رأي

الدولة والشباب ولوبيات الفساد.. رب عذر أقبح من ذنب.

الدولة والشباب ولوبيات الفساد.. رب عذر أقبح من ذنب.

رشيد مصباح (فوزي)

**

قديما أرادوا أن يقيموا حد السّرقة على شاب فقال لهم: “اقطعوا لسان والدتي قبل أن تقوموا بقطع يدي”. لأن والدته كانت تتباهى به أمام النّساء الأخريات وتقول عن ابنها صار رجلا.

ممّا لاشكّ فيه أن مصدر كل الشرور في هذه الحياة هو الجهل. وللجهل والخرافات دور كبير في التّشجيع على الفساد: زمان كنا نعتقد أن السّحر لا يؤثّر في شارب الخمر، وكان بسبب هذا الاعتقاد الزّائف يلجأ العريس الجديد إلى تحصين نفسه و”غسل أمعائه” بالخمر قبل انفراده بالعروس ليلة الدخلة.

لوقت طويل، ظلّ هذا الاعتقاد سائدا ينخر المجتمع العريض، وكما أن للاختلاط بين الجنسين دور في ظهور وانتشار الكثير من الأمراض النفسية ـ الاجتماعية. ولكن الجهل بالأسباب وراء تبرير وتأخير الكثير من مثل هذه الأمراض و الآفات.

نهضتُ اليوم على خبر إلقاء القبض على أحد أبناء الحيّ بتهمة الترويج للمهلوسات. وكنتُ يوميا تقريبا أمر أمام محلّ هذا الشّاب الخلوق دون أن يسترعي انتباهي أيّ شيء؛ لقد كان ألطف وأعقل شبّان الحيّ. لم يخطر ببالي يوما أن مثل هذا الشّاب الخلوق يروّج لمثل هذه المصائب.

النّاس في هذه الأيّام يتهافتون على تجارة المخدّرات والمهلوسات جريا وراء الكسب، والرّبح السّريع. وقد تجد هناك من يبرّر مثل هذا السلوك المنحرف بالفقر وغلاء المعيشة… و”ربّ عذر أقبح من ذنب”.

إلى متى و الجميع؛ مسؤولون وأولياء واوصياء…، ينظر وينتظر؟

ما قيمة الحياة من دون هؤلاء الشباب؟

ما أهميّة وجود الدولة في ظلّ هذا الانحلال والانحراف لهذه الشريحة الواسعة من المجتمع؟

هل على الدولة أن تتعلّل بما تجنيه من مداخيل وجمع للمال “الحرام” جرّاء ما تفرضه من ضرائب ورسومات على بعض المواد، والتي تشكّل خطرا و تعود بالضّرر على مختلف أفراد المجتمع ؛ من تجارة الخمور والمهلوسات وبيع أنواع السّجائر وغيرها…؟

على الدولة أن تقتلع الفساد من جذوره، قبل أن تتخلّص من هؤلاء الشباب المنحرفين وترمي بهم في غياهب السجون: وبيتحتّم عليها محاربة المفسدين مصدر كل فساد، قبل أيّة محاولة تفضي إلى إلقاء القبض على هؤلاء الشباب، إذا كان لهذه الدولة وأجهزتها إرادة حقيقية.

في مثل هذه البلدان التي تتبنّى في دساتيرها شعار: “الإسلام دين الدولة”، تنشط عصابات المافيا واللّوبيات الخطيرة التي تروّج للزّنا وشرب أنواع الخمور والسجائر… في وضح النّهار، ولا تجد من يعترض سبيلهاَ!؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى