ثقافة

الذكاء الاصطناعي ..ماذا يمكن أن يفعل ؟

لا يمكن تقييم الامكانات الحقيقية للذكاء الاصطناعي و الى اين يمكن ام صل في

نهاية المطاف .

هل يستطيع الذكاء الاصطناعي عبور حياتنا إذا كنا قد فشلنا في عبور اختلافنا؛
أجناساً، ألواناً، أدياناً وثقافات؟ هذا السؤال تطرحه رواية “أنا وأنت: حوار بين كوكبين”
للكاتب اللبناني غسّان شبَارو (الدار العربية للعلوم ناشرون، 2023). وهي المنجز الروائي
العاشر بعد مسيرة حافلة بالإنجازات لعبت دور المرجع والموجّه لذاكرة اللبنانيين على
مدى عقود من تاريخهم المعاصر.
يجيب الكاتب شبَارو عن السؤال المطروح من خلال حوار هاتفي من نوع خاص
يجري صدفةً برعاية الذكاء الاصطناعي بين كائنين مختلفين يعيشان على كوكبين
متباعدين. الأول، كائن أرضي ويتمثل بـ “يارا” الطالبة الجامعية والناشطة المدنيّة التي
تعيش على “كوكب الأرض”. والثاني، كائن فضائي ويتمثل بـ “فارس” المهندس في
تقنية المعلومات الذي يعيش على “كوكب يارا”؛ ليمثّلا بحوارهما واختلافهما حافزاً
مركزياً لتبلور خطاب روائي حداثي جديد يواكب به شبَارو التطور الذي يشهده العالم مع
دخول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات حياة الأفراد في المجتمعات المتقدمة، ويقارن بين
مستوى الحياة على
“كوكب يارا” وبين ما تعانيه المجتمعات من تخلّف وعجز في إدارة أنظمتها وإصلاحها
بلغة العصر ووسائله العلمية. لا بل قد استبدلت كل ذلك بتغليب منطق الديانة والطائفة
والمذهب والمحسوبية على لغة المواطنة والدولة والحياة المدنيّة. ويمثّل “لبنان” برمزيته
أرضية مثالية للبناء الروائي ودعوته إلى الحوار بين الأفرقاء اللبنانيين حين يُقَرِّبُ القارئ
من مجريات الأحداث ويشخِّصها أمام عينيه في الحاضر، حيّة نابضة.
وتمشّياً مع ما سبق، ينوب الحوار منابَ السرد، ويبعث الكاتب برسالة على لسان
شخصيتي روايته الوحيدين محمّلاً إياها مختلف المهام والرسائل إلى من تقع على عاتقه
مسؤولية البلاد والعباد؛ وليتدفق الحوار بينهما كنهر جار يناقش قضايا الوطن والبيئة
وحماية الطبيعة والصحة والكهرباء والمياه والتنمية المستدامة والكوارث الطبيعية
والمناخ والتنشئة الاجتماعية والمرأة وحقوقها الشرعية والمدنيّة ومنها حقها في
المشاركة السياسية.
“أنا وأنت: حوار بين كوكبين” تقليد إبداعي مغاير عما هو مألوف في أدبنا العربي،
ففي كل قضية يطرحها الكاتب شبَارو في هذا النص متعدد المستويات الأسلوبية والصيغ
التعبيرية، يضع قلمه على الجرح، فيعلّمنا أن القلم لا بدّ وأن يُحدث أثراً، فقرأناه روائياً
محارباً بقلمه وفكره وروحه قبل كل شيء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى