الشخصية العراقية تحت مجهر التشخيص
ك ضياء محسن الاسدي
(( من الملفت للنظر في الشخصية العراقية الحالية وخصوصا في السنوات الأخيرة من القرن الماضي
والحاضر تتجه إلى منحنيات مخيفة وتراجع في السلوكيات الأخلاقية والنفسية التي كانت تمتاز بها سابقا وكانت
مضربا للأمثال وأسلوب حياتي يُقتدى بها منذ قرون من الزمن لكن تحت وطأة مطرقة التغيرات الحياتية
الطارئة التي تواجهها الأسرة والمجتمع بأكمله والضغوطات التي تمارسها بعض الجهات والوسائل التكنولوجية
ومواقع التواصل الاجتماعي والكثير من المفاهيم المنحرفة التي زُرعت في العقل البشري لتحول المجتمع
والفرد إلى كائن مبرمج كالدمية والماكنة المسيرة وراء سراب أسمه التحرر والديمقراطية المنحرفة أصبحت
وبالا بتأثيرات خارجية رُسمت له بدقة على هذا الشكل والنمط من المعيشة والتفكير حيث أبتعد الفرد عن القيم
والمبادئ والأخلاقيات والعقل النير الذي كان يسود المجتمع وهذا ما نلاحظه الآن في مجتمعنا العراقي في الفكر
والمنطق وأسلوب العيش مع أقرانه ومحيطه حيث تحول المجتمع العراقي ومع الأسف إلى غابة تسودها
الوحوش والعقول المنحرفة الوصولية وانقلبت الموازين الأخلاقية والمبادئ التي تربينا عليها وعرفناها جيل بعد
جيل منها المحبة والتسامح والتكامل والألفة والتعاون والرقي في أسلوب العيش والفكر والتفكير والتعايش
السلمي الطاغي على المجتمع العراقي إلا أن الشعب العراقي فقد هذه الخصائص العريقة في السنوات الأخيرة
حيث أخذت التغييرات الجديدة تؤثر على واقعه وتجره إلى الهاوية وإلى التمزق الأسري والمجتمعي تنهش به
الأحقاد والجريمة وحب المال والفساد والمخدرات والممارسات الخاطئة التي يمارسها الفرد في حياته اليومية
في ظل غياب القانون الرادع والحلول الحكومية لبناء دولة ومؤسسات مؤثرة في انتشال هذا المجتمع فالشخصية
العراقية أصبحت تفتقد الكثير من الأخلاق الجيدة والحميدة والترابط والتلاحم المجتمعي والأسري في الحياة
متكأين على الظواهر السلبية البالية التي لا تعكس حضارة العراق الأصيلة وهذا لا يشمل الكل بل الأكثرية
فالشخصية العراقية كادت أن تكون أكثر عدوانية وشراسة وعدم مبالاة بالمسئولية اتجاه الآخرين وقسوة في
القلب ومحبة للنفس الذاتية ومؤذية في كثير من الأحيان فله الاستعداد والقدرة في الإساءة للغير بدون إي اعتبار
للموازين الأخلاقية وليس له خطوط حمراء يقف عندها في أسلوب العيش مع الآخرين .
أما البقية الباقية ممن تشبثوا وتمسكوا بما لديهم من التراث الأخلاقي القديم والقيم والمبادئ والكلمة الصادقة هم
في عزلة مجبرين لا حول لهم ولا قوة في مواكبة هذا العصر وهذا الجيل المتمرد الفاقد لكثير من القيم والغافل
عما يجري من حوله والسائر في رحاب الفوضى والفشل اليومي للمجتمع وأن هذه الثلة لا تستطيع أن تقف أمام
هذا الطوفان الجارف لانحراف المجتمع لإيقاف مده ولا الحد منه ولا تقبله بما يحمله من ظواهر دخيلة فأكثرها
أصبحت متفرجة ولسان حالها يقول ( لا أمر لمن لا يُطاع ) وأن هذه الأصوات نشاز في آذان الآخرين .
ومن هنا تكمن المسئولية الكبرى والثقيلة في الإسراع والتكاتف من قبل كل المعنيين في الدولة والمجتمع
والمؤسسات التي لها تأثيرا على أرض الواقع أن تأخذ دورها في انتشال المجتمع العراقي من هذه الدوامة
الخطيرة لوضع المجتمع على سكته الصحيحة من جديد لإنقاذه ))