رأي

اذا لم تكن قادرا على ترجمة لغتك وأفكارك فأرحنا من طلتك الكالحة !

اذا لم تكن قادرا على ترجمة لغتك وأفكارك فأرحنا من طلتك الكالحة !

احمد الحاج

يعاني العراق اليوم من ظاهرة مقيتة تضاف الى جملة الظواهر السلبية التي ابتلينا بها كتحصيل حاصل لإفرازات المرحلة تتمثل بإطلالات يومية من خلال الفضائيات المحلية للعشرات ممن يقدم أحدهم نفسه على أنه “محلل سياسي ، خبير استراتيجي ، مراقب إعلامي ، ناشط حقوقي ، مدير مؤسسة ثقافية ، رئيس مركز بحثي، الناطق الرسمي بإسم الزرافة البيضاء ، المتحدث بإسم الحوت الأزرق ” وهلم جرا وإشكالية معظمهم تكمن في عدم قدرتهم على ترجمة الأفكار التي يؤمنون بها – ولو ظاهريا – مصحوبة بمشاكل لغوية،ومغالطات اصطلاحية ، ومناكفات طائفية ، ومهاترات سياسية لاحصر لها وبما أفقد البرامج الحوارية العراقية بريقها فضلا على مصداقيتها ،بل وحرف بوصلتها ،وشتت أهدافها ،وقلل جمهورها ولا أدل على ذلك من تراجع نسب المشاهدات لكثير من برامج التوك شو العراقية ، فيما انزلق بعض مقدمي تلكم البرامج وباتوا جزءا من لعبة القط والفأر ، أو الحمار والجزرة التي يمارسها الضيوف وكثير منهم غير قادر على إيصال ما يريد إيصاله الى المتلقي مع خلط عجيب للأوراق ، وسوء استخدام للمفردات وبما يشبه “أخطاء الترجمة” التي بإمكانها قلب المعنى والمضمون رأسا على عقب ومعلوم أن العبرة ليست بالعناوين وإنما بالمضامين وبطريقة طرحها وتوظيفها!
ولعل من جميل ما ينقل عن محمد حسنين هيكل، بصرف النظر عن حبك أو بغضك للرجل قوله ” لا أريد أن أكون ضمن أولئك الذين تنحني هاماتهم أمام الحكام في قصورهم، لترتفع أمام الحكام في قبورهم ” وبناء على ما تقدم فإن أبعد السياسيين عن لغة ” فن الممكن ” والتي تتخذ من طبيعة المرحلة ،وحجم التحديات ،وكم الجدليات ونوع الايدولوجيات ، وقواميس المصطلحات والالمام شبه التام بها منطلقا لها ،هم أولئك الذين يفتقرون الى العقلانية والمنطق وفن الخطاب وتراهم يجعجعون وثرثرون ولايجيدون الحوار ولاعلاقة لكثير منهم بلغته ولابمصطلحاته ليس على مستوى منطوق الكلام فحسب ، وانما على مستوى لغة الجسد وحركات الوجه والعينين واليد والرأس والكتف والقدمين كذلك ، وكثيرا ما تراهم يزبدون ويرعدون ويهددون ويتوعدون و – يبربشون – لتنتفخ أوداجهم ، وتدلع ألسنتهم ، ويتصبب عرقهم ، وتحمر وجوههم ، ويتناثر لعابهم ، في جل إن لم يكن كل لقاءاتهم المتلفزة وبطريقة متشنجة توحي بأنهم جهلة – سياسيا – وجهلة – إعلاميا – وجهلة – مجتمعيا – وجهلة – شرعيا – اذ ليست وظيفة السياسي الذي يريد نصرة فكرته ، والدفاع عن موقفه ، والإعلاء من شأن حزبه أو جماعته أو طائفته أو قوميته أن يكيل الشتائم والاتهامات يمينا وشمالا ، هكذا جزافا على عواهنها بهدف تسقيط المقابل من شركاء الوطن ماضيا وحاضرا ومستقبلا ، كل ذلك حتى من دون انتقاء المفردات والمصطلحات التي يتوجب عليه انتقاءها من القواميس اللغوية والسياسية والمجتمعية على سواء ، كما أنه لايجيد الحركات والايماءات التي يتحتم عليه التحرك على وفقها والتحدث بمقتضاها تلفزيونيا أملا بإيصال ما يريد ايصاله على مكث وتؤدة ، وبكل هدوء وروية وبتسلسل مقنع ،أتدرون لماذا ؟ لأنه انسان متشكك في قرارة نفسه وغير مقتنع كليا بصحة وجدوى ما يزعم ويدعي على رؤوس الاشهاد وهو غير واثق بكل ما يهرف بما لايعرف ولاسيما ذلك الصنف الذي كان طبالا ومداحا للأنظمة السابقة قبل أن يصبح هجاء ولعانا لها على حين غرة ، فهؤلاء يعيشون شيزوفرينيا حادة بين ماضيهم الـ” تطبيلي الزاحف ” المشفوع بالصور، وبين حاضرهم -المهلهل التهليلي – المتخم بالمزاعم والادعاءات!
والحق اقول لكم أنني وكلما وقع بصري على أمثال هؤلاء فسرعان ما أستدعي الى ذاكرتي سيرة ومسيرة الطبيب المصري الشهير الدكتور مصطفى محمود ،الذي أُطلِقَ اسمه على كويكب تابع لحزام الكويكبات تم اكتشافه عام 2009 في محطة زيلنشوكسكايا وسمي بإسم”كويكب (296753) مصطفى محمود ،تثمينا لجهوده المتمثلة بإلحاقه أربعة مراصد فلكية ومتحف للجيولوجيا بجامعه الذي بناه في مدينة الجيزة وحمل اسمه ، اضافة الى بنائه مستشفى ،وثلاثة مراكز صحية لذوي الدخل المحدود ، ومطبخ خيري للفقراء فضلا على تقديمه برنامج (العلم والايمان ) بـ 400 حلقة من شاشة التلفزيون المصري لـ 28 سنة متتالية ليحقق البرنامج الذي كان يبث مساء كل اثنين شهرة عريضة ولاسيما لربطه بين عجائب الكون والايمان بالله تعالى وبعناوين براقة وجذابة وبما يشبهه كثيرون ببرنامج ” العلم للجميع “لكامل الدباغ من تلفزيون العراق والذي استمر بدوره 34 عاماً بين عامي 1960و1994من دون انقطاع ، اضافة الى تأليف الطبيب مصطفى محمود العديد من الروايات والمجموعات القصصية القصيرة والمسرحيات فضلا على تأليفه 89 كتابا اشهرها “حوار مع صديقي الملحد ” و” رحلتي من الشك الى الايمان ” أقول عندما اتأمل سيرة هذا الرجل المثابر المعطاء وكان عضوا بنقابة الصحفيين المصريين ونقابة الاطباء المصريين في ذات الوقت وكيف أنه رفض الحقيبة الوزارية التي عرضها عليه الرئيس المصري الاسبق محمد انور السادات معتذرا بالقول ” لقد فشلت في إدارة أصغر مؤسسة وهي الأسرة – فأنا مطلق – فكيف بي أن أدير وزارة كاملة” حيث كان الرجل قد أخفق في زواجه مرتين لأقارن موقف هذا العملاق الذي كان هادئا وواثقا في كل حلقات برنامجه الملتفز ، مع أصحاب الشهادات المزورة ، أو غير المعترف بها ، اضافة الى أولئك الذين لايملكون شهادات أولية ولا عليا أساسا وكيف يتقاتلون على المناصب الخاصة والعامة في العراق مع – صفر انجازات – قبل المنصب وخلاله وبعده ، وكيف يتزاحمون على البرامج الملتفزة ليعيدوا ذات الاخطاء السابقة وليتحدثوا بذات النفس الطائفي والنهج المقيت ، لا أملك الا أن أصفق كفا بكف على ما آلت اليه الأمور في العراق من انهيار وعلى مختلف الصعد ولاسيما بعد أن وسدت الأمور الى غير أهلها وبعضهم تراه – كالحا ومدهنا – حتى بعد القصور والعمارات والفنادق والمكيفات والنعيم المقيم والمليارات والجكسارات والمخصصات والسفريات التي تحصل عليها جزافا على مدار 20 عاما ولا ادري حقيقة كيف كان شكله وما هي هيئته أيام – جمع القواطي، وبيع النفط ،والعتيك للبيع – وفي ذلك يقول الشاعر :
لا يَصلُحُ الناسُ فَوضى لا سَراةَ لَهُم …وَلا سَراةَ إِذا جُهّالُهُم سادوا
الأعجب أنه وكلما كانت الانجازات – صفر باليد حصان – والفساد “واصل للهامة ” كلما كان صوت المفلس أعلى حيث أدمنوا ، أو بالأحرى دربوا على كثرة المقاطعة والتشويش فتراهم يقاطعون الضيف المقابل أكثر مما يتحدثون وبأسلوب مقيت جدا ينم عن حقد أعمى ، وجهل دفين عادة ما يستخدمه -المفلسون – للتغطية على فشلهم وافلاسهم، اذ غالبا ما يبدأ هؤلاء بالهجوم واستفزاز الخصم قبل مقاطعته والتشويش عليه طوال عرض البرنامج !
قديما قيل في الحكم “من تعلَّم لُغة قوم، أمِن مكرهم” وأضيف ” ومن تعلم عادات وتقاليد قوم واحترمها ، فقد أمنوا مكره وأمن مكرهم ” ولأهمية اللغات والترجمة تحتفل الامم المتحدة في الـ 30 من ايلول سنويا باليوم الدولي للترجمة مثنية على دور المترجمين في ربط الدول وتعزيز السلام والامن والتنمية ،ولطالما أبيت الفصل بين لغة الجسد ولغة اللسان فالشخص الذي لا يجيد ترتيب لغته ولا ترجمة أفكاره وبما يتناسب مع حركة جسده سيوقع نفسه بمهالك لا تحمد عقباها لا تقل سوءا عن أخطاء الترجمات – عمدا أو سهوا – وقد تسبب بعضها حروب وكوارث عالمية ولطالما نصرت لغات ميتة أقواما ، فيما خذلت لغات عالمية حية آخرين من جراء اساءة استخدام اللغة والاخفاق في ترجمتها مع عدم القدرة على ايصالها الى المحبين والمهتمين والمراقبين علاوة على المخالفين والمعارضين !
(لاتختزل ما أقول ) بهذه العبارة وبَخَّ الرئيس الاوكراني فلاديمير زيلينسكي مترجمه الخاص مبديا انزعاجه الشديد من إختزال المترجم لمقاطع مهمة من كلمته خلال المؤتمر الثلاثي الذي عقد في مدينة (لفيف) الأوكرانية بحضور الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس التركي في آب / 2022 فالبشرية التي تتحدث بـ 7102 لغة بينها 2301 لغة في آسيا و2138 في افريقيا و 1064 في الامريكيتين و 286 في اوربا وفقا لصحيفة الواشنطن بوست ، بحاجة ماسة الى تعزيز فنون الترجمة وتطوير تقنياتها وأساليبها والالمام بطرائق تدريسها والاهتمام بمدارسها ومعاهدها وكلياتها وطرق إيصالها للآخرين .
ولاشك أن الترجمة الخاطئة لنص القرار( 242) الصادر عن مجلس الأمن الدولي عام 1967 بشأن الصراع العربي – الإسرائيلي تعد من أفظع الاخطاء وأبشع الخطايا في عالم الترجمة والتي تباينت بين النصين الإنجليزي والفرنسي فرفعت (أل ) التعريف الواردة في النسخة الفرنسية وتنص على (وجوب انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة) لتتحول العبارة الى (وجوب الانسحاب من أراضٍ عربية محتلة) وهو النص الذي اعتمدته دولة الاحتلال والولايات المتحدة وبما لا يتضمن كل الأراضي المحتلة كسيناء والجولان والضفة الغربية وغزة وإنما جزء يسير منها فحسب !
أما كلمة (موكوساتسو) وتعني باليابانية ( لاتعليق) والتي جاءت على لسان رئيس الوزراء الياباني كانتارو سوزوكي ، في معرض رده على بنود إعلان (بوتسدام) القاضي بإستسلام اليابان من دون قيد او شرط في الحرب العالمية الثانية والتي ترجمت الى ( نرفض ) و (لايستحق التعليق) بدلا من ( لا تعليق ) (No Comment) الأمر الذي فسر في الجانب الاخر على أن اليابان ترفض الاستسلام و بغطرسة منقطعة النظير فصدرت الأوامر بإلقاء القنبلة الذرية الأولى على هيروشيما / في 6 / أب / 1945 ومن ثم القنبلة الثانية على ناجازاكي بعدها بثلاثة ايام وتسببت بمقتل 220 الفا الأمر الذي اعتبرته وكالة الأمن القومي الأمريكية أسوأ خطأ في تاريخ الترجمة وفقا لوكالة سبوتنيك الروسية .
ولم يختلف الحال مع ترجمات خاطئة من اللغة الفيتنامية الى الانجليزية ففي عام 1964 تورطت وكالة الأمن الأمريكية بترجمة خاطئة عن مهاجمة السفن الأمريكية في خليج (تولكين) مرتين والصحيح أنها لمرة واحدة ما أدى الى دخول امريكا الى الحرب وفقا لصحيفة نيويورك تايمز ، أما في عام 1980 فقد قذف الايرانيون الغاضبون موكب المبعوث الأممي كورت فالدهايم بالحجارة بعد توسطه للإفراج عن الرهائن الـ 52 المحتجزين بمبنى السفارة الامريكية في طهران بسبب خطأ في الترجمة حيث ترجمت عبارته (جئت مبعوثا ) الى ( جئت دخيلا ) ولابد لساسة العراق والناطقين بإسم أحزابها أن يختاروا ألفاظهم بعناية فائقة وأن لايلقوا الكلام هكذا على عواهنه مراهنين على جهل المتلقي أو ضيق أفقه أو قلة ثقافته وربما اميته وكثير منهم – مفتح باللبن – ويلتقطها – وهي طايرة – فلاتجازف !
على النقيض من ذلك نجد بأن (لغات ميتة قد هزمت جيوشا ) بعد أن أحسن توظيفها حيث كانت شفرة (فيرماخت إنجما ) الألمانية التي تستخدم 26 حرفًا تعد شفرة الآلات الكهروميكانيكية الدوارة الأخطر في تاريخ الحرب العظمى الا أن شفرة “النافاجو” او (الكود الهندى ) قد انقذت امريكا من هزيمة محققة في معارك المحيط الهادئ ضد اليابان فهذه اللغة الميتة تستخدم 8 حروف فقط وكانت الاعقد بين كل الشفرات العسكرية المناظرة ولاسيما وأنها لغة منقرضة لايتحدث بها سوى افراد القبيلة التي التحق 29 فردا من ابنائها بداية في صنف المخابرة ضمن سلاح مشاة البحرية ليصل عددهم فيما بعد الى 400 !
صحيح أن علماء الأنثروبولوجي الالمان سبق لهم وأن درسوا لغات القبائل الهندية الاخرى تحوطا قبيل الحرب العالمية الثانية ( 1939 – 1945) خشية استخدامها في شفرة الحرب كما جرى في الحرب العالمية الاولى ، الا أن الامريكان كانوا أشد دهاء حين إستخدموا لغة قبيلة (النافاجو) التي ذهل عنها الالمان لأنها من وجهة نظرهم لغة مندرسة ولأنها لم تستخدم في الحرب العالمية الاولى ، وغلطة الشاطر بألف كما تقول الامثال الشعبية ، فشفرة (النافاجو ) كانت تستخدم كلمات من اللغة الام مقابل كل حرف من الأبجدية الإنجليزية فيما كانت تطلق أوصافا للتعبير عن المصطلحات غير الموجودة في لغتهم الاصلية ما أسفر عن هزيمة اليابانيين عام 1945 واستسلامهم !
ولا اجد وصفا ينطبق على لغة هندية ميتة أحيت أمة “اميركا ” بينما أماتت أمة حية “اليابان” غير بيت المتنبي الشهير :
لا تحقرن صغيرا في مخاصمة .. إن البعوضة تدمي مقلة الاسد
وقد احتفت السينما العالمية بأبطال شيفرة (النافاجو) في فيلم (ويند توكرز) انتاج 2002 وهو من بطولة نيكولاس كيدج ، في وقت ما يزال فيه كثيرون ليس بوسعهم الافادة من لغة وصفها المستشرق الفرنسي ايتان دينيه بـالاتي : (إن الكتابة العربية هي أرقى نوع فني عرفه الإنسان، ولها أجمل خطّ يلائم الصوت البشري، ويوافق الألحان الموسيقية)، وحسبي قبل الختام أن أذكر الجميع بما تغنى به العرب قديما للدلالة على ثراء لغتهم وبلاغتها هذه اللغة التي – لعب ابو علي الشيباني و70 % من السياسيين بها طوبة – وأسوق أبيات إسماعيل المقري العجيبة والتي اذا ما تم قراءتها من اليمين فقد اصبحت مدحا ، اما إذا تم قراءتها من اليسار صارت ذما :

طلبوا الذي نالوا فما حُرمــــوا ….رُفعتْ فما حُطتْ لهـــم رُتبُ
وهَبوا ومـا تمّتْ لــهم خُلــــــقُ …. سلموا فما أودى بهـــم عطَبُ
جلبوا الذي نرضى فما كَسَدوا … حُمدتْ لهم شيمُ فــمــا كَسَبوا
والان لنقرأها من اليسار إلى اليمين لتتحول الى ذم :
رُتب لهم حُطتْ فمــــا رُفعتْ … حُرموا فما نالوا الـــــذي طلبُوا
عَطَب بهم أودى فمــــا سلموا …. خُلقٌ لهم تمّتْ ومـــــــــا وهبُوا
كَسَبوا فما شيمٌ لهـــم حُمــدتْ ….كَسَدوا فما نرضى الذي جَلبُوا
كل هذه اللغة التي خصها الله تعالى بالقرآن الكريم لفصاحتها وبلاغتها وسعتها وعمقها وتجد من سياسيينا من يرفع المنصوب ،وينصب المجرور ويتفوه بمفردات ومصطلحات عبارة عن – بابا غنوج بالكريم كرميل – كل ذلك بعيدا عن مرادها ، وبما اثار العديد من المشاكل والازمات والصدامات بين الفرقاء و” الاعدقاء ” وما أكثرهم هاهنا بوجود اكثر من 300 حزب سياسي بعضها عبارة عن ” رئيس الحزب وسائقه وسكرتيرته اضافة الى – الجايجي – فقط لاغير ، ولله في خلقه شؤون .اودعناكم اغاتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى