ثقافة

أرض الألوان

“أرض الألوان” عبارة عن رواية تخاطب الجمهور بصيغة مباشرة وجريئة عن
طريق بطلها أليكس الذي يتطرق لموضوع القضية الفلسطينية من خلال سرد الراوي
العليم بمعاناة المرض النفسي والعضوي الذي يسبّبه الاحتلال الإسرائيلي له شخصياً
وللآخرين، واثره على الشعب الذي يُمارَس بحقه التعنيف بكل أشكاله. تدور أحداثها من
قبلِ بداية نكبة عام 1948، وحتى يومنا هذا. وتسلّط الضوء على مقارنات رمزية ما بين
واقعة الهولوكوست في الماضي باعتبارها “صك شرعنة” عبورهم إلى فلسطين. وكيف
للفلسطينيين أن يدفعوا فواتير غيرهم من مجازر ليس لهم دخل فيها؟
يتعمّق أليكس في مناقشة الأسئلة والمفاهيم الفلسفية عن الميتافيزيقية والوجودية
ويربطهما بسياسات المُحتل وما يترتب عليها من نتائج كارثية: (كيف لشعب تعرَّض لظلم
وموت بأعداد هائلة، أن يُمارِسَ الموت على شعب آخر لا ذنب له!) يستظل السيد أليكس
تحت مظلة أرسطو مستنداً إلى مخطوطاته، محاولاً فك أحاجي وفرضيات يرسو إليها
برفقة (مخطوطاته) عن فلسفة “الحياة اليودايمونية”، فتطرح “أرض الألوان” العديد من
الجدليات بين سطورها التي من شأنها أنَّ لا تحاور فقط قوى الخير والشر في النفس
الآدمية، بل وتتميز الرواية بعدم الإفصاح عن مسميات الدول، الكيانات، الأحزاب،
العصابات والمليشيات، وتبقيها مجهولة الهوية (ولكن القارئ سيستنتج ما يقصده الكاتب
من خلال تسلسل الأحداث). كما أن “أرض الألوان” لا ترمز إلى “الجنة”، الأرض
الموعودة،.. الخ،
كما قد يظن القارئ على امتداد الفصول، وهنا تكمن حبكة الرواية، فهي ليست أرض
الحياة ما بعد الموت، بل هي غرفة الألعاب في مشفى من المشافي الخاصة بالمُحتل، وهذا
ما لن يتوقعه القارئ حتى تتضح الصورة كاملة في نهايات القسم الخامس والأخير. وهو
المكان الوحيد الذي يشعر أليكس والرهط بالحرية المطلقة فيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى