دور الحركات الانفصالية في تغيير خريطة التوازنات العالمية

 
محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث
 
يشهد العالم نموا واضحا للنزعات الانفصالية في قارته المختلفة لأسباب متعددة اقتصادية ودينية وسياسية وقومية واجتماعية وجيوسياسية ، وهنا نميز بين النزعات الانفصالية وحق الشعوب في تحرير أرضها من الاحتلال . وقد جرى أكثر من استفتاء في العالم للانفصال لكن معظمها باء بالفشل لنفس الأسباب التي دفعت إلى الانفصال.
سنركز في هذا البحث على النزعات الانفصالية في العالم وننوه إلى تقارير الأمم المتحدة ذات الصلة التي تحدد تلك المناطق:
كاتالونيا:
كاتالونيا جزء من اسبانيا . لا يوجد مكان في أوروبا الغربية ينادي بالاستقلال بصوت عال كما هو الحال في كاتالونيا. و قد ساهم اضطهاد الجنرال فرانكو لشعب كاتالونيا في بداية القرن العشرين في زيادة النزعة الانفصالية لشعب هذا الإقليم . ويرفض الكاتلونيون وصفهم بأنهم مواطنون إسبان. ونجحت كاتالونيا على مر التاريخ بالوصول إلى درجة كبيرة من الاستقلال الثقافي والسياسي، بما في ذلك البرلمان الإقليمي. إلا أن حوالي 5.7 مليون كاتالوني لا يعتقدون أن هذا كاف لهم، بل يريدون الانفصال وتكوين دولة خاصة بهم، وذلك لأسباب اقتصادية بالأساس. ويقولون بأن كاتالونيا الغنية تم استنزافها من قبل الدولة الاسبانية. ويوجد حوالى 20 في المائة من إجمالي الناتج المحلى الإسباني في المنطقة الشرقية حول برشلونة. وأرسى قانون تبناه برلمان كاتالونيا الاربعاء (30 أيلول 2017) نظاما قضائيا استثنائيا لتنظيم استفتاء تقرير المصير هناك ، وقفد نفذ الاستفتاء رغم الحكومة الاسبانية إلا أنها تدخلت أمنيا وأفشلت الحركة الانفصالية ولاحقت المسؤولين عن تنظيم الاستفتاء .
الباسك:
يرغب الباسك بالانفصال عن إسبانيا، إذ أن الحكومة المركزية في مدريد تجمع ضرائب من مختلف المناطق الإسبانية وتقوم بتوزيعها على المناطق الإسبانية الأخرى، باستثناء إقليم الباسك. ويتمتع إقليم الباسك بمجلس نيابي خاص به وتتكفل مؤسساته المحلية بتحصيل الضرائب الأساسية، ويحظى بدرجة عالية من الاستقلالية الذاتيةِ تسمحُ له بالحكم والإدارة المباشرين في مجالاتٍ مثل: المالية وتحصيل الضرائب والصناعة وتنشيط الاقتصاد والبحوث والمستحدثات والنقل والإسكان والبيئة والتعليم والصحة والأمن العام.
تدير دولة الباسك الأسبانية الإيرادات الضريبية من تلقاء نفسها وتدفع مبلغا صغيرا فقط إلى مدريد. لكن إقليم الباسك الإسباني أضعف اقتصاديا من كاتالونيا. وعلى الرغم من أن القومية الباسكية ولغة الباسك قد قمعت أيضا تحت حكم ديكتاتورية فرانكو، إلا أن أقلية صغيرة من القوميين الباسكيين تنشط في أنحاء الإقليم. وقد قتلت منظمة ايتا الباسكية اكثر من 800 شخص على مدار 50 عاما لبلوغ هدف انفصالها عن مدريد. وفي عام 2011، تعهدت منظمة إيتا بالتخلي عن العنف.
فلاندرز:
في الانتخابات البرلمانية البلجيكية لعام 2014، أصبح التحالف الفلمنكي الجديد برئاسة بارت دي فيفر في المناطق الفلمنكية “مقاطعة فلاندرز”. وقد وجدت بلجيكا نفسها منذ استقلالها عن هولندا سنة 1830م مقسمة اجتماعيا وسياسيا، بين القومية الفلامنكية (القريبة إلى الهولندية) واللاتينية، التي تتحدث باللغة الفرنسية.
ويعتقد السياسي البلجيكي بارت دي فيفر أن بلجيكا بشكلها الحالي مآلها إلى الزوال، وهو يريد الانفصال، وتكوين مقاطعة مستقلة. وإذا تم الانفصال فإن بلجيكا ستفقد أكثر من نصف سكانها، وستكون القضية الرئيسية الوضع القانوني للعاصمة بروكسل، والتي هي مقر الاتحاد الأوروبي، ومقر لحلف الناتو.
سكتولاند:
تقع في الجزء الشمالي من المملكة المتحدة ، رغم أن عمر الاتحاد بين اسكتلندا وبقية المملكة المتحدة يبلغ حوالي 300 عاما، إلا أن الاسكتلنديين ظلوا يسعون جاهدين من أجل المزيد من الحكم الذاتي منذ فترة طويلة. ويطالب الحزب الوطني الاسكتلندي بالحكم الذاتي الكامل حيث أن لديهم بالفعل برلمان خاص بهم. وفي عام 2014، وافقت لندن على تنظيم استفتاء مستقل من أجل تحديد مصير الاتحاد، حيث صوتت غالبية الاسكتلنديين ضد الانفصال. إلا أن نتائج البريكست البريطاني عام 2016، وما تبعه من مطالبة بريطانيا بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي، أثار النزاع مجددا بين إسكتلندا الراغبة بالبقاء في الاتحاد الأوروبي وبين بقية المناطق البريطانية الراغبة بالانفصال. وهناك توجه في الإقليم لإجراء استفتاء ثان لتحديد مصير الروابط المستقبلية. وقد ينجح الاسكوتلانديون في مسعاهم للانفصال.
تيرول:
تقع في جنوب تيرول الإيطالية و تلعب العوامل الاقتصادية والسياسية والتاريخية والثقافية جميعها، من أجل الانفصال عن إيطاليا. وقبل الحرب العالمية الأولى، كانت تنتمي هذه المنطقة إلى النمسا والمجر، لكنها أصبحت جزءا من إيطاليا، في نهاية الصراع على الهيمنة على هذه المنطقة الهامة. ويتحدث 70% من الذين يعيشون في جنوب تيرول اللغة الألمانية. ويطالب سكان هذا الإقليم بالاستقلال عن إيطاليا منذ استعمارها، إلا أن الحزب المحلي فشل في التحول إلى حركة سياسية قوية يمكنها أن تأخذ خطوة مثل إجراء استفتاء. واكتسبت المنطقة المزيد من الأهمية وذلك بسبب العائدات الاقتصادية الجيدة، خاصة بعد تراكم الديون على إيطاليا، والتي تعتبر الدولة صاحبة الأكثر مديونية أوروبيا بعد اليونان، مما ادى الى اثارة مخاوف سكان تيرول من تأثرهم اقتصاديا بتلك الديون.
جزر فارو:
نظم هذا الأرخبيل من الجزر الذي يتمتع بحكم ذاتي في الدانمارك في شمال المحيط الأطلسي استفتاء على دستور جديد في 25 نيسان 2018، يمنحه حق تقرير المصير.
وتحظى هذه المنطقة التي نالت الحكم الذاتي عام 1948 ببرلمان ومياه إقليمية ذات سيادة، وشركة طيران خاصة بها. لكن الشؤون الخارجية والدفاع تبقى مسؤولية الدانمارك.
كورسيكا:
تتمتع هذه الجزيرة المتوسطية بوضع خاص حيث تعتبر هي الوحيدة في فرنسا من خارج أقاليم ما وراء البحار التي تحظى بمزيد من السلطات بعيدا عن السلطات الفرنسية. وقد حاولت فرنسا التخلص من اللغة الكورسيكية في المدارس والحياة العامة في الجزيرة أيام الاستعمار الاستيطاني ، إلا أنها فشلت. وبعد عقود من الصراع أعلنت المنظمة المسلحة السرية “جبهة التحرير الوطنى فى كورسيكا”، في يونيو 2014 التخلي عن السلاح من أجل تعزيز العملية السياسية. لكن احتمالات الصراع ما زالت قائمة. وتخشى السلطات الفرنسية من مطالبة أقاليم فرنسية أخرى مثل بريتانى او الالزاس بالانفصال، وهو ما تعتبره خطرا على وحدة البلاد.
بافاريا:
تحمل الولاية اسم ولاية بافاريا الحرة في الوثائق الرسمية. وتعتبر منطقة بافاريا الإقليم الألماني الوحيد الذي لديه حزب يمثله في البرلمان، حيث يتحالف الحزب “الاتحاد المسيحي الاجتماعي” مع حزب “الاتحاد المسيحي الديمقراطي”. وإذا أرادت الولاية الانفصال عن ألمانيا فإنها تستطيع الاعتماد على نفسها، إذ أنها تملك اقتصادا قويا. كما أنها الولاية الأكبر مساحة ضمن الولايات الألمانية، وبعدد سكان يفوق 13 مليونا، أي أكثر من عدد سكان دول مثل السويد أو البرتغال. وقد ظهرت بعض البوادر الانفصالية السياسية مثل ما نادى به السياسي من “الحزب المسيحي الاجتماعي” فيلفريد شارناغيل والذي أصدر كتابا عام 2012 بعنوان “بافاريا تستطيع العيش وحدها”، إلا أنه لغاية اليوم لم تظهر حركات سياسية كبيرة تتبنى هذا النهج ، ولكنها مرجحة في أي لحظة.
بادانيا:
بادانيا حركة انفصالية بشمال إيطاليا تأسست عام 1989 وسميت برابطة الشمال لاستقلال بادانيا ، وهي حركة اقتصادية بحتة. وتنادي تلك الحركة باستقلال الشمال الإيطالي وبخاصة كل من مناطق ( لومباردي، أوستا، بيدمونت، ليغوريا، فينيتو وإميليا رومانيا) والتي تحتوي على تجمع رأس المال، والأذرع الاقتصادية مثل البنوك والمؤسسات. ويعتقد الشماليون أن وسط وجنوب البلاد يبددون المال الذي يكتسبونه بشق الأنفس. وفي فترة التسعينات أراد حزب ليجا نورد الانفصال الكامل. وقد اصبح التوتر السياسي اكثر ميلا إلى الهدوء حاليا، إلا أن القلق ما زال يراود بقية المناطق الإيطالية لتركز رأس المال في الشمال، بدلا من تركزه في العاصمة روما.
كاليدونيا الجديدة:
في ثالث استفتاء من نوعه خلال السنوات الأخيرة، اختار سكان كاليدونيا الجديدة الأحد البقاء فرنسيين، بعدما صوتوا بنسبة تجاوزت 96% بـ”لا” للاستقلال عن فرنسا. وعقب ظهور النتائج، صرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في خطاب تلفزيوني أن “سكان كاليدونيا اختاروا أن يظلوا فرنسيين. قرروا ذلك بحرية”، مشيرا إلى بدء “فترة انتقالية”.
انخرط سكان كاليدونيا في هذه العملية منذ ثمانينيات القرن الماضي عندما شهدت أراضيهم التي استعمرتها فرنسا في القرن التاسع عشر، فترة اضطرابات بلغت ذروتها في عملية احتجاز رهائن وهجوم على كهف أوفيا في أيار/مايو 1988. وقد أدت الى مقتل 19 من الناشطين الكاناك وستة عسكريين.
وبعد أقل من شهرين على هذه المأساة، نجح الاستقلاليون والموالون لفرنسا في إبرام اتفاقات ماتينيون التي أعادت توزيع السلطات في كاليدونيا الجديدة. وبعد عشر سنوات، أطلق توقيع اتفاق نوميا عملية لإنهاء الاستعمار تستمر عشرين عاما.
في استفتاء أجري مؤخرا ، حقق رافضو استقلال كاليدونيا الجديدة عن فرنسا فوزا ساحقا فيما يشكل نهاية عملية لإنهاء الاستعمار في هذه الأراضي الفرنسية الاستراتيجية في المحيط الهادئ.
وشهد هذا الاستفتاء الثالث والأخير حول حق تقرير المصير امتناعا قياسيا عن التصويت بعد دعوة الاستقلاليين إلى تجنب الاقتراع، حسب نتائج جزئية.
ودعي أكثر من 185 ألف ناخب إلى التصويت للمرة الثالثة والأخيرة ردا على سؤال “هل تريد أن تحصل كاليدونيا الجديدة على سيادتها الكاملة وتصبح مستقلة؟”.
ويشكل هذا الاستفتاء خطوة حاسمة في عملية بدأت في 1988 باتفاقات ماتينيون في باريس التي كرست المصالحة بين الكاناك السكان الأوائل لكاليدونيا الجديدة، والكالدوش أحفاد المستوطنين البيض بعد سنوات من التوتر وأعمال العنف.
وقال مصدر رسمي إن 96,49 بالمئة من المصوتين رفضوا استقلال هذا الأرخبيل الفرنسي الاستراتيجي الواقع في جنوب المحيط الهادئ.
من جهته، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد إن “كاليدونيا الجديدة ستظل فرنسية”، وأضاف ماكرون في خطاب بثه التلفزيون “اختار سكان كاليدونيا أن يظلوا فرنسيين. قرروا ذلك بحرية”.
وأعلن ماكرون أن “فترة انتقالية” ستبدأ في كاليدونيا الجديدة، مضيفًا أن “فرنسا أجمل” مع بقاء جزر المحيط الهادئ جزءا منها.
استفتاء فينيتو:
نظم في إقليم فينيتو الإيطالية في عام 2014 استفتاء لم يعترف به رسميا، وصوت فيه 89% من سكان المنطقة بـ”نعم” لصالح الانفصال عن باقي أراضي البلاد، مصرين على أنهم لا يرغبون في تحمل الأعباء بمساعدة المناطق المتخلفة اقتصاديا من البلاد، علما بأن فينيتو تعتبر بين أهم المناطق السياحية في إيطاليا بفضل جمال لؤلؤتها مدينة البندقية.
جمهورية دونيتسك:
وفي العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين ظهرت في الخارطة الأوروبية دولتان جديدتان معلنتان من طرف واحد، هما جمهوريتا دونيتسك ولوغانسك الشعبيتان في جنوب شرق أوكرانيا، واللتان رفض سكانهما انقلابا في كييف بداية عام 2014 وتخوضان صراعا ضد الجيش الأوكراني من أجل استقلالهما.
إقليم دونيتسك منطقة في جنوب شرق أوكرانيا، تحدها روسيا من الشرق وبحر آزوف من الجنوب، وإلى الشمال منها تقع منطقتا لوغانسك وخاركيف، وإلى الغرب منها منطقتا زوبوريجيا ودنيبروبيتروفسكا.
تبلغ مساحة دونيتسك نحو 26.5 ألف كيلومتر مربع، أي ما يعادل نحو 4.4% من إجمالي مساحة أوكرانيا، وهي مقسمة إلى 18 منطقة، وتضم 52 مدينة و131 بلدة.
يبلغ عدد سكانها الإجمالي نحو 7 ملايين نسمة، ويشكل فيها الأوكرانيون نحو 56.8%، والروس 38.2%، وتتوزع النسبة الباقية على قوميات أخرى، كالتترية والأرمنية.
اللغة الرئيسية في المنطقة هي الروسية، وينتشر استخدام الأوكرانية في البلدات والقرى البعيدة عن كبريات المدن.
رغم مساحاتها الزراعية الواسعة، تعتبر دونيتسك منطقة صناعية، إذ تشتهر بكثرة مناجم الفحم الحجري ومعامل الحديد والصلب التي يعمل فيها معظم السكان، حيث فيها 13 منجما كبيرا للفحم، وعشرات المناجم الصغيرة، وفيها 9 مصانع لإنتاج فحم الكوك، و10 مصانع لإنتاج القضبان وغيرها من منتجات الصناعات الحديدية.
سيطر الانفصاليون في منطقة دونيتسك على الكثير من المدن، كسلافيانسك وكراماتورسك وزديرجينسك وكونستانتينوفكا وغيرها، لكن القوات الأوكرانية أجبرتهم مؤخرا على تركها، لتلاحقهم وتواجههم في مدن أخرى.
أما مدينة دونيتسك فهي المدينة الرئيسية في المنطقة، وعاصمة “جمهورية دونيتسك الشعبية” التي أعلنها الانفصاليون، وهي اليوم المعقل الرئيسي لهم، ولا سيما بعد أن أجبرتهم القوات الأوكرانية على ترك عدة مدن أخرى في المنطقة، مثل سلافيانسك وكراماتورسك.
تقع المدينة في قلب إقليم دونيتسك، وقد أنشئت عام 1869، وحملت آنذاك اسم حاكمها “يوزوفكا” حتى عام 1924، ثم سميت “ستولينو” نسبة إلى الزعيم السوفياتي الراحل جوزيف ستالين. وفي عام 1961 أطلق عليها اسم دونيتسك.
تعتبر خامس أكبر مدينة في أوكرانيا، إذ تبلغ مساحتها نحو 358 كيلومترا مربعا، ويعيش فيها أكثر من 900 ألف نسمة.
وإلى جانب غناها بالمناجم والمصانع أيضا، تشتهر دونيتسك بفريق عمال المناجم لكرة القدم “شاختار”، والملعب الدولي المسمى باسم الفريق أيضا، الذي احتضن عددا من مباريات بطولة كأس الأمم الأوروبية “يورو 2012″، كما يرتبط اسمها بالملياردير رينات أخميتوف الذي يمتلك معظم المصانع والشركات فيها. تتمتع المدينة بحياة ثقافية نشطة، حيث فيها الكثير من المسارح والمعارض والجامعات والمعاهد، لذلك فهي قبلة رئيسية للطلاب من داخل أوكرانيا وخارجها.
إقليم لوغانسك:
يقع إقليم لوغانسك في أقصى شرق أوكرانيا، وتحده روسيا من الشرق والشمال والجنوب.
تبلغ مساحته نحو 26.6 ألف كيلومتر مربع، أي ما يعادل نحو 4.4% من إجمالي مساحة أوكرانيا، وهي مقسمة إلى 18 منطقة إدارية، وتضم 37 مدينة و109 بلدات.
يبلغ عدد سكانه الإجمالي نحو 2.2 مليون نسمة وفق إحصاء عام 2014، ويشكل فيه الأوكرانيون نحو 57.9%، والروس 39%، وتتوزع النسبة الباقية على قوميات أخرى، كالمنتسبين إلى روسيا البيضاء والتتر والأرمن والأذريين والمولدافيين.
اللغة الرئيسية المستخدمة في المنطقة هي الروسية، وينتشر استخدام الأوكرانية في البلدات والقرى البعيدة عن كبريات المدن.
منطقة لوغانسك صناعية، فيها الكثير من مناجم الفحم ومعامله، كما يعتمد اقتصادها على شبكات وطرق ونقاط عبور البضائع من روسيا وإليها، بسبب الشريط الحدودي الطويل معها.
سيطر الانفصاليون في منطقة لوغانسك على عدة مدن وبلدات، لكن القوات الأوكرانية حصرتهم مؤخرا في بضع مدن وبلدات.
لوغانسك هي المدينة الرئيسية في المنطقة، وعاصمة “جمهورية لوغانسك الشعبية” التي أعلنها الانفصاليون، وتعد معقلا رئيسيا لهم اليوم.
تقع المدينة في جنوب شرق منطقة لوغانسك، وتأسست لتكون مصنعا عام 1795 وحتى 1882، ثم كبرت وتحولت إلى مدينة “فوروشيلوفغراد” حتى عام 1958، وكان فيها الكثير من نشاطات الاتحاد السوفياتي السابق.
تعتبر لوغانسك من أكبر مدن أوكرانيا، إذ تبلغ مساحتها نحو 286 كيلومترا مربعا.
في لوغانسك عدة مناجم ومصانع للآليات، والكثير من الجامعات والمعاهد في مختلف المجالات العلمية والأدبية.
ومن أبرز مدن المواجهات في منطقة لوغانسك، تقع مدينة ألتشيفسك إلى الغرب منها، على مساحة تبلغ 50 كيلومترا مربعا، وقد أسست عام 1895.
انطلقت شرارة الحرب في أوكرانيا من هذين الاقليمين .
جنوب السودان:
انفصل جنوب السودان عن السودان في التاسع من تموز عام 2011، ليصبح أكثر دولة فتية في العالم. وبهذه الخطوة انتهى صراع دام عقداً من الزمن وكان قد بدأ حتى قبل حصول السودان على استقلالها عن المملكة المتحدة في عام 1956. وشعر سكان الجنوب – الذي يغلب عليه الطابع المسيحي وتقطنه جماعات إثنية مختلفة ذات روابط وثيقة مع بلدان أفريقية أخرى – بأن حكومة الخرطوم مارست التمييز ضدهم، حيث يسيطر عرب من شمال السودان على الحكومة. وقد حملت جماعات متمردة مختلفة، بما فيها الحركة الشعبية لتحرير السودان، السلاح ضد الحكومة السودانية التي ردت بعنف كبير. وفي النهاية، وقع الجانبان اتفاق سلام في عام 2005.
وفي استفتاء عام 2011، أيد 98.8 بالمائة من الناخبين استقلال الجنوب. لكن آمال وأحلام العديد من أبناء جنوب السودان قد تحطمت عندما اندلعت حرب أهلية بين حكومة جنوب السودان وتحالف من جماعات متمردة في عام 2013. ورغم أنه تم توقيع اتفاق سلام آخر في عام 2015، إلا أن الأزمة حصدت آلاف الأرواح وخلفت أكثر من أربعة ملايين شخص بين لاجئ ونازح.
تيمور الشرقية:
كانت جزيرة تيمور الشرقية مستعمرة برتغالية لعدة قرون حتى أعلنت استقلالها في أواخر عام 1975. ولكن بعد ذلك مباشرة احتلت اندونيسيا الدولة الجديدة الواقعة في جنوب شرق آسيا. وكان الاحتلال الجديد الذي دام نحو ربع قرن وحشياً، حيث تراوحت تقديرات عدد القتلى بين 100 ألف و200 ألف. وفي عام 1999 صوتت تيمور الشرقية بأغلبية ساحقة لإنهاء الاحتلال عن طريق استفتاء مدعوم من الأمم المتحدة.
وفي أيار 2002، أصبحت جمهورية تيمور- ليشتي الديمقراطية، المعروفة باسم تيمور الشرقية، أصغر دولة ذات سيادة في آسيا، غير أن عقوداً من العنف تركت هذه الدولة ممزقة حتى الآن، حيث تعاني من عدم الاستقرار وغياب التنمية الاقتصادية، كما لا تزال أحد أفقر البلدان في العالم. ويعيش حوالي نصف سكانها البالغ عددهم 1.2 مليون نسمة في فقر مدقع نتيجة لسنوات طويلة من الصراع. علاوة على بنيتها التحتية الهزيلة تشكو تيمور الشرقية من نقص الأيدي العاملة.
كوسوفو:
بقيت كوسوفو ذات الغالبية السكانية الألبانية منطقة حكم ذاتي في صربيا لسنوات طويلة، وصربيا نفسها كانت إحدى الدول ضمن دولة يوغوسلافيا السابقة متعددة العرقيات. ومع انهيار يوغوسلافيا نتيجة سلسلة من الصراعات الدموية في تسعينات القرن العشرين، شكلت كوسوفو حركة للاستقلال. وكان رد القوات الصربية عنيفاً حيث هجّرت سكان كوسوفو عبر الحدود الألبانية. وفي عام 1999، ومع تصاعد القتال بين القوات الصربية والمسلحين الألبان، بدأ الناتو بحملة عسكرية ضد صربيا بقيادة الولايات المتحدة. وقد أجبرت الغارات الجوية التي استمرت شهوراً القوات الصربية على الانسحاب. وفي نهاية المطاف أعلنت كوسوفو الاستقلال في عام 2008، بدعم من الولايات المتحدة والعديد من دول الاتحاد الأوروبي. وحتى الآن لا تقبل صربيا أن تعترف باستقلال كوسوفو، واستطاعت بدعم من روسيا منع كوسوفو من الانضمام للأمم المتحدة. وما زال الحوار الذي يشرف عليه الاتحاد الأوروبي من أجل “تطبيع العلاقات بين صربيا وكوسوفو” جارياً في بروكسل منذ عام 2013. وقد وقعت الحكومتان على أكثر من 30 اتفاقية، لكن تنفيذها لا يزال يشكل تحدياً.
جمهورية التشيك وسلوفاكيا:
حُلت جمهورية تشيكوسلوفاكيا سلمياً وتحولت إلى جمهورية التشيك وسلوفاكيا في الأول من كانون الثاني عام 1993. ووصف هذا الانقسام بـ”الطلاق المخملي” بدلاً من الانفصال، في إشارة إلى الثورة المخملية السلمية التي حدثت في تشيكوسلوفاكيا في عام 1989 وقادت إلى نهاية الحكم الشيوعي. وخلال السنوات الثلاث التي تلت ذلك، اتسعت الهوة بين المنطقتين، ليصوت البرلمان في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1992 على حل الاتحاد. وكان الطلاق ناجحا، فاليوم كل من جمهورية التشيك وسلوفاكيا هي بلدان ذات اقتصادات قوية. وفي وقت سابق من العام الحالي سجلت جمهورية التشيك أدنى معدل بطالة في الاتحاد الأوروبي، كما يعتبر اقتصاد سلوفاكيا من أسرع الاقتصادات نمواً في منطقة اليورو.
بلوشستان:
بلوشستان هي منطقة تاريخية في شبه القارة الآسيوية تضم أجزاء من غرب باكستان وشرق إيران وجنوب غرب أفغانستان. ومكران هي المنطقة التي تقع في أقصى جنوب بلوشستان. وهي عبارة عن شريط ساحلي يجاور بحر العرب ويتميز بالجبال والسهول الصحراوية القاحلة. المدينة الرئيسية بمنطقة مكران هي ميناء جوادر.
و هي منطقة مُعادية و قليلة السكان، فقليل من القوى الإقليمية أو العالمية الأخرى تنازعت عليها أو زعمت أحقيتها في ضمها. وتعرضت جوادر ذاتها للاحتلال البرتغالي في القرن السادس عشر، وكانت مقاطعة تابعة لسلطنة مسقط بين ١٧٨٤ و١٩٥٨.
وقد خضعت أجزاء كثيرة من بلوشستان للإدارة البريطانية من سنة ١٨٣٩ في أعقاب حرب أفغانستان الأولى، مما ساعد الأخيرة على إقامة حاجز جغرافي بين الهند، التي كانت تعد أهم ممتلكاتها، وروسيا، غريمتها الإمبريالية الأولى في شبه القارة الآسيوية. اكتسبت جوادر أهمية اقتصادية كميناء للصيد، كما أن موقعها الساحلي جعلها محطة مهمة على الطريق البحري الذي يربط الهند بالخليج العربي.
و اتخذت مكران أهمية استراتيجية أكبر بالنسبة لبريطانيا في ستينات القرن التاسع عشر، مع إنشاء خط تلغراف بين الهند وأوروبا على طول ساحلها. في سنة ١٨٦٣، أرسلت الحكومة البريطانية وكيلاً سياسيًا أوروبيًا مساعدًا إلى جوادر. اعتمد سكان مكران قديما على صيد السمك بشكل رئيسي كمصدر للرزق. بيد أن الفقر الذي فاقمت حدته الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والمجاعات قد أجبر العديد من سكانها على الهجرة إلى المنطقة العربية والهند للعمل.
وعقب نيل الهند استقلالها، تم تقسيم بلوشستان بين الدول التي أصبحت تُعرف اليوم بباكستان وإيران وأفغانستان. وباعت عُمان قطاعها من جوادر لباكستان في ١٩٥٧.
سيداما في أثيوبية:
أعلن المجلس الوطني للانتخابات في إثيوبيا تصويت 98.51% من الناخبين لصالح انفصال قومية سيداما، وذلك في استفتاء أجري الأربعاء الماضي، مما يعني إنشاء الإقليم العاشر في البلاد.
وبذلك تتمكن قومية سيداما من الانفصال عن الإقليم الجنوبي وإدارة شؤونها بنفسها بواسطة حكم ذاتي، وفقا للنظام الفدرالي المعمول به في إثيوبيا منذ ثلاثة عقود.
وقال مفوض حقوق الإنسان في إثيوبيا إنه زار أكثر من مئة مركز اقتراع في خمس مدن و15 بلدة في الريف، موضحا أن الاقتراع كان سلميا، ولم ترد معلومات عن مخالفات كبيرة.
ووفقا للوضع الجديد، تكون لسيداما السيطرة على الضرائب المحلية والتعليم والأمن والتشريع في مجالات بعينها.
ويقول أحد المواطنين “لقد ناضلنا كثيرا لأجل هذه اللحظة، سنعيش بسلام مع الجميع”. ويضيف آخر “شعب سيداما بدأ حياة جديدة ولن نقصي أحدا، الإقليم الجديد ليس فقط لسيداما بل هو لجميع القوميات، وجميعنا شركاء”.
لكن مشوار الانفصال لم ينتهِ بعد، حيث لا تزال هناك قضايا عالقة كتبعية مدينة “أواسا حاضرة إقليم الجنوب، وهي عاصمة إقليم سيداما، وكذلك ترسيم حدود الإقليم”. وهذه القضايا ينبغي حلها قبل حلول موعد الانتخابات التشريعية في عموم إثيوبيا ، هذا فضلا عن أن انفصال سيداما يفتح شهية القوميات الأخرى للسير في الاتجاه نفسه، ولا سيما أن هناك عشرة طلبات لإجراء استفتاء مماثل وتكوين أقاليم خاصة.
وسيقام الوطن القومي لسيداما على أرض في منطقة “الأمم والقوميات والشعوب الجنوبية”، وهي أكثر مناطق إثيوبيا انقساما عرقيا وتتاخم كينيا وجنوب السودان.
وستكون هواسا – التي تبعد 275 كيلومترا جنوبي أديس أبابا- العاصمة الجديدة للإقليم الجديد المتمتع بالحكم الذاتي. وقال مسؤول كبير في الشرطة في هواسا إنه تم حظر الاحتفالات أمس السبت ولكن سيتم تنظيم احتفالات عند إعلان النتيجة النهائية. وعبر أفراد من جماعات عرقية أخرى تعيش في المدينة عن خوفهم من التعرض للتمييز والتهميش في ظل الوضع الجديد.
وقالت تسيون “أخشى أن يأتي أفراد السيداما ويلحقون بنا الضرر، سيأخذون كل الوظائف، وحتى إذا تقدمت بشكوى فلن يستمع إليها أحد لأن الشكوى مقدمة إلى واحد منهم”.
وتشهد إثيوبيا تغييرات سريعة منذ تعيين آبي أحمد رئيسا للوزراء في العام الماضي، متعهدا بأن يكون المجتمع الإثيوبي أكثر انفتاحا.
لكن الحريات الكبرى سمحت أيضا بتأجيج التوترات العرقية التي طال قمعها، وجعلت الشخصيات القوية في الأقاليم تتجرأ في المطالبة بحقوق لسكانها.
وتقول الأمم المتحدة وجماعات مراقبة إن العنف العرقي أجبر أكثر من مليوني شخص على النزوح من ديارهم، وأودى بحياة المئات في العام الماضي.
جمهورية بيافرا :
هي جمهورية انفصالية سابقة دامت من 30 مايو 1967 حتى 15 يناير 1970. نشأت عندما حاول سكان إقليم بيافرا الانفصال عن نيجيريا وتكوين دولة مستقلة خاصة بعرقية الإيبو في فترة الحرب الأهلية النيجيرية. وقد حصلت الجمهورية الانفصالية على اعتراف عدد قليل من الدول وهم هايتي والجابون وساحل العاج وتنزانيا وزامبيا. وقد دعمت إسرائيل الانفصاليين بإمدادهم بالأسلحة السوفييتية الصنع التي استولت عليها من العرب. وكذلك دعمت البرتغال الانفصاليين نكاية في نيجيريا الداعمة لاستقلال المستعمرات البرتغالية في أفريقيا. و كانت جزيرتي ساو تومي وبرينسيب البرتغالية قاعدة للإمداد الإنسانية للدولة وكانت معظم مكاتب التمثيل الإرجي لجمهورية بيافرا توجد في لشبونة وكذلك تم طبع العملة المحلية لبيافرا في لشبونة.
اعتبرت الحكومة المركزية مشروع بيافرا بأنه حركة انفصال، فأصدرت الأوامر إلى القوات العسكرية بالتوجه إلى إنوغو عاصمة الإقليم الشرقي لإنهاء الحكم الانفصالي بعد أن اتهمت بريطانيا والولايات المتحدة بتقديم التسهيلات لتجار السلاح الغربيين بتزويد حكومة بيافرا الانفصالية بالمعدات الحربية والأسلحة. بدأت الحرب بين الفريقين في 30 يونيو من عام 1967 وأحرزت في البداية القوات الانفصالية التقدم في الإقليم الغربي. لكن القوات الاتحادية تغلبت في النهاية وانهارت المقاومة الانفصالية في سبتمبر من عام 1969 وأخذت قوات بيافرا تتراجع وباتت لا تسيطر على أكثر من 8 الاف كلم2 خصوصاً أن الإقليم الشرقي استقبل ما يزيد على المليون من الإيبو الذين فروا من سائر أنحاء البلاد، ودخل الاتحاديون مدينة إينوغو في عام 1970 وغادر زعيم الانفصالين (أوجوكو) البلاد واستسلم الانفصاليون. ظهر أوجوكو بعد أسبوع في ساحل العاج وهي إحدى الدول الإفريقية التي اعترفت بدولة بيافرا الانفصالية إضافة إلى جنوب أفريقيا وروديسيا كما أن فرنسا كانت تعطف على الحركة الانفصالية وتسعى لدعمها. قطعت نيجيريا علاقاتها مع هذه الدول ثم استؤنفت في تشرين الأول سنة 1971م.
القرم:
تقع جمهورية القرم، وهي رسميا لم تزل جزءا من أوكرانيا، في شبه جزيرة تمتد من جنوبي أوكرانيا بين البحر الأسود وبحر آزوف. ويفصلها عن روسيا من الشرق مضيق كيرش.
في اوائل عام 2014، أصبحت شبه جزيرة القرم محور اخطر أزمة بين الشرق والغرب منذ الحرب الباردة، وذلك بعد الاطاحة بالرئيس الأوكراني المنتخب (والموالي لروسيا) فيكتور يانوكوفيتش باحتجاجات شابها العنف في العاصمة كييف.
عند ذاك، قامت قوات موالية لروسيا بالسيطرة على القرم، وبعد ذلك صوت سكان المنطقة – وغالبيتهم من ذوي الأصول الروسية – في استفتاء عام للانضمام الى روسيا الاتحادية. ولكن أوكرانيا والدول الغربية قررت ان الاستفتاء كان غير شرعي.
كانت الامبراطورية الروسية سيطرت على القرم وضمتها ابان حكم كاثرين العظيمة في عام 1783، وظلت جزءا من روسيا الى عام 1954 عندما قام الزعيم السوفيتي نيكيتا خروشوف بإهدائها الى جمهورية أوكرانيا السوفيتية آنذاك “من أجل تعزيز الوحدة بين الروس والأوكرانيين”.
ويشكل الروس أغلبية السكان في القرم، ولكن تسكن في المنطقة ايضا أقليات لابأس بها من الأوكرانيين والتتار.
كانت شبه جزيرة القرم تقع تحت سيطرة اليونانيين والرومان لعدة قرون، ولكن في عام 1443 اصبحت مركز دولة تتارية سيطر عليها لاحقا العثمانيون.
وأدى التنافس بين الدول الكبرى في اواسط القرن التاسع عشر الى اندلاع حرب القرم التي حاربت فيها بريطانيا وفرنسا – اللتان كانتا متخوفتين من الطموحات الروسية في بلاد البلقان – روسيا للاستحواذ على إرث الدولة العثمانية الآفلة.
منحت شبه جزيرة القرم حكما ذاتيا باعتبارها جمهورية من جمهوريات الاتحاد السوفيتي عقب ثورة أكتوبر البلشفية عام 1917، واحتلها النازيون في اوائل عام 1940 قبل ان يطردوا منها.
الإويغور في الصين:
يُعرف الإويغور على أنهم مواطنين في منطقة شين جيانغ الإويغورية ذاتية الحكم في جمهورية الصين الشعبية. تُعتبر هذه الأقلية واحدة من بين 55 أقلية عرقية معترف بها رسميًا في الصين ترفض الحكومة الصينية فكرة اعتبارهم من السكان الأصليين، ولا تعترف بهم إلا على أنهم أقلية إقليمية داخل دولة متعددة الثقافات.
يرغب الإويغور في الإستقال و الحصول على الحكم الذاتي نظرا للخلافات الثقافية والدينية والسياسات والعقائد المتناقضة حكومة بكين.
سكن الأويغور تقليديًا في سلسلة من الواحات المنتشرة عبر صحراء تكلامكان التي تضم حوض تاريم، وهي منطقة خضعت لسيطرة العديد من الحضارات تاريخيًا بما في ذلك الصين والمغول والتبت والحضارات التركية. بدأ الإويغور بالدخول في الإسلام في القرن العاشر ودخلوا الإسلام بشكل كبير بحلول القرن السادس عشر إذ لعب الإسلام دورًا هامًا في ثقافة وهوية الإويغور.
مازال 80٪ من إويغور الشينجيانغ يعيشون في حوض تاريم، ويعيش البقية منهم في أورومتشي، عاصمة شين جيانغ، والتي تقع في منطقة دزنغاريا التاريخية. يوجد أكبر مجتمع من الأويغور الذين يعيشون في منطقة أخرى من الصين في مقاطعة تاويوان، شمال وسط خونان.
يقدر المؤتمر الإويغوري العالمي عدد سكان الأو الإويغور يغور خارج الصين بحوالي 1.1-1.6 مليون نسمة. توجد مجتمعات كبيرة من الإويغور في الشتات في بلدان آسيا الوسطى مثل كازاخستان وقيرغيزستان وأوزباكستان. تعيش بعض المجتمعات الإويغورية الصغيرة في كندا وألمانيا وبلجيكا والنرويج والسويد وروسيا والمملكة العربية السعودية وتركيا وأفغانستان وأستراليا والولايات المتحدة وهولندا.
تشير التقديرات التي تصدر منذ عام 2016 إلى احتجاز أكثر من مليون من الإويغور في معسكرات إعادة التعليم في شين جيانغ. وفقًا لبعض المعلومات داخل الحكومة الصينية والتي حصل الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ) عليها، فإن السمة الرئيسية للمخيمات هي ضمان الالتزام بأيديولوجية الحزب الشيوعي الصيني. يُحتجز السجناء بشكل مستمر في المخيمات ولمدة لا تقل عن 12 شهرًا -اعتمادًا على أدائهم في اختبارات الأيديولوجية الصينية- ويقتصر التواصل بين النزلاء وأفراد أسرهم على مكالمة هاتفية واحدة كل أسبوع.
أصدرت منظمة حقوق الإنسان تقريرًا في عام 2017 تقول فيه «يجب على عملاء الحكومة الصينية إطلاق سراح الأشخاص المحتجزين في مراكز التعليم السياسي غير القانونية في شين جيانغ، وإغلاق هذه المعسكرات. حددت تقارير الأمم المتحدة والعديد من وسائل الإعلام أن ما يصل إلى مليون شخص محتجزون في معسكرات إعادة التعليم في هذه المنطقة». اعتبارًا من نوفمبر 2019، يُحتجز شخص واحد من أصل 10 من الإويغور في معسكرات إعادة التعليم.
التبت :
كان تمرد التبت عام 1905 عبارة عن سلسلة من أعمال الشغب التي قام بها اللامات التبتيون حيث عذبوا وأعدموا المبشرين الكاثوليك الفرنسيين، وذبحوا التبتين المتحولين للكاثوليكة، واغتالوا مسؤولين من سلالة تشينغ الصينية، وهاجموا جيش تشينغ الذي كان يقمع أعمال الشغب. وحرقوا عشرات الكنائس. يعتبر هذا أحد أكبر الاضطهادات الدينية التي نظمها اللامات التبتيون.
في 2 نيسان 1905، قامت أعمال الشغب المناهضة للكاثوليكية بقيادة اللامات حيث قاموا بذبح المئات من الكاثوليك التبتيين الذين تحولوا إلى المسيحية وحرق الكنائس. في 6 نيسان، اغتيل فينغكوان ، المفوض المقيم لتشينغ (أمبان) في التبت و مانشو ، على يد اللاما في باتانغ، سيشوانغ . حرض اللامات على كراهية الأجانب وزعموا أنه مفوض مزيف أرسله الفرنسيون واتهمه زوراً بالترويج للغة الفرنسية والزي العسكري. في 14 أبريل و 16 أبريل، أُعدم أربعة مبشرين فرنسيين وهم جان أندريه سوليه وهنري موسو وبيير ماري بوردونيك وجول دوبرنارد على يد اللاما بعد أسبوعين من التعذيب، في باتانغ وسيشوان وديكين، ويوننان على التوالي. حاصر اللامات جيش تشينغ في ديكين، الذي لجأ إليه المبشرون لمدة ثلاثة أشهر. في 24 أيار وتشرين الثاني ، استولى جيش تشينغ على باتانغ وديكين على التوالي، وقتلوا اللامات ومثيري الشغب.
وقعت حكومة تشينغ اتفاقية تعويض مع القنصل الفرنسي في يونان في عام 1906 دفعت حكومة تشينغ 150.000 تيل (حوالي 5000 كجم) من الفضة إلى الفرنسيين و 9000 تيل (حوالي 300 كجم) من الفضة إلى الكاثوليك الصينيين. في النهاية، أعادت السلالة التشينغية الصينية تأكيد سيطرتها على الحدود الشمالية لمدينة يونان والحدود الغربية لسيشوان، حيث كان للدير التبتي ورؤساء (توسي) السلطة.
وقد تكرر التمرد في عام 1956 ، وهرب الديلاي لاما إلى الغرب وتبنى قضاياه الغرب لخلافات عقائدية مع الصين.
تمرد مورو الانفصالي:
بحلول العام 1969 نشبت الاضطرابات السياسية والأعمال القتالية المفتوحة بين حكومة الفلبين وجماعات تحرير مورو المسلّحة نظرًا لعوامل التهميش التي نجمت عن سياسات إعادة التوطين المستمرة منذ بدايات ضمّ مينداناو وسولو إلى مناطق كومنولث الفلبين في العام 1935. كان من العوامل التي أشعلت فتيل حركات التمرد في مورو في نهاية المطاف هو وقوع مجزرة جابيدا التي شهدت مقتل 60 عنصرًا مِن الكوماندوز المسلمين ضمن عملية مخطّطة لاستعادة الجزء الشرقي من ولاية صباح.
و ردًّا على المجزرة، أسس البروفيسور في جامعة الفلبين نور ميسواري الجبهة الوطنية لتحرير مورو، وهي حركة تمرد مسلحة آلت على نفسها إقامة كيان مستقل يضمّ جزيرة مينداناو، وأرخبيل سولو، ومقاطعة بالاوان. عبر السنوات المتتابعة، انشقت الجبهة إلى عدة جماعات مختلفة، كان منها جبهة تحرير مورو الإسلامية التي سعت لتأسيس دولة إسلامية في الفلبين. تستند حركات التمرد في مورو إلى تراث طويل من مقاومة شعب البانجسامورو للغزو الأجنبي، تعود بتاريخها إلى الاحتلال الأمريكي للفلبين في العام 1898 رغم عدم كونها جزءًا من العمل الحربي لإسبانيا. ومنذ ذلك التاريخ، استمرت المقاومة في مورو ضد الحكومة الفلبينية.[33] تختلف الإحصاءات لعدد ضحايا الصراع، ولكن تشير التقديرات المتحفّظة لقاعدة بيانات أوبسالا للنزاعات بأن 6015 شخصًا على الأقل قُتلوا خلال النزاع المسلّح بين حكومة الفلبين، وجماعة أبو سيّاف، ومناضلو بانغسامورو الإسلاميين في سبيل الحرية، وجبهة تحرير مورو الإسلامية، والجبهة الوطنية لتحرير مورو بين الأعوام 1989 و2012.
حركة أزواد الانفصالية عن مالي:
بسطت سلطنات الطوارق نفوذها على معظم أراضي إقليم أزواد الحالية قرون عديدة قبل قدوم القوات الاستعمارية الفرنسية في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي، والتي جوبهت بمقاومة شرسة من قبل الطوارق، وتمكن الفرنسيون من قمع مقاومة الطوارق بفضل أسلحتهم الحديثة مقابل سيوف الطوارق ورماحهم، وهكذا سيطر الفرنسيون على الإقليم وأصبح ضمن المستعمرات الفرنسية. وسلطنتا كل آضاغ وإوليميدن كل أترام هما السلطنتان الطارقيتان اللتان سيطرتا على أغلب مناطق أزواد.
تم تأسيس الحركة الوطنية لتحرير أزواد في مدينة تمبكتو في الأول من تشرين الثاني عام 2010 . وبعد عودة آلاف الطوارق الذين كانوا يقاتلون ضمن جيش الليبي إلى أزواد وبحوزتهم أسلحة ثقيلة بعد سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011 م ، انضموا للحركة الوطنية لتحرير أزواد. وفي عام 2012 بدأت الحركة الوطنية لتحرير أزواد هجوماً استغرق أسابيع على مدن تساليت وأجلهوك ومنكا في شمال شرقي أزواد قرب الحدود مع الجزائر، وبعد قيام النقيب أمادو سانغوا بانقلاب عسكري أطاح بالرئيس أمادو توماني برفقة ضباط آخرين متوسطي الرتب، استثمرت الحركة الوطنية لتحرير أزواد حالة الفوضى التي نتجت عن الانقلاب لتبدأ الفصل الأخير من ثالث ثورة كبيرة في تاريخ الطوارق، وقد أفضى في غضون أيام إلى تحريرها مناطق كيدال وتمبكتو وغاو غير أن جماعات إرهابية مسلحة مدعومة من قبل مخابرات بعض دول الجوار، مثل حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا استغلت بدورها الوضع، وباتت تشارك في السيطرة على مدن رئيسة مثل تمبكتو وغاو.
أعلنت الحركة الوطنية لتحرير أزواد في 6 نيسان عام 2012 استقلال أزواد، وأكدت اعترافها بحدود دول الجوار، ورغبتها في الانخراط بميثاق الأمم المتحدة، وتعهدت بالعمل على توفير الأمن، والشروع في بناء مؤسسات تتوج بدستور ديمقراطي لدولة أزواد المستقلة، لكن الإعلان قوبل بالرفض الدولي والإقليمي دون أي مراعاة لحق تقرير المصير الذي تكلفه الأمم المتحدة، وفقاً للمادة 1 في ميثاق الأمم المتحدة : “تساوي الشعوب في الحقوق وحقُّها في تقرير المصير”.
جمهورية بابوا الغربية :
ويعود التمرد إلى مطلع ستينيات القرن الماضي حين انسحب الهولنديون من القسم الغربي من الجزيرة لتسيطر عليه إندونيسيا عسكريا، قبل أن تضمه رسميا بموجب استفتاء جرى عام 1969 واعترفت به الأمم المتحدة. وكانت “حركة بابوا الحرة” هي من أطلق شرارة العمل المسلح ضد القوات الإندونيسية المنتشرة في الإقليم.
ورغم أن بابوا حصلت على قدر من الحكم الذاتي عام 2001، فإن نفس الحركة الانفصالية (التي يمثل جيش تحرير بابوا الغربية جناحها العسكري) لم تتخل عن هدفها بإقامة دولة مستقلة على أراضي الإقليم على غرار الدولة الجارة، بابوا غينيا الجديدة القائمة في القسم الشرقي من الجزيرة.
ثم قدم رئيس الحركة الموحدة لتحرير بابوا الغربية بيني وندا إلى المفوضة الأممية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه عريضة بعنوان “تقرير المصير”، قال إنها تحمل توقيعات 1.8 مليون شخص من مجموع سكان الإقليم الذين يتجاوز عددهم ثلاثة ملايين.
وقبل ذلك، نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن المتحدث باسم الحركة جاكوب رومبياك أنهم مستعدون للحوار في الأمم المتحدة لحل المشكلة، ملوحا في نفس الوقت بالحرب.
لكن مواقف السلطات في جاكرتا مما يجري في بابوا تكشف بوضوح تصميمها على إنهاء التمرد المسلح في الإقليم الغني بالنفط والمعادن من ذهب ونحاس.
ورغم أن إندونيسيا تتعرض لانتقادات بسبب ما يتردد عن انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في بابوا، فإن حركة التمرد لم تحصل على أي دعم لمطلبها بتقرير المصير، كما أن جاكرتا لم تواجه أي تشكيك في سيادتها على الإقليم، بما في ذلك من دول إقليمية مهمة على غرار أستراليا.
الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية:
تمتد الصحراء الغربية على مساحة 252 ألف كيلومتر على الساحل الشمالي الغربي للقارة. وهي منطقة ذات كثافة سكانية منخفضة إذ يبلغ تعداد سكانها 567 ألف نسمة وفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة والبنك الدولي.
ويقول المغرب الذي يسيطر على ثمانين في المئة من أراضي الإقليم إن الصحراء الغربية جزء لا يتجزأ من أراضيه ولا يمانع في حصول الإقليم على حكم ذاتي على أن يظل تحت السيادة المغربية، فيما تصر جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر المجاورة على استفتاء لتقرير المصير، كما ينص اتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 1991.
بدأ النزاع فعلياً عام 1975، عندما وقعت إسبانيا قبل جلائها من الصحراء الغربية، اتفاقية مدريد مع كل من المغرب وموريتانيا، والتي اقتسم بموجبها البلدان الجاران الصحراء، لكن الصحراويين المسلحين الذين أسسوا جبهة البوليساريو، رفضوا الاتفاقية وواصلوا مطالبتهم بالانفصال. وصعدت الجبهة من وتيرة عملياتها وقامت بالتحريض على المظاهرات المطالبة بالاستقلال، بينما اتجه المغرب وموريتانيا إلى محكمة العدل الدولية.
ايرلندا الشمالية :
تأسس الجيش الجمهوري الأيرلندي عام 1919 مستلهما مرجعتيه الإيديولوجية وعقيدته العسكرية من الحركات الفدائية القومية الأيرلندية التي كانت تنشط منذ القرن التاسع عشر ضد الاحتلال البريطاني وكان آخرُها حركة المتطوعين الوطنيين، بقيادة جيمس كونولي، التي تأسست عام 1913 ونفذت عدة عمليات ضد البريطانيين أثناء الحرب العالمية الثانية أبرزها تمرد أعياد الفصح عام 1916.
وأنشأ الجيش جناحا سياسيا أطلق عليه اسم “الشين فين” وأسندت له مهمة الاضطلاع بجهد سياسي سلمي يسند الجهد العسكري للمنظمة ليصبا في هدف واحد هو تحقيق الدولة الأيرلندية المستقلة ذات النظام الجمهوري.
خاض الجيش الجمهوري حرب التحرير الأيرلندية (1919-1921) أملا في تحقيق حلم الدولة الأيرلندية الشاملة، لكن آماله خابت مع استبقاء بريطانيا لمنطقة (آلسترْ) بأقاليمها الستة وأغلبيتها البروتستانتية، وتوقيع الحكومة الأيرلندية اتفاق الاستقلال مع بريطانيا في العام 1921، فتحول اهتمام المنظمة إلى تحرير أيرلندا الشمالية.
رفض جناح “إيمون ديفاليرا” مؤسس الشين فين اتفاق الاستقلال مُشددا على التمسك باستقلال كامل أيرلندا، في حين دعم مايكل كولينز وجناحه اتفاق الاستقلال، لتدخل البلاد حربا أهلية دامية استمرت عامين وانتهت بهزيمة الشين فين ورافضي المعاهدة، وقبول كولينز عقد اتفاق معهم تضمن تعهد الشين فين بالانخراط في الحياة السياسية السلمية من أجل تحقيق أهدافها.
لم تُسلم المنظمة أسلحتها، وإن بات لصيقا بها لقب (الجيش الجمهوري غير النظامي) مقابل تسمية جناح كولينز، الذي انخرط أفراده في جيش الدولة الناشئة، بالجمهوريين النظاميين.
دارت الحرب الأهلية بين الجناحين ثلاث سنوات، تخللها اغتيال مايكل كولينز على يد عناصر الجيش الجمهوري الحانقين عليه بسبب توقيعه اتفاقيات لندن، التي نصت على بقاءِ أيرلندا الشمالية (تُعرف تاريخيا بمنطقة آليستر) بأقاليمها الستة (الكومتياتْ) تحت التاج البريطاني بينما منحت أيرلندا الجنوبية الاستقلال رغم تأدية الوزراء اليمين أمام الملكة. وتتألف أيرلندا الجنوبية من 26 إقليما وأغلبية سكانها من الكاثوليك، بينما تسكن الشمال أغلبية من البروتستانت.
ظلت فصائل الجيش الجمهوري الأيرلندي تتسمك بالعمل العسكري لتحقيق حلم الدولة الأيرلندية الذي تحوَّل إلى نزعة انفصالية تُقدَّم القطيعة الكاملة مع بريطانيا والانفصال التام عنها على الوحدة الأيرلندية نفسها، واستمر نشاط الجيش الجمهوري في شكل عمليات عسكرية وتفجيرات واغتيالات طيلة ثلاثينيات القرن العشرين.
ومع نشوب الحرب العالمية الثانية، حاول بعض قيادات الحركة ربط الاتصال بألمانيا النازية لتزويدهم بالسلاح، وهو ما أزعج الحكومة البريطانية التي سنَّت قانونا يُشرع حربها ضد الجيش الجمهوري، وأعدمت عددا من أفراده بتهمة الخيانة والتعاون مع العدو.
وبحلول خمسينيات القرن العشرين كانت المنظمة تحتضر، ولا سيما بعد إعلان استقلال جمهورية أيرلندا الجنوبية عن الكومنولث مما جعل منها الحليف الأول والأكثر مصداقية للكاثوليك في الشمال والذين لا تخفي تعاطفها معهم، لكنها في الآن ذاته تتحرج من عنف الجيش الجمهوري ولا تتردد في إدانته.
ومع نهاية ستينيات القرن العشرين، بلغ تذمر الأقلية الكاثوليكية من التهميش والإقصاء الاقتصادي والسياسي مداه، وكان المتطرفون البروتستانت لهم بالمرصا،د فاندلعت مواجهات عنيفة بين المتطرفين من الجانبين وتحولت بلفاست إلى ساحة حرب.
ومن نيران تلك المواجهة ولد الجيش الجمهوري من جديد رافعا شعار الدفاع عن كاثوليك الشمال في مواجهة البروتستانت وبريطانيا.
واعتمدت المنظمة أساليبها القديمة، التفجير والاغتيالات، ليَنتهي الأمر بانشقاقٍ جديد أنتج جناحين أحدهما عنيف وتسمى بـ(إيرا المؤقتة)، أما الجناح الآخر فتسمى بـ (إيرا الرسمية).
ومع تفاقم العنف ونشاط الجيش الجمهوري، نشرت بريطانيا قواتها للفصل بين الأحياء الكاثوليكية والبروتستانتية في دبلن وغيرها، وتفاقمت موجة العنف في أيرلندا الشمالية وبريطانيا ففي 30 يناير/كانون الثاني 1972، أطلق مظليون بريطانيون النار على متظاهرين في (ديرَّي) فقتلوا 13 شخصا فردَّت إيرا بعملية استهدفت قداسا لقوات المظليين في (آلدرشوتْ) ببريطانيا مما أسفر عن مقتل ستة مدنيين وعسكري واحد.
وفي أواسط ثمانينيات القرن العشرين، جرت اتصالات عديدة بين ساسة بريطانيين وآخرين بأيرلندا الجنوبية والشمالية أثمرت بلورة مسودة اتفاقٍ بين رئيس الوزراء البريطاني جون ميجور ونظيره الأيرلندي الجنوبي جون بروتون، في 22 فبراير/شباط 1995. واتفقا على إمكانية مشاركة الشين فينْ في المفاوضات إذا ما أعلنت إيرا تخليها عن العمل المسلح.
وبعد أربع سنوات أثمرت المفاوضات بين الحكومة البريطانية والأيرلندية الجنوبية والشين فين بزعامة جيري آدامس والحزب البروتستانتي بزعامة ديفيد تريمبل اتفاقا للسلام نص على إقامة إدارة شبه موحدة بين شطري أيرلندا وتشكيل حكومة شبه مستقلة في منطقة (آليستر) مع ترك الحسم في مصير الوضع السياسي لأيرلندا الشمالية لاستفتاء شعبي ديمقراطي.
نُصبت الحكومة في العام 1999، لكن لندن قررت حلها في 2002 إثر اتهامها أعضاء فيها ينتمون للشين فين بالتجسس للجيش الجمهوري.
وفي العام 2005 أعلن الجيش الجمهوري ترك السلاح والانخراط في المسار السياسي الديمقراطي سبيلا إلى تحقيقِ هدفه المرسوم بداية القرن الماضي، وهو توحيد أيرلندا كل أيرلندا في دولة واحدة مستقلة.
أوسيتيا الجنوبية:
أوسيتيا الجنوبية هي منطقةٌ انفصالية صغيرة مدعومة من روسيا، وتقع وسط جورجيا من ناحية الشمال، على الجانب الجنوبي من القوقاز، تفصلها الجبال عن أوسيتيا الشمالية، وتمتد جنوباً إلى قرب نهر متكفاري في جورجيا.
وتذكر تقديرات في عام 2012، أن عدد سكان أوسيتيا الجنوبية يبلغ 55 ألف نسمة، وينتمي معظم سكانها إلى العرقية الأوسيتية، ويدين معظمهم بالمسيحية، وهناك مسلمون وأقليات دينية أخرى.
كانت أوسيتيا الجنوبية خلال الحقبة السوفييتية تقع ضمن إقليم أوسيتيا الجنوبية ذاتي الحكم في جمهورية جورجيا الاشتراكية السوفييتية. وبعد تفكك الاتحاد السوفييتي أعلنت أوسيتيا الجنوبية استقلالها عن جورجيا عام 1990، وأطلقت على نفسها اسم “جمهورية أوسيتيا الجنوبية”.
ردت الحكومة الجورجية بإلغاء الحكم الذاتي في المنطقة وحاولت إعادة ضم المنطقة بالقوة، ما أدى إلى اندلاع حربين بين عامي 1991-1992، والثانية بين عامي 2004 و2008 -حيث كانت جورجيا حينها تستعد للانضمام إلى حلف الناتو والاتحاد الأوروبي- وأدى النزاع الأخير إلى حصول الانفصاليين والقوات الروسية على السيطرة الكاملة بحكم الأمر الواقع، على إقليم أوسيتيا الجنوبية بالكامل، حيث توجد فيها قوات روسية حتى اليوم.
وقد اعترفت موسكو بأوسيتيا الجنوبية كدولةٍ مستقلة عن جورجيا، إلى جانب إقليم أبخازيا ، في أعقاب الحرب الجورجية-الروسية عام 2008، حيث تُقدم لها موسكو الدعم المادي منذ ذلك الحين، كما نشرت القوات الروسية على أراضيها، ومنحت الجنسية الروسية والعديد من المزايا الأخرى لسكانها.
وفقدت جورجيا سيطرتها على تلك المناطق بحكم الأمر الواقع. ومع ذلك لم يعترف أحد بأوسيتيا الجنوبية كدولةٍ مستقلة باستثناء قليل من حلفاء الروس -مثل فنزويلا ونيكاراغوا – وثلاث دول صغيرة في المحيط الهادئ.
في حين توطّدت العلاقات بين أوسيتيا الجنوبية وموسكو على مدار السنوات، ليوقعا البَلدان على العديد من اتفاقيات التعاون المشتركة.
أبخازيا:
يقع إقليم أبخازيا وعاصمته سوخومي الذي يتمتع بحكم ذاتي، في شمال غرب جورجيا على البحر الأسود. وتعتبر أبخازيا نفسها دولة مستقلة عن جورجيا واقعيا. ويقطنها غالبية من المسيحيين الأرثوذكس، وحوالي 10% من المسلمين.
وكانت أبخازيا من قبل جمهورية تابعة لجورجيا منذ عام 1931. وقد طالبت الحركة الوطنية الأبخازية “إيدجيلارا” وتعني الوحدة، عام 1989 بالانفصال عن جمهورية جورجيا.
ومع بداية اتجاه جورجيا إلى الاستقلال عن الاتحاد السوفياتي، تنامى الشعور لدى الأبخاز بخطر فقدان الهوية والذوبان في الجمهورية المستقلة، لتبدأ أول جولات الصدام والعنف بين الجانبين يوم 16 يوليو/تموز سنة 1989 في سوخومي قتل أثناءها 16 جورجيا.
وفي الوقت الذي رفضت جورجيا التصويت سنة 1991 لصالح البقاء ضمن الاتحاد السوفياتي، صوت الأبخاز بنسبة عالية لفائدة البقاء ضمن الاتحاد.
وأعلنت أبخازيا استقلالها عن جورجيا يوم 23 تموز 1992، وقامت على إثرها جورجيا بإرسال قواتها إلى المنطقة لحفظ النظام.
واستمرت الحرب بين الطرفين مدة عام تكبد الجانبان فيها خسائر كبيرة، واستطاع الجورجيون السيطرة على المنطقة لفترة محدودة. ونتيجة للدعم الذي تلقاه الأبخاز خصوصا من عدد من القوميات الأخرى، أجبرت الجيوش الجورجية على الانسحاب من أبخازيا.
واتهم الرئيس الجورجي آنذاك إدوارد شفرنادزه روسيا بدعم الثوار الأبخاز، لتنتهي المواجهات العسكرية سنة 1993 بسيطرة الثوار على العاصمة سوخومي.
وقد خلفت تلك الحرب حسب التقديرات ما بين عشرة آلاف إلى ثلاثين ألف قتيل من الجورجيين، وحوالي ثلاثة آلاف قتيل من الأبخاز.
عرفت أبخازيا انتخابات رئاسية سنة 2004 حيث دعمت روسيا رئيس الوزراء راوول غاجيمبا، لكنه خسرها لصالح سيرجي باغابش، ونتيجة لنشوب توترات بين المتنافسين تم التوصل إلى شراكة سياسية بين الجانبين تفاديا لوضع أكثر تأزما.
وتبقى منطقة وادي كودوري -الذي تتواجد فيه قوات جورجية- من أسخن الملفات العالقة التي تهدد بتجدد الصراع بين الجانبين.
ترانسنيستريا :
حرب ترانسنيستريا وهو نزاع مسلح كان بين إنفصاليي ترانسنيستريا وبين حكومة مولدوفا، النزاع كان وقع بعد إعلان استقلال مولدوفا عن الاتحاد السوفيتي في سنة 1991 وحل الاتحاد السوفييتي، بدأت بوادر تشكيل حكومة ليبرالية قومية في مولدوفا وهذا ما لم يرغب به سكان ترانسنستريا الذين أغلب سكانهم من الروس والأوكران حيث فضلوا تشكيل حكومة شيوعية مماثلة للإتحاد السوفييتي وفي 1 مارس 1992 قام الجيش والشرطة المولدوفية بإطلاق النارعلى مؤيدي الانفصال لتبدأ الحرب بينهم، ساندت كُل من روسيا وأوكرانيا ترانسنيستريا بينما ساندت رومانيا التي تخلصت أيضاً من الحُكُم الشيوعي شقيقتها مولدوفا، استمرت الاشتباكات إلى يوم 21 يوليو 1992 حيث حُل الخلاف بواسطة من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وليتوانيا حيث تم الاتفاق بين الطرفين على استقلال ترانسنستريا من دون اعتراف أي دولة بها.
لكن هذه المنطقة التي تهيمن عليها روسيا في ترانسنيستريا أرادت البقاء ضمن الاتحاد السوفياتي. بعد الانهيار السوفياتي الأخير، أدت حرب أهلية قصيرة إلى استقلال ترانسنيستريا بحكم الواقع عن مولدوفا. “ترانسنيستريا” هو بالضبط ما يشير إليه المولدوفيون بالمنطقة المولدافية الموجودة ما بعد نهر دنيستر. يسميها السكان المحليون بريدنيستروفي، وهي كلمة روسية تعني “على طول نهر دنيستر”.
المكان محكوم من شركة مشبوهة تسمى “شريف”، تمارس أعمال تهريب البشر والأسلحة، وتحصل على الغاز المجاني من روسيا، ولديها فريق كرة قدم جيد بشكل مدهش.
تتعايش هذه الشركة مع مولدوفا، وتستفيد من الاتفاقيات التجارية مع الاتحاد الأوروبي. لكن هناك ما يقرب من ألف جندي روسي، إلى جانب حوالي 200,000 من حاملي جوازات السفر الروسية، وهو ما يعيدنا إلى حرب أوكرانيا.
إذا كانت القوات الروسية قادرة على الاستيلاء على ميناء أوديسا في جنوب غرب أوكرانيا – وستحاول قريبًا – فستكون على بعد 45 ميلاً فقط من ترانسنيستريا. بعد ذلك، إذا قرر الكرملين محاولة الارتباط بشكل كامل مع ترانسنيستريا، فإن ذلك يعني أمرين: الأول، أن تصبح أوكرانيا دولة غير ساحلية معزولة تمامًا عن البحر الأسود؛ والثاني، أن تتسع حرب بوتين رسميًا نحو مولدوفا، وهي المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي المرتبط ارتباطًا وثيقًا برومانيا، وهي نفسها عضو في الناتو.
وهناك مناطق أخرى تفكر في الانفصال وتأسيس دولها الخاصة لأسباب متعددة .
ما رأي القانون بالانفصال؟
الانفصال وتأسيس دولة يعني فيما يتعلق بالقانون الدولي، أن تصبح دولة من خلال الاعتراف بك من قبل دول أخرى.
كانت فكرة تقرير المصير، التي نشرها الرئيس الأميركي، وودرو ويلسون، قبل قرن من الزمان ردا على أفكار منظر الحزب الشيوعي السوفيتي، فلاديمير لينين، مدرجة في ميثاق الأمم المتحدة، الذي أسست بموجبه المنظمة الدولية عام 1945.
يعتقد أن حق تقرير المصير لا يمتد إلى الأقليات الداخلية داخل دولة ما، بل يعتقد تقليديا أنه ينطبق فقط على الشعب المستعمر، أو الأشخاص الخاضعين للاستعمار الخارجي، أو الشعوب الخاضعة لحكومات فصل عنصري أو الشعوب الخاضعة للاحتلال العسكري.
وأوضحت اتفاقات لاحقة للأمم المتحدة أنه لا يحق التدخل في شؤون الدول الأخرى، لكن المستعمرات والأقاليم الأخرى غير المتمتعة بالحكم الذاتي تتمتع بوضع متميز وحق في تقرير المصير.
لا توجد قاعدة ثابتة وسريعة بشأن عدد الدول، التي يتعين أن تعترف بقيام دولة ما حتي يصبح لها وجود، فتايوان غير معترفا بها عالميا على أنها دولة ولكن لا تزال تعمل بشكل مستقل عن الصين في معظم الأمور.
وقد حقق مؤيدو دولة فلسطين المستقلة إنجازا عندما اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بها كدولة مراقب غير عضو في عام 2012 وهو ما يمنحها حق الانضمام إلى هيئات دولية مثل الشرطة الدولية (الإنتربول).
لكن دولا أخرى، لاسيما إسرائيل والولايات المتحدة، لا تعترف بفلسطين التي تكافح من أجل العمل بشكل مستقل.
تحدد اتفاقية مونتيفيديو لعام 1933 أربعة معايير لإقامة الدولة: حكومة عاملة، وسكان ثابتون، وسيطرة على أراض، والقدرة على الدخول في علاقات مع دول أخرى.
لكن استيفاء هذه المعايير ليس كافيا، وقالت ستيلز إن كيانا مثل أرض الصومال رغم امتلاكها لعملتها وأراضيها وحكومتها لا تحظى باعتراف بها كدولة.
وأيضا فإن عضوية الأمم المتحدة ليست ذات صلة بإقامة دولة، فسويسرا لم تكن عضوا في الأمم المتحدة حتى عام 2002، بيد أن أحدا لم يعتقد أنها أقل من دولة.
ومنذ تفكك الاتحاد السوفيتي عام 1991 نشأت عدة بلدان جديدة بعد سنوات من الحرب كما حدث في يوغوسلافيا السابقة.
وفي جنوب السودان وتيمور الشرقية، وافق المجتمع الدولي على استفتاء بشأن تقرير المصير على أمل تعزيز السلام بعد عقود من إراقة الدماء.
وكفلت ظلال حرب يوغوسلافيا انفصالا سلميا لتشيكوسلوفاكيا والذي بدأ عندما فازت الأحزاب السلوفاكية المطالبة بالاستقلال بالانتخابات الإقليمية، لكن استطلاعات الرأي أظهرت أن أغلبية من الجانبين كانت تفضل البقاء معا.
وأجرى الانفصاليون في اسكتلندا وكيبيك استفتاءين بعد سنوات من الحملات السياسية، لكن الناخبين في المنطقتين صوتوا ضد الاستقلال، وقد منحت المنطقتان مزيدا من الاستقلال الذاتي لتقويض قضية الاستقلال.
وقررت محكمة العدل الدولية أن “القانون الدولي لا يتضمن أي حظر ساري المفعول لإعلان الاستقلال، “لكن أحد القضاة المعارضين قال إن ذلك يشكل “سابقة خطيرة جدا”.
لقد اتسم القرن العشرين بتأسيس دول على أساس قومي ، ويبدو أن القون الحادي والعشرين سوف يتصبغ بتأسيس دول صغيرة على أساس عرقي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى