أمن وإستراتيجيةفي الواجهة

أسباب إرسال غواصة أمريكية تعمل بالطاقة النووية إلى المنطقة


تتج ه الولاي ات المتح دة الأمريكي ة نح و تعزي ز وجوده ا العس كري ف ي منطقة الش رق الأوس ط، حي ث قال ت البحري ة الأمريكي ة ف ي بي ان له ا، ف ي ٨ أبري ل الجــاري، أن الغواصــة )يــو إس إس فلوريــدا( التــي تعمــل بالطاقــة النوويــة والق ادرة عل ى حم ل ١٥٤ ص اروخ “ك روز” م ن ط راز “توماه وك” وصل ت إل ى منطق ة الش رق الأوس ط لدع م الأس طول الأمريك ي الخام س المتمرك ز في البحري ن، وللمس اعدة ف ي ضم ان الأم ن والاس تقرار البح ري الإقليم ي. ويع د الإع ان ع ن موق ع الغواص ة أم راً غي ر ع ادي إل ى ح د كبي ر؛ لأن الجي ش الأمريك ي لا يعل ن ع ادة ع ن أماك ن غواصات ه، على عك س الس فن والطائرات الأمريكي ة الت ي يمك ن تتبعها.
وق د أض اف مس ئول عس كري أمريك ي كبي ر أن نش ر الغواص ة ف ي المنطق ة يع د أم راً هام ا؛ً لأنه ا الم رة الأول ى من ذ ١٩ ش هراً الت ي تتول ى فيه ا القي ادة المركزي ة الأمريكي ة – الت ي تش رف عل ى الش رق الأوس ط وبع ض المناط ق المج اورة – الس يطرة التش غيلية عل ى غواص ة هجومي ة أمريكي ة. وأش ار بي ان البحري ة الأمريكي ة إل ى أن الغواص ة س تبقى ف ي المنطقة لفترة م ن الوقت على غي ر الع ادة، حي ث كان ت الغواص ات الأمريكي ة تعب ر المنطق ة.
دوافع عديدة
يمكــن تفســير قــرار الولايــات المتحــدة الأمريكيــة بإرســال غواصــة نوويــة ق ادرة عل ى حم ل صواري خ م ن ط راز “توماه وك” – الت ي اش تهرت بع د أن اس تخدمتها الق وات الأمريكي ة خ ال غ زو الع راق ف ي ع ام ٢٠٠٣ وف ي ال رد عل ى هج وم بالأس لحة الكيماوي ة ف ي س وريا ف ي ع ام ٢٠١٨ – ف ي ض وء

دواف ع عدي دة يتمث ل أبرزه ا ف ي:
1- ردع المليش يات الموالي ة لإي ران: رغ م ع دم إش ارة البيان ات العس كرية الأمريكي ة إلى أن نش ر الغواص ة مرتبط بالتوتر الأمريك ي – الإيران ي المتصاع د راهن اً، إلا أن الإع ان الن ادر ل وزارة الدف اع الأمريكي ة )البنتاج ون( ع ن موق ع إح دى غواصاته ا م ن فئ ة “أوهاي و” يأت ي بع د الهجوم الذي ش نته المليش يات المس لحة الموالي ة لإيران بطائ رة م ن دون طيار على قاع دة عس كرية أمريكي ة ف ي ش مال ش رق س وريا بالق رب م ن الحس كة ف ي ٢٣ م ارس الفائ ت، وأس فر ع ن مقت ل متعاق د أمريك ي، وإصاب ة س تة آخري ن م ن بينه م خمس ة م ن أف راد الخدم ة الأمريكي ة، وال ذي أعقب ه هجوم آخ ر بعش رة صواريخ ف ي الي وم التال ي. وق د ت وازى ذل ك م ع تصاع د ح دة التوت ر عل ى الح دود الإس رائيلية – اللبناني ة، بع د إط اق صواريخ من جن وب لبن ان عل ى إس رائيل ف ي ٦ أبري ل الج اري، وه و التصعي د الأكث ر وضوح اً من ذ ح رب ع ام ٢٠١٦، حي ث تته م واش نطن وت ل أبي ب ح زب الله اللبنان ي بالمس ئولية ع ن ه ذه العملية.
وم ن هن ا، يه دف نش ر الغواص ة الأمريكي ة إل ى توجي ه رس الة واضح ة للمليش يات المس لحة الموالي ة لإي ران ب أن الق وات الأمريكي ة مس تعدة م ع ق وة أكب ر لل رد عل ى أي ة هجم ات إضافي ة ض د مصال ح الولاي ات المتح دة الأمريكي ة وحلفائه ا الاس تراتيجيين ف ي الش رق الأوس ط، ولا س يما إس رائيل المنخرط ة م ع إي ران فيم ا يس مى “ح رب الظ ل .”
الغواصة “يو إس إس فلوريدا”
ب دأت عملي ة بن اء الغواص ة “ي و إس إس فلوري دا” ف ي ٢٨ فبراي ر ١٩٧٥، وأطلق ت ف ي ١٤ نوفمب ر ١٩٨١، وبدأت مهامها العسكرية في ١٨ يونيو ١٩٨٣. وهي السفينة السادسة للبحرية الأمريكية التــي ســميت باســم ولايــة فلوريــدا الأمريكيــة. وُتُعــد الغواصــة مــن أقــوى الغواصــات الأمريكيــة ،وهي من فئة “أوهايو”، وتمتاز بقدرتها على الاشتباك مع الغواصات المعادية والسفن .
وتعد “يو إس إس فلوريدا” غواصة هجومية تعمل بالطاقة النووية، ومزودة بـ١٥٤ صاروخ “كروز “من طراز “توماهوك”. وتتمثل مهمتها في القيام بدوريات للردع الاستراتيجي. وهي إحدى أربع غواصات أمريكية مزودة بصواريخ موجهة في الأسطول الأمريكي، وُتُبحر بسرعة ٤٦ كم في الساعة على عمق ٢٤٠ مترًاً تحت الماء. وهي مزودة بحوالي ٨٤ طوربيدًاً من عيار ٥٣٣ ملم على متنها، وتتمتع بقدرات اتصالات فائقة. وتضم ٦٦ عنصرًاً من قوات العمليات الخاصة، ويتناوب ١٦٥ بحارًاً على تشغيلها. وقد شاركت الغواصة في عملية “فجر أوديسا”، التي بدأت في ١٩ مارس ٢٠١١، بإطاق ٩٣ صاروخًاً على أهداف جوية ليبية.
2- ضم ان حري ة الملاح ة ف ي المم رات: يق ول مس ئولون أمريكي ون إن نش ر الغواص ة ف ي مي اه الخلي ج العرب ي يه دف للحف اظ عل ى اس تقرار أح د أكث ر مم رات الش حن ازدحام اً في العال م، وهو مضيق هرم ز الذي يمر عب ره ٤٠٪ م ن الإنتاج العالم ي م ن النف ط، حي ث أش ار تقري ر لصحيف ة “نيوي ورك تايمز” الأمريكي ة، ف ي ٨ أبريل الج اري، إلى أنّ نش ر الغواصة يأت ي بع د ي وم م ن إص دار الأس طول الخام س الأمريك ي تحذي راً ينص ح جمي ع الس فن بالح ذر بع د تصاع د التوت رات بي ن إي ران وإس رائيل، وفق اً للمتح دث باس م البحري ة الأمريكي ة، ف ي س ياق التوقع ات العس كرية الأمريكي ة والاس تخباراتية الإس رائيلية ب أن الق وة الجوفضائي ة التابع ة للح رس الث وري الإيران ي كان ت تس تعد لهج وم بطائ رة م ن دون طي ار ض د الس فن التجاري ة المدني ة المملوك ة لإس رائيل الت ي تبح ر ف ي الخلي ج العرب ي وبح ر الع رب، لانتق ام م ن الضرب ات الجوية الإس رائيلية ف ي س وريا .
وق د نُصح ت الس فن الإس رائيلية – وفق اً للتقري ر – بإيق اف تش غيل أجه زة الإرس ال والاس تقبال الخاص ة به ا، والإبح ار ف ي أق رب وق ت ممك ن م ن س احل عم ان وبعي داً ع ن الس احل الإيران ي، والإب اغ بش كل روتين ي ع ن م كان تواجده ا، وأي نش اط مش تبه في ه، للح د م ن خط ر اس تهدافها بواس طة الطائ رات م ن دون طي ار الإيراني ة.
3- تعزي ز الوج ود العس كري بالش رق الأوس ط: اتخ ذت إدارة الرئي س الأمريك ي ج و باي دن العدي د م ن الخط وات الت ي ته دف إل ى تعزي ز الوج ود العس كري الأمريك ي ف ي الش رق الأوس ط، ففض اً عن إرس ال الغواص ة الأمريكية الق ادرة على حم ل أكث ر م ن ١٥٠ ص اروخ “ك روز” م ن ط راز “توماه وك” إل ى المنطق ة، فق د أعلن ت وزارة الدف اع الأمريكي ة ع ن تمدي د جول ة حامل ة الطائ رات “ج ورج إت ش دبلي و ب وش” ف ي ش رق البح ر الأبي ض المتوس ط، وتس ريع نش ر طائ رات “إي ه-١٠”. وق ال المتح دث باس م وزارة الدف اع الأمريكي ة المق دم ف ي الق وات الجوي ة فيلي ب فينت ورا ف ي ه ذا الس ياق: “ت م تس ريع وص ول ه ذا الس رب إل ى منطق ة عملي ات القي ادة المركزي ة بع دة أس ابيع قب ل موع ده بأم ر م ن وزي ر الدف اع بع د سلس لة م ن الهجم ات عل ى الق وات الأمريكي ة ف ي س وريا .”
4- دع م الق وة الناري ة الأمريكي ة: يدع م إرس ال الغواص ة الأمريكي ة م ن الق وة الناري ة الأمريكي ة للتعام ل م ع التهدي دات المتع ددة ال ي تش هدها منطق ة الش رق الأوس ط راهن اً، الت ي تأت ي م ن ع دة اتجاه ات، م ن ش رق البح ر الأبي ض المتوس ط ،إل ى منطق ة الخلي ج العرب ي. وس تكون تل ك الق وة الناري ة الأمريكي ة ق ادرة عل ى التعام ل بفاعلي ة م ع تل ك التهدي دات الت ي تفرضه ا الأنش طة الت ي تق وم به ا المليش يات المس لحة الموالي ة لإي ران.
5- تأكي د نه ج اس تخدام الخي ار العس كري: يأت ي إرس ال الغواص ة الأمريكي ة للش رق الأوس ط ف ي إط ار التلوي ح الأمريكي المس تمر باس تخدام الق وة العس كرية عن د الض رورة، م ن خ ال الانتش ار الضخ م والس ريع، وإرس ال ق وات اس تراتيجية للمنطق ة خ ال س اعات، بجان ب المن اورات العس كرية المتع ددة م ع الش ركاء عل ى قص ف أه داف ف ي البح ر والب ر، وذلك لتعوي ض خف ض الانتش ار العس كري الدائ م ف ي المنطق ة ف ي إط ار اس تراتيجية إدارة الرئي س باي دن الت ي تُول ي أهمي ة لانتش ار العس كري الدائ م ف ي منطق ة الإندوباس يفيك لمواجه ة التحدي ات الصيني ة ف ي تل ك المنطق ة الت ي ربم ا تح دد ش كل النظ ام الدول ي مس تقباً.
رسائل مضادة
بينم ا ترك ز إدارة الرئي س باي دن عل ى مواجه ة التحدي ات الاس تراتيجية الت ي تمثله ا روس يا والصي ن لمصال ح الولاي ات المتح دة الأمريكي ة وحلفائه ا، وإع ادة انتش ار الق وات العس كرية ح ول العال م، فإنه ا لا ت زال ترك ز عل ى احت واء تهدي دات إي ران ووكائه ا المس لحين للق وات الأمريكي ة ولحلفائه ا ف ي المنطق ة، ولا س يما بع د تزوي د طه ران الق وات الروس ية بالطائ رات م ن دون طي ار، الت ي اس تخدمتها موس كو ف ي اس تهداف البِن ى التحتي ة الأوكراني ة. وبالإضاف ة إل ى التق ارب مع روس يا، س عت إي ران إل ى تحس ين عاقاته ا م ع الصي ن، الت ي توس طت للتوص ل إل ى اتف اق لإع ادة العاق ات الدبلوماس ية بي ن إي ران والس عودية .
وهن اك قناع ة ل دى المس ئولين العس كريين الأمريكيي ن بأن الهجمات المس لحة التي تش نها المليش يات المس لحة الت ي تدعمها إي ران ض د الق وات الأمريكي ة ف ي المنطق ة ته دف لدفعه ا إل ى تقلي ص وجوده ا العس كري بمنطق ة الش رق الأوس ط. إذ قال قائ د القي ادة المركزي ة الأمريكي ة الجن رال ماي كل كوري ا، خ ال جلس ة اس تماع أم ام لجنة القوات المس لحة بمجل س النواب ف ي ٢٣ م ارس الفائ ت، إنّ “إي ران ع ام ٢٠٢٣ ليس ت إي ران ع ام ١٩٨٣، وإنه ا أكث ر ق درة بش كل كبي ر عل ى ض رب أي م كان ف ي الش رق الأوس ط م ع أكب ر ترس انة صواري خ ف ي المنطق ة وأكثرها تنوع اً”.
ويُع د وص ول غواص ة أمريكي ة تعم ل بالطاق ة النووي ة وق ادرة عل ى حم ل أكث ر م ن ١٥٠ ص اروخ “ك روز” م ن ط راز “توماه وك” إل ى منطق ة الش رق الأوس ط ج زءاً م ن خط وة أوس ع ل وزارة الدف اع الأمريكي ة لتعزي ز قواته ا ف ي المنطق ة وردع وكاء إي ران ع ن ش ن المزي د م ن الهجم ات عل ى مصال ح الولاي ات المتح دة الأمريكي ة وحلفائه ا، وللمس اعدة ف ي ضم ان الأم ن والاس تقرار البح ري الإقليم ي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى