أخبارأخبار العالمأمن وإستراتيجيةفي الواجهة

حرب عالمية ثالثة … مؤشرات قوية على اندلاع الحرب.. وضع “الإسباغيتي”

أشار تحليل نشرته مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، إلى أوجه التشابه بين ظروف الحقبة الراهنة، وتلك التي أنتجت الحرب العالمية الثانية، موضحة أن أوروبا تشهد حالياً صراعها العسكري الأكثر تدميرا منذ أجيال، كما أن القتال العنيف بين إسرائيل وحماس يزرع العنف وعدم الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وفي شرق آسيا، وعلى الرغم أنها لحسن الحظ ليست في حالة حرب، لكنها ليست بعيدة تماما، حيث تجبر الصين جيرانها وتتوسع في القوة العسكرية بمعدل تاريخي، مضيفة أنه: “إذا لم يدرك العديد من الأمريكيين مدى قرب العالم من أن تدمره صراعات شرسة ومتشابكة، فربما يرجع ذلك إلى أنهم نسوا كيف اندلعت الحرب العالمية الأخيرة”.
وصف تقرير نشرته مجلة “ذا إيكونوميست”، الوضع المتأزم والمعقد في المنطقة بأنه إذا قمت برسم تخطيطي لـ”من يطلق النار على من” في الشرق الأوسط، فإنه سيبدو على نحو متزايد مثل طبق من “الإسباغيتي”.
أخبار ذات صلة

تشابه ملفت

ويرى محلل السياسة الخارجية هال براندز، وهو أستاذ كرسي هنري كيسنجر للشؤون العالمية في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز، أن أوجه التشابه بين هذه الحقبة السابقة والحاضر ملفتة للنظر، حيث يواجه النظام الدولي 3 تحديات إقليمية حادة، فمن ناحية تعمل الصين بسرعة على تكوين قوة عسكرية ضخمة كجزء من حملتها لإخراج الولايات المتحدة من غرب المحيط الهادئ وربما تصبح القوة البارزة في العالم، كما أن حرب روسيا في أوكرانيا هي المحور الكبير لجهودها طويلة الأمد لاستعادة الأسبقية في أوروبا الشرقية والفضاء السوفيتي السابق، أما في الشرق الأوسط، تخوض إيران ووكلائها الذين حددهم في “حماس وحزب الله والحوثيين وغيرهم الكثير” صراعا من أجل الهيمنة الإقليمية ضد إسرائيل والولايات المتحدة.


اثنان من هذه التحديات تحولت بالفعل لجبهات ساخنة، فالحرب في أوكرانيا هي أيضا منافسة شرسة بالوكالة بين روسيا والغرب، إذ أن الرئيس الروسي يخوض صراعا طويلا قد يستمر لسنوات، في حين أدى هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر الماضي إلى نشوب صراع حاد يخلق امتدادا عنيفا عبر تلك المنطقة الحيوية.

ووفق “براندز”، فإنه في الوقت نفسه، تزحف إيران نحو الأسلحة النووية، والتي يمكن أن تعزز من جنوحها الإقليمي من خلال تدعيم نظامها ضد رد إسرائيلي أو أمريكي.


التحالف الصيني الروسي

تقترب روسيا والصين من خلال شراكتهما الاستراتيجية “بلا حدود”، والتي تتميز بمبيعات الأسلحة، وتعميق التعاون الدفاعي التكنولوجي، وعروض التضامن الجيوسياسي مثل التدريبات العسكرية في المناطق الساخنة العالمية، وفي الآونة الأخيرة، عززت الحرب في أوكرانيا أيضا العلاقات الأوراسية الأخرى بين روسيا وإيران، وروسيا وكوريا الشمالية، مع تكثيف وتشابك التحديات.

  • كما أن الطائرات بدون طيار وذخيرة المدفعية والصواريخ الباليستية التي قدمتها طهران وبيونغ يانغ إلى جانب الدعم الاقتصادي الذي قدمته بكين، دعمت موسكو في صراعها ضد كييف وداعميها الغربيين.

منذ 7 أكتوبر، أعلن بوتين أن الصراعات في أوكرانيا والشرق الأوسط هي جزء من صراع واحد أكبر “سيقرر مصير روسيا والعالم بأسره”.

ولفت التحليل الذي نشرته “فورين أفيرز” إلى أن مثل هذا الصراع سيكون كارثيا من نواح متعددة، فقد يؤدي العدوان الصيني على تايوان إلى اندلاع حرب مع الولايات المتحدة، مما يؤدي إلى تأليب أقوى جيشين في العالم—وترسانتيهما النوويتين—ضد بعضهما البعض، ومن شأن ذلك أن يشد التجارة العالمية بطرق تجعل الاضطرابات التي أثارتها الحروب في أوكرانيا وغزة “تبدو تافهة”.

أما في الشرق الأوسط، فقالت “ذا إيكونوميست” إن ما بدأ في أكتوبر، كحرب بين إسرائيل وحماس، تحول الآن إلى قتال يشمل 4 دول عربية أخرى، بالإضافة إلى ذلك، قامت إيران وإسرائيل والأردن بقصف سوريا هذا الشهر، كما قصفت إيران بشكل غير متوقع باكستان، التي تم جرها بشكل غير متوقع إلى هذه الفوضى.

وتحاول الولايات المتحدة إزاء تلك الأوضاع، إيجاد التوازن. فالرئيس جو بايدن لا يريد الانجرار إلى حرب أخرى في الشرق الأوسط، وبالتأكيد ليس في عام الانتخابات، وفي العراق وسوريا، ترد القوات الأميركية بشكل خجول، مقارنة بحجم الهجمات التي تتعرض لها.


جبهات مشتعلة

مدير الاستراتيجيات والتسليح بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره لندن، والمسؤول السابق في حلف شمال الأطلسي، وليام ألبيركي، قال في حديث خاص لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن هناك عددًا من الجبهات المشتعلة حول العالم الآن سواءً في الشرق الأوسط حيث حرب غزة، أو أوروبا حيث الحرب في أوكرانيا، أو أزمة الصين وتايوان، فضلًا عن مواقف كوريا الشمالية.

وأوضح “ألبيركي” أن هناك صراعات أكثر حدة في مناطق متعددة من العالم في وقت واحد مما رأيناه في وقت سابق، رغم أن هناك تقديرات بألا تساهم أغلبها في التحول إلى حرب عالمية تشارك فيها قوى متعددة، لكن في رأيه فإن “أكبر المخاوف فيما يتعلق بالحرب العالمية هي أن تقرر الصين أن الولايات المتحدة مشتتة بما يكفي لتبرير هجوم على تايوان”، مشددًا على أن “هذا سيكون له عواقب تُغيّر العالم”.

واعتبر أن الصراعات في كل مكان في العالم أصبحت مترابطة ومعقدة بطريقة مشابهة للوضع قبل الحرب العالمية، مرجعًا ذلك إلى أن “هذا يأتي بشكل أساسي لأن روسيا تعمل بشكل جاد لربطها ببعضها البعض”، ضاربًا المثل بأن روسيا تدعم كلا من إيران وكوريا الشمالية، على أمل إلحاق الضرر بالولايات المتحدة، ولكن في الوقت نفسه، تربط هذه الصراعات دون داعٍ بحربها على أوكرانيا.

وأضاف: “أعتقد أن انفجارا كبيرا يمكن أن يحدث إذا حاولت دولة اختبار الولايات المتحدة لمعرفة ما إذا كانت مشتتة حقا في الوقت الحالي، وأعتقد أنهم سيكتشفون بسرعة أن الولايات المتحدة سترد بشكل حاد للغاية، مما قد يتسبب في دوامة تصعيدية”.

بيد أنه مع ذلك يعتقد أن العالم ليس على شفا حرب عالمية، مبينًا ذلك بأن “الصين تتفهم حماقة التقليل من شأن الولايات المتحدة، لكن يبدو أن روسيا عازمة على تقسيم العالم إلى معسكرين، والتأكد من أن جميع الدول المُدمّرة تقف إلى جانبها، لذلك لا يمكنني استبعاد صراع أكبر”.


فوضى عالمية

وفي تقدير المحلل السياسي والمستشار الاستراتيجي الإيطالي، دانييلي روفينيتي، فإن “هناك مرحلة من الفوضى العالمية مستمرة ومعقدة للغاية”.

ومع ذلك، قال روفينيتي، في حديث لموقع سكاي نيوز عربية: “لكنني لا أعتقد أننا نواجه الشروط المسبقة لحرب عالمية في الوقت الحالي أيضا، لأن القوى العالمية تتحدث مع بعضها البعض ويبدو أنها قادرة على إيجاد حواجز حماية لتنافسها”.

وشدد على أنه مع ترابط الصراعات في كل مكان حول العالم سيكون الأمر أكثر تعقيدا، ولهذا السبب نحتاج إلى الحفاظ على أشكال الحوار الثنائي بين القوى، والتي يجب أن تتحمل مسؤوليات لتحمل عبء الوضع الحالي، ثم نحتاج إلى الحوار داخل الآليات الإقليمية والدولية والعالمية المتعددة الأطراف.

وحذر من حدث انفجار كبير في أي لحظة، متابعًا: “هذا هو الغرض من الآليات، وهذا هو الغرض من الحوار والتواصل، فعلى سبيل المثال، في مناطق مثل بحر الصين، حيث تقوم الصين والولايات المتحدة بالمناورة يوميا، يعد تجنب الحوادث أمرا بالغ الأهمية، وللقيام بذلك، يجب الحفاظ على الاتصالات الدبلوماسية والعسكرية”.

وشدد على أنه يجب أن يُقابل هذه الاتصالات المباشرة حوارًا داخل الآليات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة.

الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الدولية والاستراتيجية، إيرينا تسوكرمان قالت لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه ما إذا كانت الصراعات الحالية مرشحة للتحول إلى حرب تقليدية عالمية كبرى أم لا، يعتمد كثيرا على اتجاه القوى الكبرى مثل “الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الهند، والدول الأخرى”.

وأشارت إلى أنه في حين أن التطورات التكنولوجية والتفاوت العسكري بين مختلف الأطراف تجعل من غير المحتمل أن تتكرر الصراعات الجديدة للحرب العالمية الأولى والثانية بشكل كامل، فهناك الآن مجالات أكثر بلا حدود للتعاون والمواجهة.

ولفتت “تسوكرمان” إلى أن “الحرب العالمية ليست حتمية وربما لن تبدو مثل أي شيء نتخيله، ولكن كلما سمحنا لأي صراع واحد بالخروج عن السيطرة دون مواجهة السبب الجذري الذي يكمن في العدوان الجامح من قبل تحالف من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، كلما كان هناك احتمال أن تتصاعد هذه الصراعات وتنتشر وتشتبك مع عدد متزايد من القوات وتسبب الضرر”.

ليست “طلقة واحدة”

وتطرقت الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الدولية والاستراتيجية، إلى الحديث عما تراه “مصادر حالية للتهديد”، لافتة إلى أن “روسيا والصين وإيران ووكلائها وكوريا الشمالية” تعمل بشكل متضافر لتقسيم العالم إلى مناطق نفوذ ومناطق صراع مختلفة يتم دمجها من خلال الدعم السياسي المشترك، وتقاسم الأسلحة والموارد الأخرى.

ومع ذلك، فإن مختلف القوى متوسطة المستوى وحتى القوى الأكبر منقسمة في استجابتها، وهي غير مستعدة لمواجهة حقيقة أن الهدف طويل المدى لهذه الجهات الفاعلة ليس التعاون مع الدول الأصغر ولكن الهيمنة والسلطة المطلقة، وفق تقدير “تسوكرمان”.

وأضافت: “ومع ذلك، فإن الفرق الواضح بين الوضع الحالي وما قبل الحرب العالمية الأولى والثانية، هو أنه نظرا لطبيعة العولمة، ليست هناك حاجة إلى “طلقة واحدة” للمشاركة في التصعيد، وبدلا من ذلك، نرى أن العديد من هذه الطلقات قيد التنفيذ بالفعل في مناطق مختلفة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى