أحوال عربية

حرب جديدة تهدد الشرق

كاظم فنجان الحمامي

تحيرني التحليلات العربية التي يستعرضها البعض من وقت لآخر على شاشات التلفاز، وفي منصات التواصل حول الحشود الحربية المكثفة في منطقة الشرق الأوسط، وفي القارة السمراء، وفي بحر الصين ومضيق تايوان، وعلى الجبهة الاوكرانية، وفي كل المحاور القتالية المتفجرة بالغارات الحربية المتصاعدة. بينما ينشغل المحللون العرب بتضليل الناس، والتشويش على عقولهم، وإستغلال ميولهم الطائفية، وتأجيجها ضد القوميات والأقليات. .
محللون عسكريون لم يخدموا يوماً واحداً في الجيش، ولم يشاركوا في معركة حقيقية بالذخيرة الحية. ومحللون متأسلمون يحملون عقولاً مشفرة لإشاعة الفتن وتجنيد المغفلين للالتحاق بصفوف الفصائل المتطرفة. ومحللون سياسيون متناقضون مع أنفسهم وكأنهم في حوار متشنج لبرنامج الاتجاه المعاكس أو المشاكس. .
منهم من يتحدث بلسان أمريكي منحاز بالكامل للمعسكر الغربي، فيجاهر باقتراب العد التنازلي المحتمل لزوال إيران وحماس والحشد الشعبي. ومنهم من يتحدث بلسان غيبي ليوهم الناس بزوال اسرائيل على طريقة (بسّام جرار) الذي لا شغل له سوى تحريض الفلسطينيين ضد الخليجيين. .
وبالتالي لن يستطيع المتلقي العربي أن يكوّن صورة مبسطة وواضحة لما يجري أمامه الآن في ظل حملات التشويش والتضليل، في الوقت الذي تسللت فيه الغواصات وحاملات الطائرات والفرقاطات إلى حوض الخليج العربي، وفي الوقت الذي تمترست فيه الجيوش الامريكية في خنادقها غرب الفرات، وفي الوقت الذي باشرت فيه تل ابيب بإطلاق صواريخها في كل الاتجاهات. وفي الوقت الذي يشهد فيه الموقف العربي تمزقاً وتناقضاً غير مسبوق. وفي الوقت الذي تغط فيه الجامعة العربية في نومها العميق داخل ردهات المنوّم المغناطيسي (أبو الغيط). .
في هذا الوقت بالذات أعلنت إيران عن تأهبها لخوض معركة مجهولة العواقب، وأعلنت امريكا عن رغبتها في إجتياح المنطقة وتغيير ملامحها، والتلاعب بانظمتها الجيوسياسية، وإحكام قبضتها على حقول النفط والغاز. فالثروات التي فقدتها فرنسا في قلب القارة السمراء لا تريد امريكا فقدانها في الشرق الأوسط. .
فهل سأل المحللون المنافقون أنفسهم عن أحوال موانئنا التي ستتعرض للشلل التام في حوض الخليج العربي عند انطلاق الشرارة الأولى ؟. وهل سألوا أنفسهم عن مصير الملاحة البحرية في مضيق هرمز ومضيق باب المندب ؟. وهل تطرقوا لاحتمالات توقف سلاسل الإمدادات الغذائية والصحية إذا ما اندلعت الحرب ؟. وعن توقف صادرات النفط والغاز وأسعارها في نشرات منظمة أوبك ؟. وعن حرية السفر والنقل الجوي في فضاءات تعج بالصواريخ البالستية العابرة والطائرات المسيرة ؟. ماذا لو استخدمت القنابل الجرثومية في هذه المعركة المرتقبة ؟. وهل فكّر المحللون ولو للحظة بأحوال المرضى والجرحى والشيوخ والأطفال الذين سيواجهون النقص الحاد في الغذاء والدواء ؟. .
ولا فضائية عربية أو اجنبية ناقشت حتى الآن حجم الأضرار والدمار الذي ستخلفه الأسلحة غير التقليدية المتوفرة لدى الاطراف المرشحة لخوض الحرب القادمة. منذ أيام وأنا أتابع تحليلاتهم وتعليقاتهم ومقالاتهم فوجدت نسبة كبيرة منها منحازة إلى هذا الطرف. أو داعمة للطرف الآخر. من دون ان أعثر بينهم على من ينحاز للمواطن العربي الذي سيكون ضحية لكل العمليات الحربية في عموم المنطقة. .
والله يستر من الجايات. . .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى