مجتمع

تحشيش

 
حنان محمد السعيد
احتلت مصر بحسب المنظمات الدولية المركز الأول في تعاطي وادمان المخدرات على مستوى العالم، واحتل الحشيش المركز الأول ضمن المخدرات الأكثر استخداما بين ابناء الشعب، ويأتي بعده الترامادول وهو بالمناسبة النوع المفضل للقائمين على حماية مصالح الشعب بحسب التسريبات الصادرة من القصر الجمهوري!
فهل تعتقد ان انتشار المخدرات بهذه الصورة هي بسبب عدم قدرة الأجهزة الأمنية على ملاحقة التجار والمهربين والمنتجين حقا؟
لقد نشر موقع فورين بوليسي مقال بعنوان “اذا كنت تريد حشيش في القاهرة فتحدث الى الشرطة” وعزي فيه الحرب في سيناء الى صراع بين السلطات والتجار الكبار في سيناء على التحكم في هذه الامبراطورية الضخمة التي تساوي تريليونات الدولارات.
رابط المقال:

Looking for Hashish in Cairo? Talk to the Police


وبحسب مركز بصيرة فإن حجم تجارة المخدرات في مصر في عام 2015 بلغ 400 مليار جنيه وهو ما يوازي نصف ميزانية الدولة، وهو ما يفوق كل المبالغ التي تنفق على التعليم والتغذية والسكن والرعاية الصحية في عام!
وانتشار المخدرات في مصر لا يستهدف فقط الربح، ولكن تغييب الوعي الجمعي وصناعة شعب فاقد للشعور لا يميز بين الخطأ والصواب وهو ما نتج عنه ظهور جرائم مفرطة في البشاعة لا يمكن ان يقرها عقل واعي وضمير حي، وانتشرت ظواهر مثل زنا المحارم وخطف واغتصاب الأطفال وقتل الصديق صديق عمره بسبب مبلغ تافه وغيرها من الحوادث بالاضافة الى ارتفاع معدلات الانتحار والرغبة في ايذاء النفس.
ان تغييب الوعي احد اهداف الحكومات الفاسدة ولا اعتقد ان هناك حكومة كانت على عداء حتى مع المكتبات العامة مثل الحكومة المصرية الحالية والتي اغلقت مكتبات الف والكرامة والبلد والحبل على الجرار، وكأن بينها وبين الثقافة والوعي ثأر قديم.
ان الأجهزة الأمنية التي تراقب المعارضين على مدار الساعة وتبحث في كل كلمة تكتب على شبكة الانترنت وتتولى عملية تحطيمك والتشهير بك في كل لحظة في حالة كنت معارض ليس من العسير عليها ان تطارد تجار المخدرات لو ارادت، فلديهم جيوش من المخبرين تطوف الشوارع وهو يعلمون جيدا مكان تجار المخدرات وهؤلاء يعملون تحت سمعهم وبصرهم.
ان السلطات المصرية لا تطارد مغيبات الوعي ولكن تطارد الوعي ولا تطارد الفساد وانما من يعترض عليه وهو ما جعل حال المجتمع بالكامل في تردي مستمر فقد اجتمعت عليه كل وسائل التحلل والتغييب من اعلام ينشر الدجل لتعليم فاشل لفساد مستشري لقانون مغيّب تاركا المجال مفنوح امام قوانين البلطجة وفرض القوة.
ان الأمم التي ينتشر بينها المخدرات وتنعدم الأخلاق وينتهي العدل هي امم فانية لا محالة ويبدو ان هذا هو ما كان يقصده المسؤولين حين قالوا انهم يستهدفون تخفيض اعداد المواطنين في مصر وليس تخفيض معدلات الانجاب كما هو الحال في الدول التي تعاني زيادة سكانية كبيرة.
ان الشعب حاليا يعيش في عالم من الوهم ينسجه لهم الدخان الأزرق ويرى فيه مشروعات ضخمة ليس لها وجود على الأرض ومستقبل باهر لن يتحقق ومكانة بارزة لبلاده لا اصل لها وليس لك ان توقظه أو تشرح له حقيقة الوضع بالأرقام!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى