الرؤية الحالية والمستقبلية للامن الاقتصادي العراقي
عبدالكريم قيس عبدالكريم
ماهي الرؤية الحالية والمستقبلية لتحصين الامن الاقتصادي العراقي ؟
الاجابة على ذلك تنطلق من عدة منطلقات سياسية ودستورية وأمنية ، وتجتمع تلك الرؤى من أجل تحقيق ذلك الهدف ،لما للموضوع من اهمية واسعة وتأثير مباشر في التقدم والرقي والازدهار والاستقرارالسياسي والاجتماعي والقضاء على الفقر ونسب البطالة وغيرها .
ومما لاشك فيه ان العراق في بنيته وموقعه وما يمتلكه من موارد اقتصادية اصبح العامل الاقتصادي سبب اساسي في عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي لفترات متعاقبة وذلك بسبب الصراعات المستمرة والتي لم تقتصر على الصراعات الداخلية وأنما أمتدت الى المستى الاقليمي والدولي وبسب اهمية العراق وموقعه الاقتصادي ، وفي المقابل من هذه الاهمية هنالك عدم تكافئ في المعادلة ، حيث ان العراق يشهد معدلات في نسب معدلات الفقر والبطالة، مقابل ما يمتلكة من موارد مختلفة وهذا مما يتطلب وضع ستراتيجية فاعلة حقيقية لتحصين تلك الموارد الاقتصادية من اجل سببين الاول تخفيف حدة الصراعات والثاني من اجل خلق معادلة متكافئة بين ما موجود من موارد وبين الواقع الاجتماعي لنسب الفقر والبطالة وغيرها.
والسبل القادرة على تحصين تلك المعادلة لابد ان تكون هنالك خطط ستراتيجية تنموية فاعلة، اضافا الى الجدية في العمل من قبل القوى السياسية الفاعلة التي تمتلك سلطة القرار السياسي، اضافة الى تنازل تلك القوى عن المصالح الفئوية الخاصة من اجل المصالح العليا للبلد ، وكذلك لابد من العمل الجاد في محاربة الفساد بصورة فاعلة .
إن الأمن الاقتصادي قضية هامة ومطلب أساسي لضمان بقاء الإنسان على قيد الحياة وضمان استمراره، فبانعدام الأمن تتعذر سبل العيش الكريمة للفرد وانعدام الاستقرار في كافة مجالات حياة الإنسان خاصة الاقتصادية باعتباره أساس تقدم وازدهار المجتمعات، لذلك ينبغي تحقيق الأمن الاقتصادي من خلال ضمان مناصب عمل وأجور مناسبة لتخفيض معدلات البطالة والفقر. يعد الأمن الاقتصادي من الأولويات التي تسعى الدول إلى تحقيقه ، ويفترض من المطالب المهمة التي تسعى الحكومات العراقية لتحقيقه وذلك بسبب الازمات المستمرة التي تحصل كا بروز الاحتجات والمظاهرات التي تطالب بتحسين الواقع الخدمي والاقتصادي ، وكذلك أزمة النفط وانخفاظ اسعاره خصوصا وأن العراق يعتمد بصوره شبه كلية على المورد النفطي أضافة الى ارتفاع معدلات البطالة وتفشي ظاهرة الفقر وارتفاع معدلات التضخم وبالتالي انخفاض القدرة الشرائية للأفراد وتدني المستوى الاقتصادي .
من المفاهيم التي وردت حول الامن الاقتصادي بصورة مبسطة هو تحقيق فرص عمل للافراد تؤمن لهم دخلا اساسيا ، ومن خلال ذلك المفهوم المبسط تتضح العلاقة بين دور الامن الاقتصادي وتاثيره الاستراتيجي على الامن العسكري ، اذ تصبح هنالك معادلة واضحه حيث كلما كان الامن الاقتصادي على درجة من الفاعلية سوف يحد من نسب البطالة وهذا بدوره يقلل من الجريمة والاعمال التخريبية والاجرامية وهذا ما سيخفف العبئ على المؤسسة العسكرية ، والعكس من ذلك سوف يؤدي ارهاق المؤسسة العسكرية التي بدورها تسعى الى بسط الامن العام.
تبنى العراق منذ العام 2003 سياسات انفتاحية واسعة لتاسيس قواعد اقتصادية وتشريعية مهمة تعمل وفق آليات نظام السوق ، حيث ساعدت معضمها على تحسين تجارة العراق الاستهلاكية ، ولكنها في الوقت ذاته عانت معظم تلك التشريعات من التحجيم والاهمال بسب الصراعات السياسية وتعارضها مع المصالح الفئوية لبعض القوى السياسية .
من المسائل المهمة التي يوجب التوكيد عليها من أجل تحصين الامن الاقتصادي هو تفعيل النصوص التشريعية التي وردت في تنشيط الجانب الاقتصادي ، اضافة الى تعديل القوانين التي تقف حاجزا امام النمو الاقتصادي من اجل ان يتمكن العراق في الاندماج في التجارة العالمية والاستثمار الدولي ، اضافا الى التشريعات التي تحمي حقوق المستهلك والمنتج الوطني لكونها كفيله لضمان تقدم الاقتصاد الوطني وحل مشكلات الاغراق التجاري ، وهذا يتطلب تفعيل حقيقي الى القوانين الدستورية ، كا تطبيق وتفعيل التعرفة الكمركية بصورة فعالة وواضحة البيان وتشجيع التنافسية وحماية المنتج الوطني وحماية المستهلك وغيرها .
ضعف السياج الكمركي السيادي وهشاشة فاعليته ادى الى انتقال فائض رأس المال التمويلي وتراكماته الى معاقله في اسواق الاقليم الجغرافي المحيط للعراق وحرمان البلد من فوائض مهمة للتنمية .في المفهوم السياسي هنالك مبدا تعتمده الدولة في برنامجها الاقتصادي وهو الميزان الاقتصادي الذي يحدد حجم الاستيراد مع الحجم التصدير لاي دولة لها سوق داخل البلد من اجل الحفاظ على التوازن الاقتصادي وهذا ما يفتقده العراق اذ لا نغالي اذا قلنا كليا اذا لاتوجد نسبة بين حجم الاستيراد والتصدير بين العراق والدول الاقليمية والدولية وهذه بحد ذاتها تعد من الاخفاقات التي تهدد انهيار اقتصاد البلد
من المسائل الاخرى المهمة التي يوجب التركيز لها من اجل تحصين الامن الاقتصادي هواجراء تحول ايديولوجي في بناء الاقتصاد السياسي للعراق وتوضيح فلسفة الدولة الاقتصادية على وفق اي الاسس تستند في برنامحها وتوجهها الاقتصادي
وذلك يتم من خلال العمل الجاد على تبني ايديولوجيات لنشاطات خالقة للسوق ذات النمط المنتج المتمثل بأشاعة الشركات المساهمة او المساهمة المختلطة وتهيئة الانتقال الى نظام السوق الاجتماعي الموحد كبديل للنظام الريعي _ الليبرالي (المستهلك) الحالي والتخلص من اقتصاد سوق الظل ( الاقتصاد غير رسمي وغير المعرف امام الهيئات الضريبية ) والذي مازال يهيمن على 70% من نشاط القطاع الخاص حالياً
كذلك يوجب الاهتمام اللازم بالجانب الاستثماري وتفعيل هذا الدور يتعلق بالمسالة الامنية بصورة مباشرة ، فا البيئة الأمنة تساعد بصورة متسارعة لجلب الشركات الاستثمارية المختلفة داخل العراق ، خصوصا وأن العراق من الدول التي تطمح له الشركات الاستثمارية العالمية الكبرى والتسارع نحوه لما يمتلكه من موارد اقتصادية على قدر من الاهمية وكونه مركزا ستراتيجيا للأقتصاد الاقليمي والعالمي.
وخلق البيئة الامنة ليس مقتصر على التشجيع الاستثماري ، بل تفعيل مورد اقتصادي مهم اخر وهو الجانب السياحي الذي يعد من أبرز الموارد التي يمتلكها العراق وبتفعيل ذلك الدور سوف يحقق تخفيف العبئ على المورد النفطي .