الانترنت والأمن
سعيد علام
اعلامى مصرى وكاتب مستقل.
“لدينا حكومة تقوم بمهمة مقدسة هى زيادة جمع المعلومات،
ولدينا صناعة تكنولوجيا معلومات تستميت فى سبيل أسواق جديدة”.
بيتر سواير، مستشار لحكومة كلينتون،
عن تلاقى القوى وراء فقاعة “الحرب العالمية على الارهاب”،
بمعنى الشركاتية: شركة وحكومة كبريان تجمعان قواهما الهائلتين لتنظيم حياة المواطنين وضبطها.
خلال تسعينيات القرن الماضى، تفاءل الجميع بالتطور فى تكنولوجيا المعلومات، باعتباره الطريق نحو عالم يتسم بقدر أكبر من الشفافية، ويزيل الحدود، وقدرة أكبر على التحرر المعلوماتى، وما إن حققت ثورة تكنولوجيا المعلومات هذه الانفراجة الديمقراطية الحديثة، حتى انقض عليها حكام العالم، لتتحول ثورة تكنولوجيا المعلومات من أداة للتحرر الانسانى، الى خدمة الهدف المعاكس. استطاعت تركيبة الرأسمالية “النيوليبرالية” الاقتصادية الحاكمة لعالم اليوم، أن تقلب أدوات ثورة المعلومات لتخدم الهدف المعاكس، وتحولت الهواتف النقالة والانترنت وكاميرات المراقبة فى الشوارع والميادين والمحلات العامة، ودور السينما والمسارح، ووسائل النقل العامة، وحتى تاكسى تكنولوجيا المعلومات .. الخ، تحولت الى أدوات قوية للمراقبة واسعة النطاق فى تعاون تام من قبل الشركات المخصخصة، وأجهزة ومؤسسات ووزارات الأمن والدفاع.
فى أعقاب أحداث 11 سبتمبر2001، مباشرة، أطلقت القوى الحاكمة عالمياً، بقيادة أمريكية، “الحرب العالمية على الارهاب”، ومع انتقال شركات التكنولوجيا من مجال الاعلام والاتصالات الى مجال الأمن القومى، كانت النتيجة دمجاً وإزدهاراً لشركات تكنولوجيا المعلومات فى سوق “الحرب العالمية على الإرهاب”، وبخلق مساحات أوسع من الفوضى والاضطرابات الناجمة عن سياسات التجويع “النيوليبرالية” الاقتصادية، وتسخير كل وسائل الإعلام للتركيز على مايفاقم مشاعر الخوف من الإرهاب لدى الجمهور، بات الخوف من الإرهاب فجأة اكبر بكثير من الحفاظ على حرمة الحياة الخاصة، ومن ثم بات من الممكن بيع المعلومات الشخصية التى تم جمعها من بيانات تكنولوجيا المعلومات، ليس فقط للأغراض التجارية، بل ايضاً، وبقيمة مضاعفة، لأجهزة الامن والدفاع المختلفة كبيانات أمنية. لقد قايضت “النيوليبرالية” الاقتصادية بواسطة سلاح “الحرب العالمة على الإرهاب”، الحرية الشخصية مقابل الأمن، فحقق عالم الشركات الخاصة “الشركاتية”، ارباحاً طائلة، ومازال.
من الأمثلة المدهشة، أنه مباشرة فى أعقاب اى عملية ارهابية، تنزل قوات عسكرية مدججة بأحدث الأسلحة وملابس القتال الميدانى، فى شوارع باريس او لندن أو أى مدينة أخرى، مع أن العملية الارهابية قد تمت وانتهت بالفعل، وأصبحت المهمة استخباراتية بامتياز، سواء شرطية أو عسكرية، فتكون النتيجة الفعلية، هى إرهاب السكان ومشاهدى نشرات الاخبار، ونشر “فوبيا الإرهاب”!.
لقد حدث ازدهار فى صناعة الأمن القومى مع كاميرات المراقبة، حيث وضعت 204 مليون منها فى بريطانيا، اى واحدة لكل 14 شخصاً، و30 مليون كاميرا فى الولايات المتحدة تصور حوالى 4 مليارات ساعة تصوير فى السنة!، ولكن ذلك ولد مشكلة: فمن كان سيشاهد ويحلل 4 مليارات ساعة تصوير؟!، وهكذا ظهرت سوق جديدة “لبرامج التحليل” تمسح الأشرطة وتخلق التطابقات، وهو ما خلق أكثر العقود ربحية للشركات الخاصة، على سبيل المثال: دفع سلاح الطيران 9 مليارات دولار لمجموعة من هذه الشركات، فى عقد واحد؛ لقد انفجرت صناعة الأمن القومى فى غضون بضع سنين فقط – وهى كانت بالكاد موجودة قبل احداث 11 سبتمبر –، وحينها تحولت المعلومات حول من يشكل تهديداً للامن او لا، الى منتج يباع، عندها تتغير القيم الثقافية، ويولد دافعاً قوياً لتحقيق الأرباح، واستثمار المشاعر الانسانية بالخوف والشعور بالخطر الذين كانا وراء إنشاء هذه الصناعة أصلاً.
لقد برز مجال أعمال جديد، ناجح ومربح، فكلما اصيب الناس بالهلع ظناً منهم أن الإرهابيين متربصون وراء كل مسجد فى العالم، بعد أن كان الشيوعيون فى السابق، انتشر نظام الهوية الالكترونية، وازدادت مبيعات آلات رصد المتفجرات، وكاميرات المراقبة الالكترونية. وبعد أن كان حلم العالم “قرية صغيرة”، خالى من الحدود، وكان مفتاح الأرباح فى التسعينيات، التجارة الحرة “العولمة”، أصبح كابوس الجهاديين والمهاجرين “غير الشرعيين” الذين يهددون العالم الغربى، يلعب الدور نفسه، المدر للارباح، بعد 11 سبتمبر 2001.
لم تعد الفوضى وعدم الاستقرار مكسباً لبعض تجار الأسلحة فقط، بل اصبح يولد ارباحاً طائلة لقطاع الأمن ذى التقنية العالية، ولصناعة البناء الثقيل، لإعادة الإعمار، ولشركات الرعاية الصحية المعنية بمعالجة الجنود المصابين، والمصحات النفسية، وحتى شركات دفن الموتى .. ولقطاعىْ الغاز والبترول، وبالطبع شركات المتعاقدين، “الشركات الكبرى الخاصة”، من أجل الدفاع.
(بعد حرب العراق، 22 جندى ينتحرون فى الولايات المتحدة، يومياً.)
https://cool.egybest.xyz/movie/thank-you-for-your-service-2017/?ref=search-p1
يعتبر مهندسو الحرب على الإرهاب من أوائل المستفيدين من الكوارث، حين تشكل لهم الحروب وغيرها من الكوارث، هدفاً بحد ذاته، حين يخلط “ديك تشينى” و”دونالد رامسفيلد” بين ما هو جيد لـ”لوكهيد” و”هاليبرتون” و”كارلايل” و”غيلياد”، وما هو مفيد للولايات المتحدة والعالم، يعتبر تقييمهما ذا عواقب خطيرة، فالكوارث هى التى تزيد من أرباح تلك الشركات، – الحروب والأوبئة “كوفيد 19، مثلاً”، والكوارث الطبيعية “الزلازل، الحائق الهائلة، الفيضانات .. الخ”، وازمات نقص الموارد، أى ان من مصلحة تلك الشركات زيادة واستمرار الكوارث.
على سبيل المثال، استفاد “ديك تشينى”، نائب الرئيس، من أسهمه فى شركة “هاليبرتون”، حيث قفز سعر السهم بنسبة 300%، بفضل تحليق أسعار الطاقة وإبرام العقود، الذين نتجا كلاهما بشكل مباشر عن دفع “تشينى” بالبلاد الى شن حرب على العراق.
للأسف، تساهم الشركات الخاصة العالمية العاملة فى مجال تكنولوجيا المعلومات، فى سياق سعيها الدائم والنهم لتعظيم أرباحها، فى توفير أدوات فعالة فى الرصد والتحليل والتعقب، لتشهد الساحة “الافتراضية” صراعاً بين قوى الحجب والإخفاء والتضليل، مستعينة بأحدث انجازات تكنولوجيا المعلومات، وبين قوى الإباحة والشفافية والبحث عن الحقيقة، مستعينة بمبادرات شبابية خلاقة، مبعثها إيمانهم العميق بقيم الحرية.
“نحن لا نبحث عن راية سلام، بل نهتم لسلام الأسواق”.
“شيمون بيريز” 1993.
ليس صدفة انه قبل سنوات من سيطرة الولايات المتحدة وأوروبا على امكانيات صناعة تكنولوجيا المعلومات، فى مجال الأمن العالمى، كانت مصانع اسرائيل التكنولوجية المتقدمة منشغلة بتطوير صناعة الأمن القومى. باتت اسرائيل بفضل هذا التطور، مثالاً يجب اتباعه فى سوق ما بعد 11 سبتمبر. وعندها نلاحظ تمتعها بازدهار اقتصادى من جهة، وبالحروب التى تشنها على البلدان المجاورة وتصعيد العنف فى الأراضى المحتلة، من جهة اخرى، وشكل التوسع السريع لاقتصاد الأمن عالى التقنية، فاتح للشهية قوى جداً داخل اسرائيل للفئات النافذة، الغنية والحاكمة، للتخلى عن السلام من أجل القتال فى حرب دائمة ومتوسعة على حركات المقاومة، وعلى اكثر من جبهة لدول فى الشرق الاوسط، والتى تسميها اسرائيل بـ”الإرهاب”، او داعمة او راعية للـ”الإرهاب”.
وماذا عن مصر؟!
اخذ الرئيس المخلوع الراحل مبارك، يراوغ الأمريكان سنوات، حتى لا يقوم بتغيير عقيدة الجيش المصرى الى عقيدة “الحرب العالمية على الإرهاب”! .. لماذا؟!، بالطبع لم يكن مبارك يسارياً معادى للإمبريالية الأمريكية، ولكنه كان يدرك قدر وخطورة أن ينتقل الجيش من عقيدة قتال خارجى “العدو”، الى عقيدة قتال داخلى “الإرهاب”، “الحرب العالمية على الإرهاب”، مدرك خطورة الاحتكاك الخشن بين الجيش وقطاعات من الشعب، وكما قال السيسى عن حق “الجيش آلة قتل”!، تكوينه الوظيفى للقتل، بالاضافة الى انها مهام شديدة الحساسية تقع ضمن نطاق اختصاصات وزارة الداخلية، المهيأة وفقاً لدورها الوظيفى ولتركيبتها ونوعية أسلحتها وتدريباتها، لمثل هذه النوعية من المهام، والأهم، هو امتلاكها لخبرات ومعلومات على مدى عشرات السنين من التعامل مع مثل هذه المهام، فى حرب تمثل فيها المعلومات السلاح الناجز فى الانتصار؛ هذا بالإضافة الى مواجهة احتمالات مفزعة تستحضرها الـ”عقيدة” الأمريكية للـ”الحرب العالمية على الإرهاب”، التى تصيغ مفهوم فاسد ومضلل عن “الإرهاب”، يتضمن المقاومة المسلحة ضد الإستعمار، باعتبارها ارهاباً، كما يتضمن، أى مقاومة “تمرد” ضد السياسات “النيوليبرالية الاقتصادية”، سياسة إفقار الشعوب، التى تقودها الولايات المتحدة، تعتبره ارهاباً.
كما تنبأ رادولف والش ” ستختطف ارواح كثيرة بعد عن طريق “البؤس المخطط له”، اكثر منه عن طريق الرصاص”.
فى يناير 2018، وقّعت مصر على اتفاقية “مذكرة التفاهم في مجال الأمن وقابلية تبادل الاتصالات” والمعروفة بـ “سيزموا” (CISMOA) مع واشنطن. وتُعتبر هذه الاتفاقية شرطاً قانونياً من الولايات المتحدة لتزوّد الدولة الحليفة الموقّعة بأجهزة ونظم اتصالات مشفّرة، مايمكّنها من استخدام وسيلة الاتصال المباشر خلال الوقت الحقيقي والفعلي. ويتطلّب هذا الأمر من الدول الموقّعة أن تسمح بدخول أفراد وعناصر من الجيش الأمريكي إلى مرافقها ونظم الاتصالات الخاصة بها. وكانت مصر قاومت سابقاً التوقيع على هذه الاتفاقية لمدة ثلاثين سنة، وعندما وقعت عليها تأخرت في الإعلان أنها قامت بذلك الأمر لمدة شهرين.”.
وكما لا يوجد طريقة لطيفة ورقيقة لاحتلال الشعوب رغم اراداتها، فما من طريقة رقيقة سلمية لسلب ملايين المواطنين لكرامتهم. وأمام الاحتمالات المقلقة عن مستقبل حالة الاستقرار الاجتماعى والسياسى، يأتى سلاح المعلومات على رأس أسلحة مواجهة القلاقل والاضطرابات “المحتملة”، حتى قبل ان تبدأ. فى هذا السياق يأتى مثال بارز على ذلك، تمثل اختراق خصوصية المواطنين، من خلال تمرير المادتين التاسعة والعاشرة، من قانون “النقل البري باستخدام تكنولوجيا المعلومات”، والخاصتين بربط البيانات الخاصة بالمواطنين، – الى اين ذهبوا، ومتى ذهبوا، والى اين عادوا ومتى .. وبرط ذلك بمن ذهبوا الى نفس المكان فى نفس الميعاد، وكذا فى العودة، يمكن ربط العلاقات او الجماعات او التنظيمات، وبالمعلومات المصرفية لهؤلاء الاشخاص، وكاميرات مراقبة المطاعم والكافيهات التى يترددون عليها، ومعلومات عن طريق الهاتف او الانترنت، تتشكل لدى الجهات الامنية صورة تفصيلية عن حياتك الخاصة او العامة، سواء كنت معارضاً او لا -، وفرض ربط هذه البيانات بالجهات المختصة “الأمنية”، (4ملايين مستخدم و150 ألف سائق، دون اشتراط توافر أمر قضائي مسبب!)، وأن تكون خوادم البيانات داخل مصر، (مع العلم ان خوادم شركات تكنولوجيا المعلومات، “بيانات الانترنت” عموماً، تكون موجودة عادةً في كل مكان في العالم فيما يسمى بالخوادم السحابية وليست في مكان بعينه!)، وهى المطالب التى رفضتها فى البداية شركتى “اوبر” و “كريم”.
وبالرغم من ملاحظات مجلس الدولة على مشروع القانون، واعتراضه على بعض المواد التي اعتبرها تنتهك حرمة الحياة الخاصة للمواطنين التي يكفلها الدستور، صدر القانون!
لقد تم تمرير هذا القانون بهاتين المادتين، من خلال الـ”تكتيك” المعتمد عالمياً، والذى يمكن صياغته على الوجه التالى، بـ”تفعيل أزمة، يمكن تمرير ما لا يمكن تمريره”. فكان “توظيف” معاناة سائقى ومالكى التاكسى الابيض وأسرهم، وكذلك قلق 150 ألف سائق بخلاف ملاك السيارات التى تعمل مع شركتي أوبر وكريم، ومعظمهم محمل بأقساط السيارات التى اشتروها خصيصاً للعمل فى هذا المشروع، قلق التاكسى الابيض من جراء “خرق” السلطات للقانون والدستور، بتركها لشركتى أوبر وكريم، “متعددة الجنسيات”، تعملان لأكثر من عامين دون قانون!، مما أثر بالسلب على أرزاق سائقى ومالكى التاكسى الأبيض وأسرهم، (370 ألف سائق وملاك التاكسى الأبيض وأسرهم).
وليتم تفعيل الازمة الى الذروة، بعد اصدار حكم قضائى بوقف نشاط الشركتين، ثم الغائه بعد ساعات من صدوره، بناءاً على طلب من هيئة قضايا الدولة “الحكومة”!، أى التلويح بالوقف، دون وقف، تم “توظيف” مخاوف شرائح من المجتمع المصرى، خاصة من الطبقة الوسطى (4ملايين مستخدم)، من احتمالات وقف هذه الخدمة بعد ان وجدت فيها هذه الشرائح، حلاً لكثير من معاناتهم المزمنة فى الانتقال خاصةً فى القاهرة والاسكندرية؛ لقد تم الاستفادة من ألاثر النفسى لحكم المحكمة بوقف نشاط الشركتين، وانتهى حتى بعد الغاؤه. ولا يمكن بالطبع اعتبار أن ترك السلطات المصرية الشركتان تعملان لأكثر من عامين دون قانون، أنه كان من باب السهو!. انه من أجل هدف استراتيجى.
هكذا تحولت تكنولوجيا المعلومات من سلاح للحرية، الى سلاح معاكس لها. اذا ما اردت الاستفادة من خدمة النقل البري المطور باستخدام تكنولوجيا المعلومات، عليك ان تسلمنا “الحق القانونى” فى اختراقنا “لحقك الدستورى” فى حرمة حياتك الخاصة!.
“لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير،
ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل،
واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت
دون تقيد بالحدود الجغرافية.”
المادة 19 من الاعلان العالمى لحقوق الانسان 1948
من الملفت، تعمد الدستور المصرى 2014، المعدل فى 2019، ان يتجاهل حق المواطن فى البحث والتنقيب عن الأخبار والمعلومات، كما يتجاهل حقه فى تلقى هذه المعلومات والأخبار من الغير، ومن حقه أيضاً، فى إذاعتها بكل الوسائل وفى كل الأماكن، هذا الحق للمواطن، ليس داخل الوطن فقط، وإنما خارجه ايضاً، وهى الحقوق الواردة فى العديد من المواثيق الدولية والإقليمية، الموقّع عليها من قبل الحكومة المصرية منذ سنوات!، كالمادة 19 من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية” للأمم المتحدة، والمادة32 من الميثاق العربى لحقوق الانسان، والمادة التاسعة من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.
لقد اكتفت المادة 68 من الدستور المصرى 2014، والمعدل فى 2019، بأن “المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية ملك للشعب، والإفصاح عنها من مصادرها المختلفة، حق تكفله الدولة لكل مواطن، وتلتزم الدولة بتوفيرها واتاحتها للمواطنين بشفافية.. وفقاً للقانون”!، أى أن الدستور المصرى اكتفى فقط، بالحق فى الإفصاح –مجرد الإفصاح- عن البيانات والإحصاءات والوثائق الرسمية، وتوفيرها وإتاحتها للمواطنين بشفافية .. وفقاً للقانون!، انما حق المواطن فى البحث والتنقيب عن الأخبار والمعلومات،وتلقيها من الغير، وإذاعتها بكل الوسائل وفى كل الأماكن، داخل الوطن وخارجه ، فانكار تام لها، دستورياً!.
إن حق تداول المعلومات قد ظهر لأول مرة في المادة 47 من دستور2012، أما في دستور 2014، فقد تم نقل الشروط المقيدة لحق الحصول على المعلومات (المساس بالحريات الخاصة، وحقوق الآخرين، والتعارض مع الأمن القومي)، الواردة كنص دستورى فى المادة 47 من دستور 2012، قد تم نقلها الى القانون فى نص المادة 68 من دستور 2014!.. أى أنه خفض المرتبة التشريعية للشروط المقيدة لحق، “الحصول على المعلومات”، من مرتبة أعلى كحق دستورى، إلى مرتبة أدنى كحق قانونى فقط!.
غياب قانون حرية تداول المعلومات، “أوكسجين الديمقراطية”!
بالرغم من مرور سبعة أعوام على إقرار الدستور المصرى 2014، إلا أنه، حتى هذه الحقوق الدستورية المنقوصة والمقيدة، لم تتحقق بعد!، لعدم صدور القانون الذى ينظم العمل بها، وفقاً لنص الدستور نفسه!، اى لا ممارسة قانونية لهذه الحقوق المنقوصة!، إن الغياب الطويل لصدور قانون حرية تداول المعلومات، بدون “اكسجين الديمقراطية”، خنق للديمقراطية الموعود بها فى الدستور المصرى!.