تأملات في سلوك البشر
منقول
1- إختر وقت الغياب : هناك من الرجال من لا يفرقون بين التمكين للمشروع وبين حل مشكلاتهم الشخصية باسم المشروع، أو على حساب المشروع، بل إن أسوأ شيء يحدث لهم هو شعورهم أنهم هم الأفضل، وأن الصفوف الامامية بدونهم سبب في نهاية الحركة والحياة ونسي كثير من هؤلاء أنهم صاروا “كبارا” لأنهم محمولون على أكتاف إخوانهم، وأنهم أصبحوا “مشهورين” لأن آلاف من المخلصين من رجال الظل.. قدموهم لخدمة المشروع لا لخدمة أنفسهم، فنسوا عهدهم مع الله وميثاقهم مع الناس وصنعوا لأنفسهم “نياشين ” فاذا تدافع القوم عن اللعاع واللعاب فليكن ذلك هو وقت غيابك .
2- من أنت يا أنت : ولو لم يقف معك رجال مؤمنون ونساء مؤمنات آثروك على أنفسهم ودفعوا “فاتورة نجاحك” من مصروف جيوبهم..هل كنت اليوم صاحب حظوة تتحدث عن نفسك باسم الفكرة والمشروع وتضرب الطاولة بيمينك وكأنك حررت القدس؟! ولو لم يرفعك إخوانك على أكتافهم لتستشرف العالم، فهل كان يتجمع حولك المئآت ويهتفون باسمك ويحبونك ويدعون لك بالنجاح والتوفيق وأنت لا تعرفهم..وهم إنما يفعلون ذلك لأنهم يرون فيك رائد القوم، ويدافعون عن عرضك في مجالس تقدح في مسارك وتشوه سمعتك فينافحون عنك ليبيضوا صورتك ويحفظوا كرامتك فيوفرون لك بذلك أسباب النجاح،.. لا شيء إلاّ لأنك – في نظرهم- “وجه” من وجوه المشروع، ومبعوث نواياهم الحسنة لجيل النصر المنشود.
3- كن بطلا مع الجماعة ولا تكن بطا ولا نعامة : لو لم يكن إخوانك خلفك يدعون لك بظهر الغيب ويهيئون لك أسباب النجاح ما صرت “بطلا”، فالبطولات الفردية لم يعد لها وجود في عالم مفتوح، وعصر الكاريزمات الشخصية قد دالت دولتها لتحل محلها “كاريزما المؤسسات” وكل من يعتقد نفسه بطلا – خارج إطار المؤسسة- يجرب حظه بإحراز أي نجاح بمفرده، وسوف يكتشف حقيقة أن اليد الواحدة لا تصفق، وأن الله تعالى منّ على رسوله محمد (صلى الله عليه وسلم) بقوله : “هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين”. فإذا كان الأنبياء (عليهم السلام) بحاجة إلى دعم المؤمنين لينتصروا ويمكنوا لمشروعهم، فكيف بك أنت؟؟ فرسول الله المؤيد بالوحي لم يحقق كل تلك الإنتصارات المدوية بعبقرية فردية وإنما تحققت بصدقه وإخلاصه وتجرده وحرصه على نشر دعوته والتمكين لمشروعه..الخ ولكنه كان محتاجا إلى أمرين إضافيين هما : تأييد الله له، ونصرة المسلمين لما جاء به من الحق المانع من الغلظة والفظاظة : “ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك”.
4 – من انت من هؤلاء الأصناف الأربعة التالية :
– رجل رسالي : حاضر دائما في ساعات الفزع وغائب دائما في لحظات الطمع.
– ورجل إنتهازي : كثير الحضور عند الطمع..لا أثر له عند الفزع.
– ورجل تاجر : يحضر في الفزع ويزاحم بشدة على الصف الأول عند الطمع.
– ورجل ميت : لا وجود له في العير ولا في النفير، لا يحركه فزع ولا يجذبه طمع، فهو غائب غيابا كاملاً، وكأنه من أصحاب القبور.
5 – كن من طينة هؤلاء الرواحل : الرجال (النماذج) الذين تحتاج إلى أمثالهم الحركة هم رجال الميدان ورجال القول والعمل فعندما تواجه المؤسسات واقعا مفصليا في مساراتها التاريخية، صفات هؤلاء الرجال أنهم لا يزاحمون الناس على الصفوف الأمامية، ولا يحضرون “القسمة” إذا فتحت الدنيا زهرتها، بل تجدهم ينسحبون من الزحام بمجرد إعلان الفوز، لأنهم يعرفون حقيقة كثيرا ما ينساها تاريخ البشرية، خلاصتها كلمتان :
- النصر له آباء كثيرون. بل كل الناس آباؤه (وأكثرهم الإنتهازيون) الذين يجتمعون عند الطمع ويختفون يوم الفزع
- أما الهزيمة فيتيمة. (لا يتبناها إلاّ من يدرك أنها درس مرّ لنصر قادم)، إن صناع النصر إنما يصنعونه بالقدوة، والتنازل، والإيثار..وهي قيم يصنعها الزهد في الغنائم (وهي حقهم)، ولكنهم يتنازلون عن هذا “الحق” طواعية منهم ليصنعوا للناس قدوة سامقة إفتقدناها في زمن التكالب على لعاعة الدنيا.
عن التجربة وبتصرف