الحب والعشق عند الدراويش

 
محمد فاتح حامد
عندما تدخل في حلقة الذكر والتهليل والمجالس الصوفية في التكية الكسنزانية الرئيسية في السليمانية تجد نفسك درويشا دون ارادتك ، تهز راسك مع رؤوسهم ولم تعد تمتلك روحك فهي لم تعد تطاوعك ويخرج قلبك من صدرك ويذهب بعيدا ، يذهب الى الفناء في العشق الابدي .
يقضون دراويش الطريقة العلية القادرية الكسنزانية في تكيتهم الرئيسية في السليمانية اكثر اوقاتهم في الذكر والتهليل ، وفي اغلب الاحيان رئيس الطريقة العلية القادرية الكسنزانية في العالم جناب الشيخ شمس الدين محمد نهرو الحسيني الكسنزاني يكون متواجدا في حلقة الذكر الروحية وفي هذه المجالس الصوفية.
الطريقة العلية القادرية الكسنزانية أوضحت لي: ان العلاقة الموجودة بين الدراويش والشيخ ، بعيدة عن التسلط والقوة والسيادة وانما هي علاقة العاشق بالمعشوق وعلاقة الاب بالابن .
واشارت الطريقة الى ان الشيخ يكرس حياته وماله وروحه للدراويش ، لذلك نجد الدراويش يفنون حياتهم في خدمة الشيخ ، فالعلاقة والمحبة والتضحية تكون متبادلة بينهما وهي علاقة خالصة وبعيدة كل البعد عن المصالح .
وعند سؤالنا عن دور المرأة في الطريقة العلية القادرية الكسنزانية ومكانتها لديها ، وضحت ان الطريقة تنظر الى المرأة على انها اساس المجتمع وهي مقدسة لديها ، المرأة ينبوع المجتمع وانها كالقلب بالجسد ، اذا صلح القلب صلح الجسد .
واكدت الطريقة الكسنزانية ان رسالتها التي تبعثها للعالم هي رسالة الانسانية التي تملؤها المحبة والعدل وهي تلك الرسالة التي جاء من اجلها الانبياء والرسل ، فنحن للانسانية جمعاء والطريقة لاتفرق بين أحد من الناس وابوابها مفتوحة للجميع.
بدوره قال مدير مكتب التصوف في الطريقة العلية القادرية الكسنزانية الدكتور عبدالسلام الحديثي ان الدرويش هو مريد ويريد من خلال عباداته وذكره ان يصل الى درجة الاحسان ، مؤكدا ان دخول الدراويش في حالة الذروة الروحية والقيام بضرب انفسهم بالالات الحادة يخص كرامات الشيخ وان الوصول الى هذه الحالة لايعني السمو الروحي وانما هي اجازة من الشيخ حيث بامكان اي درويش او حتى لو لم يكن درويشا ان يضرب نفسه بالالات الحادة اذا سمح الشيخ له بذلك ، مشيرا الى ان الاجازة تخص كرامات الشيخ الذي اخذها من شيخه والشيخ من شيخه الى ان يصل الى الرسول صلى الله عليه وسلم ، والدليل على ذلك ان الشيخ اذا لم يسمح للدرويش بضرب نفسه والدرويش لم يسمع كلام شيخه فانه اما يموت او يصيب بجروح بليغة ، اذا الكرامات او الخوارق هي عطاء واجازة من الشيخ ، مشددا على ان الانتماء الى الطريقة مسألة ايمانية وروحية وطوعية وليست اجبارية وان الشيخ لايجبر احدا على اطاعته وانما الاطاعة تأتي طوعية ومن قلوب مؤمنة ومسلمة وان المحب لمن يحب مطيع .
وبين مدير مكتب التصوف في الطريقة العلية القادرية الكسنزانية الدكتور عبدالسلام الحديثي ان النساء في الطريقة لاتختلفن عن الرجال شيئا ويقمن بالمهام نفسها ويديرن التكايا ، والطريقة لاتفرق بين الرجل والمرأة ، داعيا الناس الى زيارة التكايا والتأكد بانفسهم من اعمال الشيوخ والدراويش دون توجيه التهم اليهم باطلا.
لن ندعي بان الدراويش هم من الملاك بل انهم اناس عاديون ويحبون البساطة ويشربون مانشرب وياكلون مانأكل ويلبسون مانلبس وتجدنوهم مثلنا يضحكون ويغضبون ويبكون ايضا ، الا انهم اصبحوا في العشق مثالا يحتذون بهم فهم العشاق الحقيقون الذين يفنون حياتهم في عشق ربهم ورسولهم واهل البيت ومشايخهم ويضرب بهم الامثال في الكثير من الكتب الادبية والدينية وهم عاشقون لحد النخاع لحد الجنون لحد الذروة القصوى لحد الاعجاز ومستعدون للتضحية بارواحهم وحياتهم فداء لشيخهم وطريقتهم ، فتعلموا انتم ايضا العشق من الدراويش.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى