الادارة الديمقراطية

مشاركة المواطن في صناعة القرار السياسي في اي دولة عبر العالم، من خلال الانتخاب، لا يكفي لأن الجهاز الحكومة و التنفيذي للدولة بات اكثر قدرة على التحكم في تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين

لا تكتمل الديمقراطية بمعناها السياسي الاّ بوجود الديمقراطية الإدارية، أو ديمقراطية الادارة فما فائدة وجود ديمقراطية سياسية تسمح للمواطن بالتصويت في الانتخاب كل أربع أو خمس سنوات في ظل غياب ديمقراطية الادارة فالمشاركة والاطلاع على المعلومات لا تتوقف على العملية البرلمانية وانما يجب ان تمتد لانشطة الادارة أيضاً التي دائماً تحرص على سرية وثائقها، ويذهب الكاتب (J. lemasurier) في مقالة له بعنوان (نحو ديمقراطية إدارية) إلى القول أن فرنسا إذا كانت دولة ديمقراطية سياسياً فإنها ليست تماماً ديمقراطية إدارياً، إذ لا زال المواطن في فرنسا بسبب قدم المنظومة التشريعية للإدارة وعدم الاخذ بمفهوم الحَوْكَمَة وما تنطوي عليه من ضبط وشفافية وحرية الاطلاع على المعلومات والمشاركة في أداء الادارة وصنع القرارات يرزح تحت وطأة آليات إدارية ضخمة تتناقض مع مبادئ الديمقراطية الإدارية وابرزها مبدأ سرية الادارة الذي اوجدته التشريعات القديمة ، مع عدم وجود قانون ايجابي يتيح الاطلاع على المعلومة ، او على الاقل يقلل من صرامة مبدأ السريه الى حد مقبول للحفاظ على مصالح المؤسسات الحكومية ، وأصبح المواطن محكوم وتابع ومنعزل ومعاق قانوناً أمام رفض الادارة الاجابة والرد على طلبات المواطنين أو تظلماتهم ورفضها توضيح أسباب قراراتها ورفض اطلاع المواطنين على الوثائق الإدارية ورفضها أصدار اللوائح التنفيذية لتطبيق القوانين ورفضها تنفيذ أحكام القضاء ، فحتى يستطيع المواطن المشاركة في اختيار الحاكم ومحاسبته والمشاركة في نشاط الادارة ومساءلتها كجزء من اشتراك المواطن في إدارة الشؤون العامة سياسياً وإدارياً لابد أن تتوفر المعلومات الكافية لتحقيق ذلك ولابد أن تسمح التشريعات عموماً والتشريعات الإدارية على وجه التحديد من اباحة الوصول إلى المعلومات وآليات عمل الإدارة ليتسنى للمواطن مراقبة الاداء والمساهمة في الرقابة والمساءلة وهذا لا يتحقق إلاّ بوجود ثورة اصلاحية في قوانين الادارة ، لذا فأن الامر يقتضي اعادة النظر باليات ممارسة الادارات العامة لاعملها وفقاً لمبدأ السرية وتجاهل تسبيب القرارات التي تتخذها من خلال اصدار قانون ينظم حرية الاطلاع على المعلومات الادارية لتمكين المواطنين من الاطلاع على اليات عملها وتعزيز مبدأي الرقابة والشفافية ، اذ معظم الدول في الوقت الحاضر استصدرت مثل هذه القوانين رغم محدودية اجهزهتها الادارية ،

فالمشرع الفرنسي على سبيل المثال منع الحصول على المعلومات المتعلقه بالحياة الخاصة للافراد وملفاتهم الشخصية والطبية ، والاسرارالتجارية والصناعية ، وسرية الدفاع الوطني والسياسة الخارجية ، والنقود والائتمان والتحقيقات والاجراءات القضائية، وسرية المداولات الحكومية للسلطة التنفيذية ، وقد تضمنت معظم القوانين الخاصة بالاطلاع على المعلومات مثل هذه الاستثناءات ، كقانون الوصول الى المعلومات في كندا لسنة 1983 وقانون حرية المعلومات لعام لعام 2000 في انجلترا ، ان مقتضيات مبدأ شفافية ادارة الشؤون العامة تؤشر انحسار مبدأ السرية في اعمال الادارة لصالح حرية الاطلاع على المعلومات واصبح تشريع قانون حرية الوصول الى المعلومات ضرورة لابد منها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى