ثقافة

تعذيب الضمير

في رواية المراهق يقول دوستويفسكي : فانظر كيف تكون الحياة حين تثقل الخطيئة على ضمير المرء !
وهذا ما حصل بضبط مع راسكولينكوف بطل رواية الجريمة و العقاب عندما جاءت عنده أخته #اَفدوتيا في وقت كان يشعر بالوحدة لدرجة أنه لم يشعر قبلها بأنه وحيد إلى هذا الحد من الوحدة ! ودار حديث بينهما . وعندما ارادت الخروج نظر أليها راسكولينكوف نظرة ألم، كم كان يطيب له وقتها أن يحتضن أخته ويعترف لها بجريمته ولكنه تردد لسبب واحد، أنها قد ترتعش خوفاً حين تتذكر أن هاتين اليدين التي احتضنتها قد ارتكبت ابشع جريمة !

يقول_دوستو واصفاً المشهد : إنه في لحظة من اللحظات (هي اللحظة الأخيرة) قد استبدت به رغبة قوية في أن يحتضنها بذراعيه وأن يقول لها كل شيء، مودعا إياها، لكنه لم يستطع أن يعزم أمره على أن يمد إليها يده، وأضاف يحدث نفسه قائلا: ” في المستقبل، قد ترتعش حين تتذكر أنني أحتضنتها بذراعي “

حقاً أن راوية الجريمة والعقاب مثال حي على الصراع النفسي بين الاختراع الذي اخترعه الانسان لمحاسبة نفسه الا وهو الضمير الذي يمثل إنسان کامل داخل أنفسنا البشرية .
يقول الفيلسوف الروسي #تولستوي : ” للإنسان محكمته الخاصة، الضمير . عليه أن يخشى من حكمه “
فعلأ إن الضمير هو بمثابة صوت الله موجود في الإنسان فهو جنه الانسان وسجنه، كما خاطب #روسو الضمير قائلا أيها الضمير، أيها الدليل الوطيد لموجود جاهل محدود.. لولا أنت، ما شعرت بشيء في نفسي يرفعني فوق البهائم، لولا أنت ما شعرت بغير امتياز كئيب من الضلال بين خطأ وخطأ .
لذلك في الأخوة كارامازوف يقول دوستويفسكي : العقاب الحق، العقاب الذي يخيف ويهدئ في اَن واحد، العقاب الوحيد الناجح المجدي، هو حكم الضمير على صاحبه .
راسكولينكوف الذي يبحث عن الراحة والأستقرار بعد ذلك العناء والتعب والألم، كان يعرف أن راحتهُ في كشفه وأعترافه بالحقيقة كاملة، حتى لو كلفته الخلود إلى السجن .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى