في الواجهة

ماتت الملكة وبقيت بريطانيا إمبراطورية لم تغب عنها الشمس

سعيد سويسي

انتقلت إلى العالم الآخر ملكة العرش البريطاني إليزابيث عن عمر بلغ ستة وتسعين عاما ولكن الخسارة كانت كبيرة بما لا يمكن تصوره، وتعاقبت العزاءات تنعى شيبها الذي واراه الثرى أخيرا.

تنكست الأعلام ليس في المملكة البريطانية التي أدت طقوسا تشبه طقوس القرون الوسطى وإنما في بلاد العرب أوطاني وأعلن الحداد وأصبح حكام العرب فجأة منبعا للرقة والعواطف الجياشة،،

“كانت صديقة عزيزة للعائلة ومنارة للحكمة والقيادة المبدئية لمدة سبعة عقود” “لقد كانت جلالتها نموذجا للقيادة سيخلده التاريخ.
وإننا إذ نستذكر بكل تقدير جهود الفقيدة”.

“أفنت حياتها في خدمة وطنها ويستذكر العالم اليوم الأثر العظيم والأعمال الجليلة التي قدمتها طوال مسيرتها”.
“كانت الراحلة الكبيرة رمزا للحكمة والتسامح ومحل احترام العالم وتقديره”.

“أمير البلاد استذكر بكل الاعتزاز مسيرة جلالتها الحافلة بالعطاء وعلى مدى العقود الماضية”.
“فقد العالم برحيلها رمزا إنسانيا كبيراً، فكانت خلال مسيرتها الحافلة مصدرا للإلهام والنبل”.
“جمعتها علاقات راسخة وبناءة عززت روابط الصداقة والشراكة بين شعبينا”

“عرف عن ملكة بريطانيا منذ اعتلائها عرش المملكة حكمتها الرائدة ومساهمتها في نشر المحبة والسلام في العالم أجمع طوال فترة حكمها البالغة سبعين عاماً،”.

“المملكة فقدت برحيلها، صديقة عظيمة ومتميزة ظلت تكن لها كامل التقدير، خاصة وأن الفقيدة الكبيرة كانت شديدة الحرص على تمتين روابط الصداقة التاريخية القائمة بين مملكتينا العريقتين”.

“عزائي للأمة البريطانية في هذا المصاب الجلل، وثقتي كاملة بقدرة الملك تشارلز لسد الفراغ الذي ستتركه الملكة إليزابيث الثانية”.
“مواساتنا الصادقة للشعب البريطاني الصديق وللعائلة المالكة برحيل الملكة إلزابيث الثانية التي طالما كانت محل تقدير للعالم أجمع”.
“ستذكر كرمز عظيم للتاريخ خدم بنعمة وكرامة وثبات”.
“إننا نفتقد مرجعية عالمية ونموذج عمل ومدرسة تحتذى في إحترام القيم الانسانية والأخلاقية، والواجب الوطني”.

لم تكن إنجازاتها حكرا على نهب خيرات مستعمراتها واستعباد أهلها حيث أصبح للرق تجارة. وكما جعلت فرنسا متحفا لجماجم مستعمريها، افتخرت بريطانيا بالماس المغمس بالدم ووضعته حلية فوق رأس إليزابيث لسبعين عاما، ولكن ذلك تاريخ بعيد، فإنجازات المتوفاة المعاصرة شملت تدمير العراق وتقتيل أهله وتشريدهم وسرقة خيرات بلادهم، شملت تأسيس “إسرائيل” أو بالأحرى داعش الطبعة اليهودية.

يشاع أن إليزابيث ماسونية ولكن هذه فكرة تنم عن إيمان مطلق بنظرية المؤامرة، إليزابيث ساسونية وهذه مدرسة تختلف عن الماسونية اختلافاً شاسعا، الساسونية تجد عبيدا لا يستطيعون نوما دون انتشاء بلسعات السياط ولعق مواطئ الأقدام وفوهات المؤخرات، خاصة إذا ما كانت مؤخرات حمراء لسلالة العرق الأبيض المترهل ونطقت بالإنجليزية.

إليزابيث ما وراها؟ وليمة تليق بخنازير سمينة، تشمشم العرب خواها وخراها وهرعوا يستبقون لالتهامه.

مخطئ من يظن أن تجارة الرق قد بادت، فهي قائمة بنشاط شديد، باختلافين بسيطين؛ فيما مضى، كان العبد يشترى ليسترق مقابل المال وفي هذا الزمان يذهب العبد طوعا راجيا الاسترقاق لكي يلسع فينتشي بمازوخية تكاد تنطق، كما فعلت دولة الإمارات في اتفاقية السلام مقابل السلام، المقابل؟ سلام وانتشاء.
ثم هنالك الاختلاف الآخر حيث اتسع مفهوم الاسترقاق ولَم يعد يعرف بأسود البشرة بل بالشماغ والعقال وهو يلسع شعبه بجلدات السياط يفكر أنها تعطيه نشوة مثل النشوة التي يحصل عليها من سوط إليزابيث.

لم يقف العرب عند المليون عراقي الذين قتلوا أو الأرض المغتصبة في فلسطين أو المقدسات المستباحة لا في عزاء ولا ولاء ولا انتماء. لم يقفوا لليمن أو ليبيا أو لبنان،
وقفوا يدا واحدة في حادثة تشارلي هيبدو وعند موت إليزابيث. شكرًا إليزابيث لأنك جمعت العرب كرة أخرى، فالأخ لدى حكامنا يقتل أخاه ولكن المصيبة جلل وتستدعي نبذ الخلافات والاتحاد عند موت ربة الدول العربية وجامعتها البائسة.

مخطئ من ظن أن الشمس غابت عن إمبراطورية العجائز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى