رأي

بين إيران والسعودية

كلاهما يرفع شعار الإسلام وهو حربٌ على هذا الدين، كلٌ بطريقته.

وإذا حكّمنا العقل واحتكمنا إلى معطيات الواقع وجدنا أن إيران أفضل بكثير من السعودية، فهي لديها أجندة طائفية( الفرس) ومذهبية (الشيعة) تخدمها بكلّ ذكاء وجدّ وإخلاص، تحسن التعامل مع مختلف الفاعلين على المستوى الدولي حتى أصبحت قوة إقليمية مما سمح لها باضطهاد الأقلية العربية فيها السنة وتهديد الأنظمة المجاورة للخليج، من جهة أخرى هي تحتضن قضايا الشيعة أينما وجدت وتنتصر لها بالحق وبالباطل فسيطرت على العراق ولبنان وسورية وأصبح لها حضور فاعل في اليمن وأنشأت كيانات تابعة لها في المغرب العربي.

اصبحت بذلك دولة قوية لها صناعتها و سياستها الخاصة المستقلة البعيدة عن كل أشكال الخضوع و الخنوع .

أسست لصناعة خاصة بها و فكر مؤثر جدا في مختلف بقاع العالم فاصبح يعمل لها الف حساب .

ماذا يُسمى هذا؟ أليس هو النجاح والانتصار؟

في المقابل ماذا فعلت السعودية؟ لديها همٌّ واحد لا ثاني له: بقاء الأسرة في الحكم مهما كان الثمن… في سبيل ذلك انبطحت تماما أمام أمريكا وتحالفت مع الكيان الصهيوني و قطعت علاقتها بأهل السنة في كل مكان وتآمرت عليهم وخذلتهم أي انعزلت عن محيطها الطبيعي : لم تحارب الصهاينة بل تحارب اليمن، لم تحاصر العدو الغاصب بل حاصرت قطر، لم تتحالف مع تركيا لتكوين حلف سني قوي بل حاربتها سياسيا واقتصاديا، سلّمت العراق في طبق للشيعة و ساهمت في تخريب سورية وإدامة سلطة الأقلية الشيعية البعثية الحاكمة .

ومن أكبر أخطائها المنطوية على غباء سياسي منقطع النظير عداؤها لجماعة الإخوان مع علمها أنها أكبر تنظيم حركي إسلامي سني في العالم لو جذبته إلى صفها لكان ذلك عاملا كبيرا في تقوية موقفها السياسي إقليميا وعالميا، فماذا نقول عن دولة تعادي عمقها الاستراتيجي وتعمل ضدّه لتتحالف مع ألدّ أعداء الإسلام والأمة؟ ماذا يبقى لدولة بني سعود من ركائز الاستمرار لو نضب البترول أو انهارت أسعاره؟ هل لديها قاعدة صناعية صلبة أو إبداع مادي ومعنوي؟ من يطلع على رسائل الدكتوراه التي يتخرج بها “علماء” من الجامعات هناك يصيبه الغثيان، فهي في الغالب الأعمّ دراسات”شرعية” تكتفي بترديد مقولات شيوخ الوهابية فإذا أبدعت كانت من نوع “رسالة في الضراط” و ” ما يجوز وما لا يجوز في نكاح العجوز” !!!

وبدل تصحيح المسار تكتفي الجاليات السعودية المنتشرة في العالم العربي – وخاصة في الجزائر – بتكفير من ينتقد حُكام “دولة التوحيد” واعتباره شيعيا رافضيا.

هناك – في إيران – يأخذون بأسباب القوة وبالتالي سيصبحون تهديدا قويا لأهل السنة في الخليج وغيره، أما هنا – في الجزيرة العربية – فيرتكسون في التخلف بكل أشكاله.

عبد العزيز كحيل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى