سوسة الشك..
احمد جابر محمد
سوسة الشك ..
لم يكن يخيل الي ذات يوم بانني سأقف باحد طوابير العشاق وان ينالني نصيبا من الحزن والاشتياق وسهر الليل مترقبا كلمة او حرف او اشارة تدخل الى قلبي السرور تبعث مرسالا الى قلبي ليطمئن ويكف عن ازعاجي ويجعل عيناي تأخذ حقها المشروع ولم اكن اعي خبايا ومنحدرات ومنحنيات سلك هذا الطريق كنت كالطفل تطأ قدمه لاول مرة عتبة مدرسة ينتابني الخوف وتزمجر الافكار براسي وتصرخ اتجمد بخطواتي بتأن ِويصبح جسدي ثقيلا وهو يحمل حقيبة الشكوك وتدور حولي حلقة من الاصوات كقرع جرس الخذلان او صوت عصا الخيانة تطرق على راسي المسكين فتنهال الافكار السوداوية كالاعصار محاولة تدمير كل شيء وتشمئز نفسي واكاد اتقيأ احشائي احساس لا مثيل له من البشاعة يذكرني بطفولتي بداية كل عام دراسي حينما تختلط رائحة الكتب الجديدة بالملابس الجديدة ابدأ بالاستفراغ وتتشكل لدي نوبة دوار لا اعرف سببها على الرغم من انني كنت متميزا في صفي.. تعاود الافكار حمل نعشها وتأليف قصص من مخيلتها وتشتد الاعاصير حتى تنهك قواي التي بُنيت على مجرد احتمالات وتصوم عن زادها وتعشق البكاء والعزلة فما زلت على هذا العالم شخص اجهل للان هوية وكينونة الطرف المقابل ففي هذا العالم المعبد بالحب استفهامات لاجساد وارواح وافكار مختلفة ربما تأتلف او تختلف عن ماهيتنا فاسحب روحي بقوة باتجاه الايجابية رغبة مني بالخروج من هذا النفق لارى ببصيرة واجد الف مبرر يعيدني لبعض المفردات التي خرجت من فمه وقالتها عيناه صدقا فاقتنع لبرهة ثم اعاود من جديد طرق بسمار الشكوك على لوح خشب وتستعرض مخيلتي وفي داخلها خوف شديد ان انجرف مع الاعصار كل الاحلام التي بنيناها والخطط التي رسمناها للوحة المستقبل بالوانها الزاهية وكل ضحكاتنا واختلافاتنا ويسير امام عيني شريط بهجته والابتسامة التي تعلو وجهه حينما اكون بقربه وتلك الروح المرحة التي تعيده طفلا صغيرا يقهقه عاليا وهو يركب الارجوحة ولكل منا هنالك احساس حقيقي نجده بالمقابل يترجم على شكل كلمات تصل الى القلب وتلامس الروح من شدة صدقها وتبقى عالقة بالذهن كالقوت اليومي الذي يجعلنا تنتظر الموعد القادم ونحن بالف الف لهفة بمحاولة لايصال الحلقات ببعض لكن دون جدوى واعاود تفكيك المفردات والكلمات واحدة تلو الاخرى لا بل اضع تحت المجهر الحركات والنضرات كاني ابحث في كل حرف عن موضعه ومقصده وتراودني تهيآت ووقائع كانها آنية الحدوث وهي جزء من واقع حقيقي بعد ان اقوم كالمفتشين بجمع الادلة وربطها كخارطة مزقت الى اجزاء ولايهمني هنا لامضيعة الوقت ولا الانشغال التافه بالسراب..
تعاود روحي رسم اللوحة بشكل اخر وتنبهني ان انتبه في كل الوقت لكن حينما يستيقظ فيّ جانب الانسانية ومن باب الانصاف كان صريحاً معي يخبرني منذ ان فتح عيناه حتى اغمضت كلٌ بوقته ادق التفاصيل صباحي على صوته وصورته كصوت فيروز شجياً و غفوتي على كلمات كالنغم تكون سبباً في سعادتي وانتعاشي اثناء نومي لكن اثناء السير في هذا العالم تجابهنا كحال المحبين معرقلات وتعثرات فكرة خاطئة تحتاج الى توضيح او كلمة او تصرف فلا بد ان يمضي الاثنان ونحن منهم اكيد للجوء الى محكمة الحوار الاخذ والعطاء حتى يصلوا بنهاية المطاف الى ازالة العقبات وتفتيت المعرقلات وجعلها فرص يتم الاستفادة منها.. يوم بعد اخر حينما يبدأ الحب قول كلمته وينبض داخلي وتبدأ جذوره تثبت قاعدتها بالروح هنا تاتي مرحلة المكافحة من سوسة الشك داخلي التي هي في الاساس لا تاتي من فراغ وانما جاءت نتيجة مواقف متضاربة او اخفاء امر عني بنية الحرص من الفقدان ولانه يعي جيدا بانني تغلب عليّ العاطفة المفرطة لدرجة مبالغ فيها وبالتالي شعوري هذا جاء لانه تتولد في داخلي فكرة الخيانة او ان النهاية اقترتب ولربما ستكون بداية الجمرة او الفتيل الذي سيفتك بالمحصول ان لم نتداركهُ.. هذه السوسة مرة تكون مباحة ومرة تكون خطرة قد تهدُ بناءا لسنوات فيضيع كل ذلك الجهد والارتباط والذكريات بلمحة بصر وبجرة قلم ونحن لسنا ضليعين جيدا بهذا الامر لكن نتائجه السلبية ستؤدي الى نشاتنا بعقدة نفسية تأكل بارواحنا وتخلق منا فئة خطرة غُذيت دون ارادتها لتكون بهذه الصورة انها الاكثر فتكا وشراسة لو دققنا فيها لوجدناها العلة التي تمزق الروح من الداخل وتجعلها تأن وتبكي نتيجة عدم استقرارها ووصولها للسكينة والطمأنينة وللاسف هذا حالي ومعاناتي ومشكلتي ولا اعلم ما الطريق الذي يجعلني اُصدق الكلام ولا احيك حوله سرداً وقصصاً من الشكوك فاني متمسك به ومُتيم وذائب به وعيني دائمة الانهمار برؤيته فرحاً وبغيابه حزناً واتمنى لو كان لصدري بابا لوضعته فيه ورميت مفتاحه في اعمق بئر… فما السبيل ايها العاشقين فغيرتي لها شرعيتها لكن للشك خنجر ذو حدين مسموم فو الله لازلت ذلك الطفل الذي يلجأ للبكاء حينما يحتاج الى الحصول على شيء او لحظة من عناق و يهرب مختبأ خائفا من صوت الرعد.. والله لايزال الطفل داخلي رغم كبر سني فهل من طريقة او حل لقلع آفة الشك من داخلي ارجوكم انتشلوني..