أسرار الدماغ الهرمونية
حنان بديع
كاتبة وشاعرة
هل سبق أن ارتكبت خطأ تتمنى أن تتمكن من التراجع عنه؟ تصحيح أخطاء الماضي هو أحد الأسباب التي تجعلنا نجد مفهوم السفر عبر الزمن رائعاً للغاية. كما يتم تصويره في الخيال العلمي، لكن لماذا قد نتمنى العودة بالزمن إلى الوراء؟
يحدث هذا عندما لا نشعر بالرضى عن سيناريو حياتنا ونتمنى لو بإمكاننا إعادة كتابته من جديد!
وبما أن الماضي بكل أحداثه يبدو مقدراً سلفاً ولا يمكن بأي حال من الأحوال إعادة عقارب الساعة إلى الوراء فإن الرضا عن الحياة يبدو خياراً لا مفر منه وإلا سقطنا في براثن السخط والغضب دون فائدة، لكن لماذا يبدو البعض راضياً قنوعاً ونظرة الرضى في عيونهم تشعرنا بتلك الطاقة الإيجابية والروح الخيرة التي تسكنهم دون سواهم؟
للإجابة على هذا السؤآل ربطت مؤخراً دراسة جديدة بين الرضا عن الحياة والكيمياء في مخ الإنسان، حيث تبين أن الأشخاص الذين يفرزون المزيد من هرمون الأوكسيتوسين الكيميائي العصبي يكونون أكثر لطفاً مع الآخرين ويميلون إلى الشعور بالرضا عن حياتهم، علاوة على أن إفراز الأوكسيتوسين يزداد مع تقدم العمر، مما يفسر السر وراء زيادة لطف واهتمام كبار السن بالآخرين، وتوافق نتائج هذه الدراسة مع العديد من الفلسفات والمعتقدات، التي تتبنى قيم تعزيز الرضا عن حياة المرء من خلال مساعدة الآخرين..
إن الأوكسيتوسين هو مادة كيميائية عصبية معروفة على نطاق واسع بدورها في الارتباط الاجتماعي والثقة الشخصية والكرم، وأظهرت الدراسات وجود ارتباط بين مدى كرم الناس وسلوكياتهم الطيبة، وهو ما يُعرف بالسلوك الاجتماعي الإيجابي، وبين إفراز الأوكسيتوسين، حيث من الشائع أن كبار السن يقضون وقتًا أطول في التطوع ويتبرعون بنسبة أكبر من دخلهم للأعمال الخيرية مقارنة بالشباب، لذلك أراد فريق الباحثين معرفة ما إذا كان هناك أساس كيميائي عصبي لهذه السلوكيات فوجدوا أن الأشخاص الذين أطلقوا أكبر قدر من الأوكسيتوسين أثناء التجربة، لم يكونوا أكثر كرمًا للأعمال الخيرية فحسب، بل قاموا أيضًا بالعديد من سلوكيات المساعدة الأخرى، لذا هي المرة الأولى، التي يتم فيها الربط بشكل واضح بين تغيير إفراز هرمون الأوكسيتوسين وبين السلوكيات الاجتماعية الإيجابية التي تؤدي لزيادة التعاطف والامتنان،
إذن رضى سعادة..حزن….غضب..توتر..حب..كلها نماذج من المشاعر الإنسانية
المعقدة التى تتداخل فيها مواد كيميائية وهرمونات تغير فى كيمياء المخ
وبناء عليه تتغير مشاعرنا وتنعكس على تصرفاتنا وسلوكياتنا فهل يصبح
من الضروري تقييم حالة دماغ الإنسان الهرمونية مثلا قبل الحكم علية؟وهل
للدماغ أسرار أخرى لم نعرفها بعد؟