حكاية ابو طلحة الانصاري و المسجد النبوي
شامخ الشندويلي
أسفل سجاد المسجد النبوي، توجد بقعة مختفية عن المصلين فيها ثلاث دوائر في الأرض شكلها غريب ومختلف عن كل تنسيقات وزخارف مسجد رسول اللهﷺ، هذه الدوائر لها قصة تعود لرجل من أغنى الصحابة فعل أمرًا عظيمًا يشهد عليه المسجد النبوي منذ 14 قرن..
أبو طلحة الأنصاري، رجلٌ من الأنصار وكان أكثرهم مالًا وحلالًا، كان يمتلك مزارع و إبل ونخيل وأنعام، وأعطاه الله خيرّا وفير ، وعندما أسلم كان يجود بما يملك للمسلمين ولا يبخل على أحد منهم أبدًا، لكن كان لابو طلحة شيئًا مميزًا بين كل ممتلكاته، كان هذا الشيء هو أحب مايملك و الأقرب لقلبه..
أبو طلحة رضي الله عنه، كان يملك بئراً تسمى “بير حاء” هذه البئر تقع مقابل مسجد رسول اللهﷺ وعلى مقربه منه، كانت هذه البئر أحب الممتلكات لأبو طلحة، فكل أهل المدينة ينتفعون به ويستفيدون منها، البئر كان ماءه طيب نقي، فأحبه الناس وكانوا يفضلونهه على بقية آبار المدينة المنورة..
ومن أعظم الأمور التي جعلت أبو طلحة يحب هذه البئر ويتعلق به بشده، هو أن رسول اللهﷺ كان يدخلها ويشرب منها ويحبها، وهي واحدة من الآبار السبعة التي شرب منها نبينا وتوضأ منها، فنالت من بركتهﷺ، فهذا سبب مضاعف جعل أبو طلحة يفضلها عن سائر ممتلكاته..
فلما نزل قوله تعالى: {لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}
قام أبو طلحة إلى رسول الله فقال: يا رسول الله، إن الله عز وجل يقول: { لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، وإن أحبّ أموالي إليّ بير حاء، وإنها صدقة لله أرجو برّها وذخرها عند الله.. فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله فرحًا بما سمع :بخ، ذلك مال رابح.
وفعلًا أنفقها رضي الله عنه في سبيل الله، واستمرت هذه البئر تصدر خيراتها للمسلمين على مدى سنين طويلة، حتى احتاج المسجد النبوي لتوسعة..
فكان يجب إغلاقها لمصلحة المسلمين، وهي موقعها الآن في المسجد النبوي الشريف عند الدخول من باب الملك فهد بين الباب الملك فهد 21 و 22، وتحديدًا على اليسار تحت الفرش بين العامودين الثاني والثالث يوجد ثلاث دوائر رخامية، وهي موضع البئر، تم وضع علامة حفاظًا على عظمة ومكانة هذا البئر…