصبحت النظريات الزائفة حول العرق، والحضارة، و «التقدم» منتشرة على نطاق واسع في أوروبا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، لا سيما أنّ المؤرخ القومي البروسي هنريك فون تريتشك Heinrich von Treitschke قام بجهود كبيرة لتعزيز هذا الشكل من العنصريّة. فصاغ عبارة «اليهود هم مصيبتنا» والتي اُسْتُخْدِمَت على نطاق واسع في وقت لاحق من قبل النازيين. يَستخدم تريتشيك وفقاً لأفنير فالك، مصطلح «سامي» بشكلٍ شبه مرادف لكلمة «يهودي»، وذلك على النقيض من استخدام رينان له للإشارة إلى مجموعة كاملة من الشعوب، بالاعتماد بشكل عامّ على المعايير اللغويّة.

وفقاً لجوناثان هيس Jonathan M. Hess، استخدم المصطلح في الأصل من قبل مؤلّفيه «للتشديد على الفرق الجذريّ بين معاداة الساميّة التي أنشؤوها بأنفسهم والأشكال السابقة من العداء تجاه اليهود واليهودية.». وفي سنة 1879 نشر الصحفي الألماني فيلهلم مار كتيب، بعنوان (Der Sieg des Judenthums über das Germanenthum. Vom nicht confessionellen Standpunkt aus betrachtet) ومعناه بالّلغة العربيّة (انتصار الروح اليهوديّة على الروح القومية الألمانية، دراسة من منظور غير ديني) والذي استخدم فيه كلمة الساميّة بالتبادل مع كلمة اليهوديّة للدلالة على كل من «الشعب اليهودي» (اليهود كمجموعة) و «اليهوديّة» (والتي تعني ماهيّة أن يكون المرء يهوديّاً، أو الروح اليهودية). وقد تبع هذا الاستخدام لكلمة السامّية بإنشاء مصطلح «معاداة السامية» الذي استخدم للإشارة إلى مناهضة اليهود كشعب ومناهضة للروح اليهودية على حدّ سواء، وهي ما فسّرها مار على أنّها تصرّفات دخيلة على الثقافة الألمانية. في كتيّبه التالي (Der Weg zum Siege des Germanenthums über das Judenthum) (نهج انتصار القومية الألمانيّة على اليهودية) أظهر مار تطوّراً كبيراً في أفكاره ومن الممكن أن يكون استخدام مصطلح ” Antisemitismus” أو «معاداة السامية» قد تمّ لأول مرّة من قبل مار في هذا الكتاب.

منذ أواسط القرن التاسع عشر حتى بدايات القرن العشرين استغل أثرياء اليهود الأوربيين (وجلهم من حاملي الفكر الصهيوني ومن أصول خازارية) أموالهم وإمكاناتهم للسيطرة على أوربا من خلال التمويل الربوي من خلال إشعال الحروب والثورات والفتن كي يغرقوها بالديون وتصبح حكوماتها طيعة وقد نجحوا في السيطرة على جميع الامبراطوريات الأوربية ولم يتبق أمامهم سوى الإمبراطورية الروسية والسلطنة العثمانية، فكانت ضغوطهم نحو هاتين الدولتين ترغيباً تارة في فك دوينها مقابل مساعدة اليهود للسيطرة على فلسطين وتارة أخرى بالتهديد والمؤامرات، وهم كانوا فعلاً متغلغلين في حكومات تلك الدولتين أما بشكل مباشر أو من خلال عملاء وأجراء سيطروا عليهم تماماً كما فعلوا مع من سبقهم من دول وممالك أوربا القديمة، حتى نجحوا أخيراً في إزاحة السلطان عبد الحميد الثاني آخر عقبة مباشرة أمامهم حالت دون تحقيق أمانيهم وكذلك فعل الثورة البلشفية للإطاحة بالعائلة المالكة الروسية التي كانت أيضاً غير متعاونة بشكل كامل. ثم توجهت أطماعهم اتاه العالم الجديد للسيطرة على مقدراته وبناء مملكتهم الأسطورية العالمية لعالم يتحكمون به بالمال والثروات والقوة والسلاح وكان لهم ذلك قبيل الحرب العالمية الثانية إذ تم إصدار قانون البنك الاتحادي الفيدرالي الذي مكن الصيارفة الكبار من أثرياء اليهود السيطرة على الاقتصاد والمال الأمريكي وصك العملة الأمريكية كعملة عالمية مركزية تمكنهم من جعل أمريكا وأوربا والعالم تحت سيطرتهم المباشرة وبالتالي جعل كل حكومات العالم تأتمر بأوامرهم باعتبارهم الجهة الممولة لكل النشاطات الحياتية المدنية والعسكرية المختلفة.

وهكذا تجول هؤلاء الممقوتون والمطرودون عبر التاريخ إلى ثلة مسيطرة على العالم لتقوم بتحويل كل المؤسسات والهيئات والحكومات والمرجعيات الدينية والعلمية باتجاه أهدافها الكبرى في السيطرة على العالم وجعله خادماً مسخراً لخدمة ما يعتقدونه “شعب الله المختار” سواء بالمال والعتاد والرجال والفكر والإعلام حتى لو كان ما يبثونه ويروونه كذباً بواحاً وزوراً صراحاً. ومن هنا نشأت فكرة دعم اليهود حتى لو كانوا على باطل وعدم تكذيبهم في كل ما يروونه حتى وصل الأمر لتبرئة البابا اليهود من دم عيسى عكس المعتقد المسيحي المعروف لدى المسيحيين منذ القدم.

ولو عدنا لتأمل اعترافات فريدمان وغيره لوجدنا أن اتجاهات الفعل الشيطاني لهؤلاء الثلة الصهيونية المسيطرة كانت تتمحور حول جعل كل حكومات العالم تحت سيطرتها قبل أن تقوم بإنشاء الوطن المزعوم في فلسطين حتى تكون تلك الحكومات حامية خظ الدفاع الأول لذلك الكيان المصطنع، وقد حصل هذا بالفعل من خلال عدة سيناريوهات بيناها آنفاً مثل تضخيم ما حصل في الهولوكوست وتهويله كفعل يستوجب تقديم الاعتذار لليهود عما حصل بإنشاء وطن لهم يحميهم من ممارسات مستقبلية مشايهة ومن ثم إصدار تشريع قانوني يجرم كل من يعارض الصهيونية بأفعالها وممارساتها، وحيث أنه لا يمكن أن ينص صراحة بلفظة الصهيونية ولا اليهودية لذلك جعلوها للسامية كمصطلح يراد به اليهود حصراً دون غيرهم من الشعوب السامية التي نصت عليها التوراة نفسها! ..يتبع 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى