أمن وإستراتيجية

الجاسوسة الأشهر في التاريخ

منقول


ماتا هاري في رواية الجاسوسة، للكاتب باولو كويلو، من جنسية هولندية وهو الاسم الفني الذي اشتهرت به “مارجاريتا جريتشي”، أشهر جاسوسة في التاريخ الحديث. رقم نسائي مذهل في عالم الجاسوسية ،لكن بوعي عولمي متشابك المصالح والغايات. صدرت الرواية عام 2016 في أعقاب الحرب العالمية الأولى . في استهلال الرواية نقرأ “
ونفث الدخان المنبعث من كل من البندقيات، فيما تردد صوت الرشقات مدويا. وعلى الفور، وفي حركة إيقاعية، نكس الجنود بندقياتهم خلف، ولم ترم ذراعيها بقيت ماتا هاري منتصبة لهنيهة. هي لم تمت الميتة التي تراها في الأفلام بعد إرداء الناس. هي لم تهو إلى أمام أو بدت وكأنها تنهار، مرفوعة الهامة أبدا. في الهواء، أو تحذ جنبيها بهما وعيناها لا تزالان مفتوحتين. عندها، أغمي على أحد الجنود. التوت ركبتاها، وهوى جسدها يمنة، وتصالبت ساقاها تحت معطف الفرو. هناك رقدت جمادا، وجهها يواجه السموات. سحب ضابط ثالث مسدسه من قراب حزمه على صدره، وتوجه برفقة ملازم نحو الجسد الهامد. انحنى فوقه، صوب فوهة المسدس على صدغ الجاسوسة ،وقد حرص ألا يلامس بشرتها، وضغط على الزناد. انطلقت الرصاصة ممزقة دماغها. استدار نحو كل من حضر. وقال بصوت رزين: ماتا هاري ماتت.”

وفي الحبكة الروائية ما يذهل ، تبدأ الرواية برسالة كتبتها ماتا عام 1917 قبل أسبوع من إعدامها في باريس بتهمة التجسس خلال الحرب العالمية الأولى .وكانت و صلت إليها بغرابة ملفتة وجيوب فارغة لكن أناقتها وجمالها ،سرعان ما رفعها في عيون وجهاء المجتمع الفرنسي ورجالاته ، حتى أصبحت حديث المجتمع باعتبارها المرأة الأكثر أناقة في باريس والضواحي. ” وأصبحت ماتا هاري مادة شديدة الثراء للأدباء والمؤرخين وصناع السينما، وأطلق عليها لقب جاسوسة الجاسوسات، ورسموا لها صورة الفتاة الجميلة الساحرة التي أوقعت كبار الساسة في هواها وغوايتها.” إذ كانت راقصة لدى رجال الطبقة العليا من المجتمع، إلى أن تم إعدامها من قبل الفرنسيين رمياً بالرصاص بتهمة التجسس عليهم لمصلحة ألمانيا خلال الحرب العالمية الأولى.”

لم تكن ماتا راقصة فحسب ،وإنما فنانة ملهمة ،أذهلت الجماهير المتعطشة للسلام والمتعة بعيدا عن ويلات الحرب . ولم تكتف بإدخال الفرح إلى قلوب جمهورها الذي تتسع قاعدته باضطراد، بل أمست مستودعا أمينا لأسراره . وحظيت بثقة أغنياء المجتمع ورأسمالييه ،وتمكنت من التغلغل وسط العقول النافذة في صنع القرارات الكبرى تلك الحقبة الحساسة والعصيبة .وفيما الحرب تفتك بأوروبا ، توجهت أصابع الشك نحو ماتا هاري ،واتهمت بالتجسس بسبب جنون الشهرة ،وارتباك العلاقات وتشابكها ، وبروز إيقاع الحياة المشبوه داخل غرفتها بفندق في الشانزليزيه. كل هذه العوامل وغيرها ستبلور قصة الجاسوسة ماتا هاري ،تلك المرأة التي تجرأت على كسر التقاليد والأعراف لكنها دفعت حياتها ثمنا لذلك.
ويؤكد الشامخ باولو كويلو أنه اعتمد في روايته على العديد من المواد الأرشيفية الفرنسية، التي تم الإفراج عنها خلال العشرين سنة الماضية ونشر بعضها في فصول الرواية . وذكر كويلو أن “ماتا واحدة من النساء التي تخطت توقعات الذكور لها، واستطاعت أن تعيش حياة غير تقليدية”.
ولد باولو كويلو في ريو دي جانيرو عام 1947. قبل أن يتفرغ للكتابة، كان يمارس الإخراج المسرحي، والتمثيل وعمل كمؤلف غنائي، وصحفي. وقد كتب كلمات الأغاني للعديد من المغننين البرازيليين أمثال إليس ريجينا، ريتا لي راؤول سييكساس، فيما يزيد عن الستين أغنية. ولعه بالعوالم الروحانية بدء منذ شبابه كهيبي، حينما جال العالم بحثا عن المجتمعات السرية، وديانات الشرق. نشر أول كتبه عام 1982 بعنوان «أرشيف الجحيم»، والذي لم يلاق أي نجاح. وتبعت مصيره أعمال أخرى، ثم في عام 1986 قام كويلو بالحج سيرا لمقام القديس جايمس في كومبوستيلا. تلك التي قام بتوثيقها فيما بعد في كتابه «الحج». في العام التالي نشر كتاب «الخيميائي»، وقد كاد الناشر أن يتخلي عنها في البداية، ولكنها سرعان ما أصبحت من أهم الروايات البرازيلية وأكثرها مبيعا. حاز على المرتبة الأولى بين تسع وعشرين دولة. ونال على العديد من الأوسمة والتقديرات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى