حزام الحليب الأوروبي

 
مظهر محمد صالح
 
كيف تفكر بلدان حزام الحليب الاوروبي بقواها المؤلفة من المانيا وهولندا وانكلترا وايطاليا والدانمارك وايرلندا، وهم يهيمنون اليوم وحدهم على 70 بالمئة من انتاج الحليب في بلدان الاتحاد الاوروبي البالغة 27 بلداً اوروبياً، لاسيما بعد ان ارتفعت اسعار الحليب في العالم الى معدلات تقارب اسعارالحليب الاوروبي اليوم. فقد تغير العالم تماماً في عاداته وتقاليده الغذائية حيث غدت روسيا على سبيل المثال من البلدان المدمنة على الاجبان الاوروبية الفاخرة وصارحليب البقر المجفف الاوروبي وغيره المادة الاساسية لرضاعة اطفال العالم الصيني؟ في حين يسهر الاتحاد الاوروبي، على ادارة مزارعه التي تضم اليوم مايزيد على 24 مليون بقرة فضلاً عن اسواقه التي تمتص من منتجات البانه بنحو 153مليون طن حليب سنوياً وبواقع 6500 كيلوغرام حليب (تدره البقرة الاوروبية الواحدة في العام الواحد). وحتى مطلع 1984 اعتمدت سياسات الحليب الاوروبية فلسفة لدعم اسعارالحليب عند مستوى معين، فكلما هبط سعر لتر الحليب بنحو يعادل لتر الماء او دون ذلك، تتولى الحكومات الاوروبية ومن خلال ميزانية الدعم الزراعي، شراء الحليب ومنتجات الالبان الفائضة، مكونة بذلك بحيرات من الحليب المهدور وجبال من الزبدة المتجمدة او المائعة التي تتقاذفها الرياح.سيغادر الاتحاد الاوروبي في 31 آذار 2015 سياسة الحصص التي اعتمدها منذ نيسان من العام 1984 حينما سمح للمزارعين الاوروبيين في دول الاتحاد بالانتاج عند حدود عليا من كميات الحليب لكل مزرعة حسب مساحة الحيازة الزراعية اوسعتها، ويكون انتاج الحليب عندها معفى من الضرائب. واذا ما تعدى الانتاج حدوده العليا المسموحة، فانه سيخضع الى الضرائب الباهضة. وبهذا فقد استبدل الاتحاد الاوروبي وقتذاك سياسات دعم الاسعار بالسياسة الضريبية الحالية التي ستنتهي بنهاية الشهر الحالي. ويلحظ ان الاتحاد الاوروبي اعتمد سياسة زراعية حرة جديدة، لاضرائب باهظة فيها وفق نظام الحصص الحالي ولا افراط في دعم اسعار الحليب مثلما كان عليه الحال قبل العام 1984. فمنتجات الالبان التي تشكل 15 بالمئة من الناتج الزراعي الحالي في دول الاتحاد الاوروبي والتي تماثل نسبة انتاج الحبوب في دول الاتحاد نفسه، فانها تتفاوت في هيمنتها على حزام الحليب الاوروبي. ففي الوقت الذي تهيمن فيه الدانمارك على 20 بالمئة من حصة الانتاج الاوروبي من الحليب ومنتجاته، فان تلك النسبة تنخفض في جنوب اوروبا الى اقل من 1 بالمئة.ولكن يبقى التساؤل عن طبيعة حزام الحليب في شرقنا المتوسط. وعلى الرغم من ذلك ،فلم اجد اليوم سوى حزامين للحليب يستحقان الاهتمام، اولهما، عندما وجه قائد الثورة الاسلامية في ايران الزعيم الراحل آية الله الخميني في مطلع الثورة، بان تحصل كل عائلة فلاحية ايرانية على بقرة بسعر مدعوم لتنتهي ايران اليوم الى دولة مطمئنة الى امنها الغذائي وان حزام الحليب فيها هو شيء قل نظيره في امم الشرق. وثانيها يتمثل بالنهضة التي شهدتها المملكة العربية السعودية منذ مطلع الثمانينيات عندما اعتمدت برامج قوية لتربية الابقار، واصبحت منتجات البانها تزدحم على رفوف متاجر المواد الغذائية في جنوب شرق آسيا وهي تنافس المنتجات الاوروبية.ختاما، العراق اليوم مدعو قبل غيره الى اعادة بناء احزمته الزراعية المهمة ولنبدأ بمشروعين كبيرين متكاملين او اكثر لتربية الابقار، ولتكن البداية من جنوب ووسط العراق صعوداً الى شماله تتعاضد فيهما مجهودات الدولة والقطاع الخاص في ثورة خضراء حقاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى