الجزائر من الداخلقانون وعلوم سياسيةقانون وعلوم سياسية و إدارية

المواطن و المواطنة

التأكيد على أن الفرد هو أساس تكوين المجتمعات الإنسانية، وهو أصل الإصلاح أو الافساد في الأرض، فلا يصلح من حوله شيءٌ إلا بصلاحهِ، فهو ركيزة البناء والتغيير، لأجل ذلك يؤكد أهل “علم الاجتماع والفكر السياسي” أن مشروع بناء النهضة، أو المشروع الإصلاحي، يجب أن يبدأ بالإنسان الفرد وارادته لضمان نجاحه، فهو “رأسمال الاجتماعي” ومحور صناعة تقدم الانسانية والحضارة.
والتعريف الاجتماعي لعلاقة الدولة بالمواطن (المواطنة) يشمل ارتباط الفرد بالمجتمع السياسي بشكل عام، وما يدخل في إطار هذا المفهوم من قيم الولاء والانتماء والمشاركة والحرية ويعزز مشاعر الوطنية ويدفع المجتمع إلى التماسك والتعايش وفق قواسم قيميّة مشتركة.
وبالتالي “المواطنة” اصطلاح يشمل مجمل الواجبات والحقوق المدنية على مختلف المستويات، وتاريخياً، تطوّرت الجماعة البشرية بالتوازي مع التطور المدني لمفهوم الكيان السياسي التقليدي (المدينة- الدولة) أو الدولة المعاصرة مطلع العصر الحديث، ولا شك أن الدولة –إذا- هي أساس نشوء وبروز المجتمع المدني المعاصر، بحكم وظائف الدولة التقليدية: إدارة شؤون الحكم وضبط العنف أو ممارسة “العنف الشرعي” لضمان الأمن الداخلي والسلم الأهلي، وممارسة العملية السياسية، وتقديم الخدمات الأساسية في اطار مؤسسات بيروقراطية.
ولا شك -بالتالي-أن الدولة هي أساس وجود المجتمع المدني، ونقصد به المجتمع المُنظّم والذي يتشكل من مؤسسات وتكتلات شعبية (اجتماعية وسياسية واقتصادية وقانونية) في إطار قوانين الدولة، فكلما كان المجتمع المدني فاعلاً، كلما كانت الدولة حضارية ومدنيّة.
والمجتمع المدني بدون دولة قوية، مجتمع غاب يخضع للفوضى ولشريعة ما قبل القانون، وبالمقابل، فان الدولة أيضاً، بدون قيمة الفرد والمجتمع المدني الفاعل، تعتبر أشبه بدولة “الثقب الأسود”- نسبة للظاهرة الفلكية المعروفة، حيث تجذب السلطة التنفيذية كل ما يحيط بها من مجال سياسي واجتماعي ولا يفلت من قبضتها شيء- التي تتّسم بالاستبداد والقمع وتتركّز كافة السلطات فيها بيد فئة محددة تقوم بتهميش كافة القوى والمؤسسات الشعبية والمدنية.
ولا يجوز الفصل بين المجتمع المدني والدولة، لأن الفصل بينهما يؤثّر على تعزيز دور الفرد في المجتمع والدولة معاً، فالمجتمع الذي يخضع لقانون يحمي حقوق الأفراد وحريتهم هو بالمحصلة يخدم مصلحة الدولة العليا، وهو رديف الدولة الحقيقي في ظل عجز أو ضعف مؤسسات الدولة عن القيام بدورها، كما هو في الأزمات والحروب والنزاعات.
أما إن لم يجد الفرد ملاذاً آمناً في مؤسسات المجتمع المدني لتعزيز حريته وحفظ كرامته، اتّجه نحو كيانات لا تمثل المجتمع، ولا تخضع للدولة وقانونها الداخلي أيضاً، وهو ما يشكل خطراً جسيماً على بينان الدولة ومؤسساتها ويسهم في خلق الفوضى واشاعة الاضطراب والقلاقل، مهما بلغت قوة أجهزة الدولة في ضبط العنف أو ادارة النزاع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى