عيد الجلاء يجدد عزيمة الاستمرار والإصرار
الدكتور خيام الزعبي- جامعة الفرات
في عيد الجلاء لا شيء أفضل من الحرية لذلك كان الشعب السوري سعيد بهذا اليوم كثيراً، وهو يوم حريتهم من المستعمر الفرنسي، فظل السوريون يحلمون بهذا اليوم إلى أن حدث بالفعل وارتفع العلم السوري في سماء سورية، معلناً استقلالها وسيادتها ووحدة شعبها..
إن المواطنين السوريين رغم هذه الظروف، يدركون تماماً أن إرادتهم وتضحياتهم التي أجبرت المحتلين، منذ ثمان وسبعين عاماً، على مغادرة الأرض السورية، هي العامل الحاسم اليوم في مواجهة هذه الصعوبات، وأن وحدتهم ووقوفهم إلى جانب جيشهم الوطني سيحقّق الانتصار النهائي على الإرهاب والعدوان والاحتلال
ما أشبه البارحة باليوم فقبل ثمان وسبعين عاما تكللت تضحيات السوريين بنصر على كبرى قوى الاستعمار ” الاحتلال الفرنسي” إلى أن نالت سورية استقلالها عام 1946 واليوم الإرادة السورية ذاتها تخط طريقها نحو الانتصار على القوى الاستعمارية ذاتها بأشكالها وأدواتها الجديدة ممثلة بالإرهاب لتكون ذكرى الجلاء حاضرة في ذاكرة ووجدان السوريين وهم يقولون للعالم الآن كما قالوها بالأمس نحن أصحاب حق وقضية ولا مكان لمعتد على هذه الأرض أيا كان شكله وتغيرت أدواته من الإرهابيين الأمريكيين والعثمانيين الجدد.
يمهد السوريون اليوم، وبعد ثمان وسبعين عاماً من النضال، طريق جلاء جديد، متمثلاً في مواجهة الاحتلال الصهيوني والأمريكي التركي للأرض السورية، من أجل استعادة السيادة على كلّ شبر من تراب وطننا الكبير، وذلك في ظل حصار اقتصادي جائر ظالم فرضته أمريكا وذيولها، لإركاع سورية، بهدف تهيئة مناخات الاستسلام والتطبيع والتنازل عن الحقوق، وتنفيذ المخطط الصهيوني الأمريكي القديم الجديد، الساعي إلى شرق أوسط جديد تحت وصاية الكيان الصهيوني، ومازال الأمريكيون يعزّزون قواعدهم العسكرية، ويسرقون النفط و القمح السوري وأيضا قطع الطريق على استراتيجية الحزام والطريق الصيني، لدعم النظم الموالية لأمريكا وإسرائيل الارهابية في المنطقة، كما يعرقلون كلّ الجهود الدولية السلمية لإنهاء الأزمة في سورية بغية التمدد لتحقيق أطماعهم التوسعية الاستعمارية..
ولهذا يتحرك الأمريكان والصهاينة وحلفاؤهم لفرض الهيمنة والسيطرة على سورية، و خلق مبررات وذرائع من شأنها تهيئة الأرضية المناسبة التي يريدون العمل عليها، لذلك صنعوا الجماعات المسلحة وصدّروا العبوات الناسفة والسيارات المفخخة الى سورية ليتسنى لهم السيطرة عليها تحت ذريعة محاربة الإرهاب وطرد داعش من سورية.
ولعل الضوء الأخضر قد صدر من القيادة السياسية السورية، لبدء المقاومة وطرد قوات الاحتِلال، واستِعادة السيادة على الآبار النفطية والغازية شرق الفُرات، حيث شهدت القواعد الأمريكية المنتشرة في سورية، هجمات بواسطة قذائف صاروخية وطائرات مسيرة، في رسالة واضحة مفادها أن التواجد الأمريكي في سورية، لن يكون في مأمن، وهذه الهجمات الصاروخية المكثّفة هو إشعار ببَدء انطِلاق مرحلة المقاومة الشعبية السورية الوطنية لتحرير جميع الأراضي الواقعة تحت الاحتِلال الأمريكي.
تأسيساً على هذه الوقائع، إن استمرار الاحتلال الأمريكي التركي والإبقاء على حالة النهب والسرقة للنفط السوري، هو الماكنة التي ستسرع في تشكل وتكوين المقاومة الشعبية السورية الوطنية، ليجد الأمريكي نفسه أمام مقاومة شرسة يعجز أمامها عن تحقيق أهدافه الاحتلالية، وبذلك لن يكون هناك موطئ قدم للاحتلال ومتطرفيه مهما بلغت غطرستهم وعربدتهم من خلال صمود أبناء الشعب السوري ومعهم جنود الجيش العربي السوري في الميدان الذين يرابطون للدفاع عن بلدهم بصدورهم العارية.
من هنا، كل تلك المعطيات تحمل حقائق مؤكدة، أن يكون الاستهداف الناجح للقواعد الأميركية في سورية، باكورة مرحلة جديدة من أعمال مقاومة هذا الاحتلال، لا بد من أنها سوف تعطي نتيجة على طريق تحرير كامل الاراضي السورية.
وأختم بالقول: إن الرهان على إضعاف سورية وإسقاطها فشل وهي ترفع شارة النصر، فالتطورات الميدانية والسياسية تفيد بأن خطاب النصر الذي سيلقيه الرئيس الأسد قد بات قريباً جداً بغض النظر عن التوقيت، فالمؤشرات كلها اليوم في هذه الحرب تؤكد أن التنظيمات المتطرفة المسلحة ومن ورائها على عتبة النهايات. لذلك من المأمول آن تدرك القيادة الأمريكية والتركية حجم مغامرتها اليائسة في سورية، وتبادر الى مراجعة حساباتها، وتجنب التورط بقدر الإمكان بالمستنقع السوري.
فتحية لكل المقاومين على امتداد الأرض العربية في سورية وفلسطين ولبنان والعراق …
وتحية لكل مناهضي العدو الصهيوني الأمريكي التركي.