يمضي الليل

يمضي الليل علي متقاقلا بساعاته الطويلة وأنا أنظر لضوء القمر …تغمرني نسائم الصيف الدافئة وكل من حولي نيام إلا ورود وأزهار حديقتي ..المتراقصة طربا وانتشاء تحركهن تيارات الهواء يميناً وشمالا كما لو أنها مجموعة من الحسنوات يتمايلن برؤوسهن في ليلة عرس منشية وأريجهن العابق يغمرني ويغشاني برائحته الزكية المنعشة حاولت تأملهن بكل ما أوتيت من جهد فخيل إلي أنهن يحدثنني ويجبن عن تساؤلاتي ويشرن إلي ….
مابك أيها العاشق الغارق في بحار من الخيال التائه في براريه أمحتار أنت من هذا العطر الذي يفوح عليك من حنايانا …إنه من بقايا عطرها لقد كانت بالأمس هنا تتمسح بهذه الأغصان وتستحم بأشعة الشمس على هذه الرمال الناعمة وقد تلقح أريجنا بعابق عطرها حتى يفوح عليك الآن فيسكرك وينشيك يا صديقنا الساهر لهفة وحنينا إلى طيفها الرقيق العذب الذي ما فتئت تناجي قدومه عليك …!
لم أكد أصدق هذا الحديث الذي يلهوا ويلعب بمخيلتي كما تلهوا النسائم بأوراق تلكم الزهرات الماثلات أمامي عرائسا وصبايا تحملن إلي برائق البريد بشواهد من عطرها الزكي الفواح علي على بعد الآلاف من الأمتار عنها وبرغم مايفصل بيني وبينها من جبال وتلال رسمتها وقدرتها يد البعد وخطتها أنامل الغربة والفراق ….
إبتسمت ضاحكا من هواجسي وأفكاري الغريبة حتى قطع شعاع إبتسامة القمر في وجهي وهو يخاطبني أيضاً أراك لست مصدقا ماتسمع من كلمات فها أنا أريك صورتها حتى تتيقن أكثر فأكثر من هذا الحديث يا صديقي الساهر الساهد شوقا إلى سيدة الفتون والإغراء والجمال …
وكشف لي عن وجهه الساطع في ليلة مقمرة لا يحجبه عني فيها سحاب ولا غيم ولا يكدر صورته الساحرة ريح ولا غبار ….تأمل سيدي وأنظر بأم عينيك إلى هذا الحسن وهذا البهاء والجمال إنه منها هي صورتها لا يشوبها حلم أوخيال تركتها في وجهي لأنقلها إليك وألقيها عليك في هذه الليلة حتى لا تظل وحدك ساهرا وسط هذه الكثبان من الرمال …
فشكرا جزيلا للأزهار والقمر والرمال والأشجار ولكل الطبيعة التي حاكت لي جمال محياك وروعة صورتك المنمقة بكل ما أوتيت من غنج ودلال يا فاتني وساحري على بعد آلاف من الأميال…
بقلم الطيب دخان /خنشلة/الجزائر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى