اسهامات المرأة في ترسيخ قيم حفظ السلم والأمن الدوليين: نضالات المرأة الجزائرية في ثورة التحرير نموذجاً
بتوجيه من السيد صالح ڨوجيل، رئيس مجلس الأمة، نظّمت لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتضامن الوطني، لمجلس الأمة، برئاسة البروفيسور حبيب دواڨي، بالتنسيق مع وزارة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، اليوم الإثنين 04 مارس 2024، بمقر المجلس، يوماً برلمانياً حول موضوع: “اسهامات المرأة في ترسيخ قيم حفظ السلم والأمن الدوليين: نضالات المرأة الجزائرية في ثورة التحرير نموذجاً“، متبوعاً بجلسة حوارية نشّطتها شخصيات ومسؤولين من آفاق متعددة..
الفعالية، حضرها السيد صالح ڨوجيل، رئيس مجلس الأمة، السيدة كوثر كريكو، وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، السيدة مريم بن مولود، الوزيرة، المحافظة السامية للرقمنة، السيد محمد لعقاب، وزير الاتصال، والسيدة فازية دحلب، وزيرة البيئة والطاقات المتجددة، والسيدة بسمة عزوار، وزيرة العلاقات مع البرلمان، والسيدة سامية مسراتي، رئيسة السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، والسيد عبدالمجيد زعلاني، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسيدة زهور ونيسي، المجاهدة، الوزيرة السابقة وعضو مجلس الأمة سابقاً، والمفتش العام لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج وسعادة سفير الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، وسعادة القائم بأعمال سفير دولة فلسطين بالجزائر؛ والسيد المنسق المقيم لمنظمة الأمم المتحدة بالجزائر؛ والسيدة الممثلة المقيمة لصندوق الأمم المتحدة الإنمائي بالجزائر؛ والسيدة ممثلة مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان بالجزائر؛ والسيد عبد المليك مزهودة، المدير العام للمدرسة الوطنية للإدارة، ومجاهدين، وأعضاء من مجلس الأمة والمجلس الشعبي الوطني والمحكمة الدستورية، وإطارات سامية مدنية وأمنية وعسكرية لعدد من مؤسسات الجمهورية، ومديرات مؤسسات إعلامية، والأسرة الإعلامية..
وقد استُهلت الأشغال بالاستماع إلى النشيد الوطني، تلاه عرض فيلم وثائقي لنضالات المرأة الجزائرية إبّان ثورة التحرير المظفرة، فضلاً عن المكتسبات التي تنسب للمرأة الجزائرية والعناية التي توليها الدولة لها وتحرص على تمكينها إيّاها، ليتم بعدها الاستماع إلى كلمة السيد صالح ڨوجيل، رئيس مجلس الأمة، والتي تلاها نيابة عنه، الدكتور محمد رضا أوسهلة، نائب رئيس مجلس الأمة، مكلف بمتابعة الشؤون الخارجية، أبرز فيها أهمية الموضوع، مذكّراً ومنوّها بنضال المرأة الجزائرية إبان ثورة نوفمبر المجيدة وكذا خلال مراحل تشييد الجزائر المستقلة وصولاً إلى الجزائر الجديدة، مستذكراً بفخر وإعتزاز ملحمات المرأة الجزائرية التي كافحت الاستعمار وصنعت أمجادا يُضرب بها المثل في الأصعدة جميعها.. ليُثمّن عالياً الخطوات والأشواط التي قطعتها الجزائر بقيادة رئيس الجمهورية، السيد عبدالمجيد تبون على طريق التمكين للمرأة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وثقافياً بما يليق بمكانتها في المجتمع ويدعم ترقية حقوقها وتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة، بموجب التعديل الدستوري للفاتح من نوفمبر 2020، وتنفيذا لالتزاماته الـ 54، وما تعلّق بتمكين المرأة سياسياً ودعم انخراطها اجتماعياً واقتصادياً، فضلا عن تعزيز آليات حمايتها من جميع أشكال العنف بموجب منظومة تشريعية تتماشى وثوابتنا الوطنية وتتوافق والتزاماتنا الدولية، ليقتبس السيد رئيس مجلس الأمة في كلمته هاته ممّا جاء في كلمة السيد رئيس الجمهورية، بمناسبة العيد العالمي للمرأة حين اعتبرها “عماد مسيرة الجزائر الجديدة نحو الاستثمار في الإنسان، وفي الكفاءة والتميّز، ونحو التأسيس لثقافة النزاهة وقيم العمل، ونبذ كلّ أشكال الفساد في عهد جديد، لا ولاء فيه إلاّ للجزائر، ولا غاية تعلو فيه فوق خدمة الشعب، والوفاء لآماله وتطلعاته”..
السيد صالح ڨوجيل، رئيس مجلس الأمة، حرص في كلمته على التذكير بأنّ الجزائر ومن خلال عضويتها بمجلس الأمن للأمم المتحدة خلال الفترة 2024-2025، وبناء على توجيهات رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، عازمة على إدراج موضوع “المرأة والسلم والأمن” كأحد الأولويات التي ستصبو الى تحقيقها، من منطلق الدور الرئيسي للمرأة التي تشكل مصب تطلعات شعوب المعمورة في السلم والأمن والاستقرار والتنمية.. ليختتم كلمته بالقول بأنّ الجهود المبذولة من طرف الدولة والرامية لتعزيز دور المرأة في السلم والأمن وكافة المجالات الأخرى على المستويات الوطنية والقارية والدولية تندرج وفقا لمقتضيات القرار الأممي 1325، وبما يتكيف مع التحولات الجيوسياسية العالمية الراهنة، التي شكّلت عامل دفع للدبلوماسية الجزائرية، بغرض ضمان المكانة التي تليق بمقام الجزائر تحت القيادة المتبصرة لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، وفق مبادئها ومواقفها واستقلالية قرارها في سياق دولي متحول تحكمه التحديات الاقتصادية والجيوسياسية والأمنية، وبخاصة في مجال الطاقة، الذي باتت الجزائر تعد من الفواعل الأساسية ضمن المعادلة الطاقوية العالمية، ولعل إحتضانها مؤخرا، القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز لخير دليل على ذلك.
من جهتها، أعربت السيدة كوثر كريكو، وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، في بداية كلمتها عن كبير عرفانها وتقديرها وإجلالها لتضحيات شهدائنا الأبرار ومجاهدينا الأخيار في الثورة التحريرية المظفرة، مشيدة بدور النساء كبطلات خلّدهن التاريخ وجعلهنّ قُدوة للحاضر والمستقبل، معدّدة بصمة المرأة الجزائرية التي وثّقتها عبر العالم في مجال نبذ جميع أشكال العنف بإبراز دورها الفعال في المشاركة في صنع القرار جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل، وذلك أثناء الثورة التحريرية وصمودها ضدّ شتى أشكال تعذيب والتنكيل، مروراً بمقاومتها سنوات الجمر، وصولاً إلى توثيق حقوقها في الحماية ضد جميع أشكال العنف والمناصفة في سوق التشغيل وتقلّد المسؤوليات والتمثيل النيابي.. قبل ان تستعرض نضالات المرأة الجزائر ودفاعها عن شقيقتيها الفلسطينية والصحراوية بالنظر لما يعيشانه من قمع واضطهاد أتى على حقوقهن.. لتختتم السيدة كوثر كريكو كلمتها بالإعراب عن اعتزازها بالمكانة المرموقة التي اكتسبتها المرأة الجزائرية عبر نضالاتها في جلّ الميادين، متّخذة أسلافها من الشهيدات والمجاهدات نموذجاً لمواصلة التشييد وبنفس العزيمة باعتبارها قيماً متجّذرةً في مجتمعنا..
ليُفسح بعدها المجال إلى المتدخلين في الجلسة الحوارية، التي أدارها البروفيسور حبيب دواڨي، رئيس لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتضامن الوطني، لمجلس الأمة، وبمشاركة السيدتين والسيدين: المجاهدة زهور ونيسي، البروفيسور عبد المجيد زعلاني، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيدة مليكة حدادي، المديرة العامة لإفريقيا بوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، والدكتور محمد عمرون، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والجالية الجزائرية في الخارج، بمجلس الأمة.. وفيها تطرقت المجاهدة زهور ونيسي إلى مختلف الجوانب ذات العلاقة بالمرأة، والمعاناة التي كابدتها المرأة المناضلة والمسبّلة والمجاهدة، وإلى طبيعة عملها القاسي وما تصدّت له في سبيل الحفاظ على الهوية الجزائرية.. كما تطرقت أيضاً إلى المكانة والحظوة التي كانت تتمتع بها المجاهدات الجزائريات في أوساط الشعوب العربية والعالمية، لتُعرج على نضالات المرأة الجزائرية لصالح القضيتين الفلسطينية ومن بعدها الصحراوية، وذلك بعد نيل الاستقلال واستعادة السيادة الوطنية، وكيف كانتا جوهر مداخلاتهم وصراعاتهن ونضالاتهن في السر وفي العلن، وكيف كان الإعلام الجزائري يسخّر جهوده ولا يزال لخدمة القضايا العادلة في العلم وفي طليعتها القضيتين الفلسطينية والصحراوية، وهي سائرة على ذات الدرب ولم تحِدْ عنه..
أمّا، البروفيسور عبد المجيد زعلاني، رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وبعد أن أبرز الأهمية التي يكتسيها هذا اليوم البرلماني، فقد رافع في كلمته لصالح الحقوق الإنسانية للمرأة بدءاً من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان في العام 1945، ثمّ الإعلان العالمي لسنة 1948 الذي بدأ فيه الانتصار للمرأة، ليأتي الدور بعدها على الاتفاقية الدولية للحقوق السياسية للمرأة العام 1952، والتي انتبه فيها العالم للحقوق السياسية للمرأة، وصولاُ إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة سنة 1979، وبدأ نفاذها شهر سبتمبر 1981 والذي كان بمثابة الشرعنة الدولية لحقوق المرأة.. كما أشاد البروفيسور زعلاني بالمكانة الممتازة التي تتمتع بها المرأة في الجزائر بدليل تواجدها في مختلف الهيئات والمؤسسات..
أمّا السيدة مليكة حدادي، المديرة العامة لإفريقيا بوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، فقد نوّهت بدور النساء المحوري في النضال العالمي في سبيل رقي الإنسانية، كما أشادت بالقرار الأممي 1325، والعديد من القرارات ذات الصلة وكذا بدورها في أوقات السلم وفي فترات الأزمات، وكيف سعت الجزائر إلى تفعيل هذا الدور من خلال مختلف التدابير التي من شانها ترقية حقوقها وحمايتها وتمكينها، ناهيك عن وضع الأطر الكفيلة بتعزيز مشاركتها في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بالشكل الذي يستجيب لتطلعاتها وتطلعات المجتمع، وقد تجلّت ترجمة القرار الأممي 1325 على أرض الواقع من خلال اعتماد الجزائر العام 2023، ولأول مرة، لخطة عمل وطنية بمناسبة الخطاب الذي ألقاه السيد رئيس الجمهورية من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة شهر سبتمبر الفائت، وهي الخطة التي تشتمل على ثلاثة (3) محاور هي: المشاركة، الوقاية ومحور الحماية.. وأمّا بخصوص الشقّ الدولي، فلم تغفل السيدة مليكة حدادي التطرق إلى الويلات التي تتعرض لها النساء الصحراويات من جرّاء الاحتلال المغربي وكذا المرأة الفلسطينية التي تكافح ضد الاحتلال الصهيوني، مذكّرة بموقف الجزائر الثابت في مساندة القضيتين العادلتين الفلسطينية والصحراوية.. محيطة الحضور علماً بأنّه، وخلال عام 2025، وبمناسبة الاحتفاءً بمرور 25 عاماً على اعتماد القرار الأممي 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن، بأنّ الجزائر بصفتها عضواً غير دائم بمجلس الأمن، قد سجّلت هاته من بين أولوياتها وتبقى حريصة على تجسيد هاته الالتزامات المتضمنة في القرار..
من جانبه، أكّد الدكتور محمد عمرون، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي والجالية الجزائرية في الخارج، على الأدوار الطلائعية للمرأة وتفوّقها على أخيها الرجل، فضلاً عن تحمّلها أضعاف ما تحمّله الرجل، مستدلاً بالنساء البطلات من الجزائر كجميلة بوباشا والصحراء الغربية كأمينة حيدر وغيرهنّ.. وكيف كنّ أرقاماً مهمة في معادلات السلام والأمن في أرجاء العالم جميعها.. قبل أن يخوض في مسألة المحاصصة ومشاركة المرأة في مختلف مناحي الحياة وما تُثيره مفردات الكمّ والنوع في هذا الشأن وأولوية أيّ منهما على الآخر..
وخلال المناقشة العامة، والتي شهدت تدخل سفير الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية بالجزائر، السيد عبد القادر الطالب عمر، فضلاً عن تدخل سعادة القائم بأعمال سفير دولة فلسطين بالجزائر، والذين تقدّما بتشكراتهما إلى الجزائر قيادة وشعباً بالنظر لما قدّمته الجزائر وتقدّمه نصرة للقضيتين العادلتين، مجددين التذكير بأنّ بزوغ شمس الحرية لا يتأتى دون تضحيات ودون ثمن.. وأنّهم يضعون الثورة الجزائرية نموذجاً لهم في الكفاح والنضال.. وتعويلهم على دور الجزائر في مجلس الأمن الدولي من أجل وضع حد للمعايير المزدوجة التي تتبناها القوى الغربية ضدّ قضايا بعينها.. وقد تكفلت السيدتين والسيدين المتدخلين في الجلسة الحوارية بتقديم شروحات وتوضيحات على مختلف الانشغالات والتساؤلات التي أثارها المتدخلون.