أحوال عربيةأخبار

انسحاب بلا شروط.. هل ستترك أمريكا سورية ؟

انسحاب بلا شروط.. هل ستترك أمريكا سورية ؟

الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري

منذ اليوم الأول للحرب على سورية والجميع يدرك جيداً أن أمريكا هي من تقود هذه الحرب على سورية، وهي من تخطط وتنفذ عبر أدواتها المعروفه من الجماعات المسلحة الإرهابية، حيث أرسِلت أولى طلائعها العسكرية إلى سورية عام 2014 تحت مظلة الحرب على تنظيم داعش، غداة إعلان الأخير عن خلافته المزعومة، ولاحقاً جرى تأطير هذا الوجود الذي بدأ بعشرات الجنود ووصل إلى الآلاف مع مرور الزمن في إطار التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي.

من المعروف أن سورية لديها موقع إستراتيجي مهم، وهي غنية بالثروات وتمثل موقعاً مهماً في الخارطة الجيو سياسية، ولا يخفى على أحد الأطماع الإستعمارية فيها، ولهذا يتحرك الأمريكان والصهاينة وحلفاؤهم لفرض الهيمنة عليها، وكذلك خلق مبررات وذرائع من شأنها تهيئة الأرضية المناسبة التي يريدون العمل عليها، من خلال إنشاء قواعد عسكرية جديدة في بلدة الباغوز بريف دير الزور، التي تقع تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية وتدعمها واشنطن، كما تعد محافظة الحسكة مركز الانتشار العسكري الأمريكي الأبرز في سورية، وتعتبر غالبية القواعد العسكرية موجودة في مناطق حقول النفط والغاز وقوات “قسد”.

بعد أن فشل الرهان الأمريكي على الربيع العربي لإسقاط الدولة السورية وبعد أن تيقن الغرب أن الفشل هناك هو سيد الموقف، وأن الجهد الذي بُذل طوال السنوات الماضية سيذهب إدراج الرياح وسيتغير وجه المنطقة ومسار الصراع، فكان لا بد من إستثمار الإرهاب من جديد، لمنع سورية من الدخول في مرحلة هزيمة المشروع الغربي وتدمير كل ما بقي منها من مؤسسات وبنى تحتية وإقتصاد ومظاهر دولة لتحقيق مشروعهم الكبير.

هنا لا بد من التذكير بأن الإدارة الأمريكية فرضت أسلوب جديد من الحرب ضد كل من يخالفها أو يواجه مشاريعها في المنطقة، فأصدرت “قانون قيصر” على الشعب السوري والذي يفرض عقوبات طويلة الأمد على مختلف الجوانب الاقتصادية وخلق طرق بديلة لإسقاط دمشق وتحقيق مآرب العدو الصهيونيّ الغاصب في المنطقة، بعد فشلها في تنفيذها منذ أكثر من 12 سنة من انخراطها في الحرب العسكريّة ضد السوريين.

استمراراً لمساعيها الرامية إلى نهب الثروات السورية ضمن المناطق التي تحتلها شمال شرق البلاد تواصل أمريكا نهبها للنفط السوري ونقله عبر الأراضي العراقية، رغم إعلان الرئيس الأمريكي أكثر من مرة عن نيته الإنسحاب من سورية إلى أنه يتذرع بتعزيز وجود قواته العسكرية المحتلة في شمال شرق سورية، لحماية حقول النفط هناك من السقوط مجددا بيد تنظيم داعش حسب زعمه.

المقاومة الشعبية تظهر من الحين للأخر وتستهدف القواعد الأمريكية في حقل العمر ومخيم الركبان شمال شرقي الحسكة، وغيرها من المناطق، ولهذا من المتوقع أن تقرر الولايات المتحدة يومًا ما الانسحاب من سوريا، لا سيما وأن الرئيس الأمريكي أعلن أكثر من مرة أنه سوف ينسحب من سورية وأنه لم يحقق أي شيء.

أن الوجود الأمريكي في سورية لن يستمر طويلًا لعدة أسباب، أهمها أن الولايات المتحدة الأمريكية عندما تواجه أي مقاومة تنهزم وتنسحب، وأنه لا يمكن التعويل على الأكراد الانفصاليين، خصوصا وأن الوضع الإقليمي ضد هذه المجموعات الانفصالية سواء في تركيا أو سورية أو العراق، ولا يمكن لهذا المشروع أن يكتمل.

في الإتجاه الآخر، يعرف بايدن أنه في ورطة كبيرة لا يستطيع أن يمنع الجيش السوري من تحرير المنطقة من عصابات الإرهاب وفي نفس الوقت يدرك عواقب فشله في سورية، ويعرف العواقب الوخيمة التي سترتد على قواته المتواجدة فيها وفي المنطقة التي تعددت فيها مغامراته اللامسؤولة ، بالتالي سيبتلع بايدن مرغما ما تلقاه من هزائم حتى الآن، وسيتقبل بحدود الدور المقرر له بعد التطورات الميدانية في سورية، كما يعرف أن القادم أصعب بالنسبة له كونه يدرك أن التراجع في سورية يعنى الهزيمة الصعبة التي وصلت إليها مغامراته في سورية.

مجملاً…. على الرغم من أن أمريكا وبعض حلفاؤها يضعون الإستراتيجيات والمخططات، للوصول الى أهدافهم، ولكن ما أكثر هذه المخططات التي اصطدمت بإرادة الشعب السوري وتكسرت على صخرة مقاومته،وأثبت الجيش السوري أن سورية تعبر المستحيل ومهما اشتدت المصائب عليها لا تتأثر بل تخرج منها أقوى وأكثر إصراراً وعزيمة في مواجهة الإرهاب،

إن واشنطن تلعب بالنار، ولكنها نار مختلفة هذه المرة وتزداد قوة وقد تحرق أصابع أخرى، وأمريكا كعادتها دائماً تهرب من المنطقة إذا وجدت إن الخسارة كبيرة، هكذا فعلت في الصومال والعراق، وهكذا ستفعل في سورية، والمأمول آن تدرك القيادة الأمريكية حجم مغامرتها اليائسة في سورية، وتبادر الى مراجعة حساباتها، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع السوري.

وأختم بالقول… إن ساعة الرحيل الأمريكي من سورية ليست بعيدة، وقد تغيّرت سورية كثيراً عما عرفتها أمريكا عندما استقدمت داعش وأخواتها، وأن سورية دائماً من انتصار إلى انتصار رغم أنف البيت الأبيض وأعوانه، وأن سورية لن تعود إلى الوراء مهما حاول الواهمون لأن أبناءها قادرون على تخطي هذا المرحلة بكل قوة وعزيمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى