تعاليقرأي

مؤشرات مؤلمة … تتمة

عبد علي عوض

لا أدري مِن أين أبدأ لإلقاء ألأضواء على ما جرى ما بعد عام 2003 من خراب ودمار حينما في غفلة غبية من الزمن طفحَت من بالوعات دورات المياه صراصر عاثت بألبلد ولاتزال تولِد يرقات لتفقس لاحقاً طفيليات الفساد والخراب والخيانة/ هنا يجب أن أشير إلى أنني لا أعني بما سأتطرق إليه التباكي على الطاغية صدام وحزبه النازي الفاشي/ .
حدثني أحد أقربائي من ألذين ذاقوا العذاب كغيرهم في الحرب العراقية – ألإيرانية وهو من صنف المشاة، إذ حدثني كيف كانت القوات البرية العراقية تتقدم بإتجاه ألجيش ألإيراني ليلاً وتحفر مواضع لها تستمر هذه العملية إلى أن يكون ألإشتباك بألسلاح ألأبيض، وهذه العملية يُطلَق عليها بـ ( قضم ألأرض) … وقصدي من ذلك هو إنّ ألأحزاب الشيعسلاموية والسنية إتفقت عفوياً بأفكارها الظلامية على قضم المجتمع العراقي إسلاموياً وكانت بداياتها حينما قامت مجموعة من الرعاع بقطع يد تمثال أبي نؤاس ألتي يحمل بواسطتها كأسه ، عرفت منذ ذلك اليوم أنّ العراق مقبل على فترة مظلمه ودخل في نفق لا بصيص من النور في نهايته.
إنّ تصريح وزير المالية السابق – علي عبد ألأمير علاوي – دهشة وإستغراب مجلس النواب والسلطة القضائية وهيئة النزاهة، لكن للمتتبع لواقع العراق السياسي وألإقتصادي وألإجتماعي لا يرى غرابةً في ذلك… حينما ظهر – علي علاوي – على شاشة إحدى الفضائيات العراقية، ذكر بأنّ عدد المليارديرية ( الذين يملكون مليار دولار فما فوق).. وتلك المبالغ لم تأتِ من فراغ إنما جاءت من الكومشنات ألتي تدفعها شركات ألإستثمار للأحزاب المهيمنة على السلطة وتصل إلى 20% من قيمة العقود! . وإنعكست تلك الثروات المتراكمة على شكل إبراج سكنية ومولات وبنوك أهلية، وبعضها تمّ تحويله إلى خارج العراق.
ألأمثلة ألتالية تفضح مصادر المليارات:

  • مصفاة كربلاء ألتي تعمل بمقياس – يورو5- وبطاقة 140 ألف برميل يومياً، التكلفة الحقيقية لبناء تلك المصفاة 4 مليارات دولار في حين التكلفة المعلنة 10 مليار دولار أي الفارق 6 مليار دولار إلى أين ذهبت !! … صار بحكم المؤكد إنّ أية جهة سواء كانت عراقية أو خارجية لا يمكنها الفوز بعقد إستثماري ما لم تدفع نسبة محددة من قيمة العقد.
  • ألأبراج السكنية ألتي بُنيَت على ارض مطار المثنى، في حين كانت المعمارية المبدعة الراحلة – زهاء حديد – ترغب بتخصيص أرض المطار لأنشاء المتحف العراقي الجديد لكون المتحف القديم ما عاد يستوعب كمية ألآثار المتوفرة لديه ومعظمها محفوظة في الصناديق.
  • توجَد مناطق محرّمة أينما تواجدت خطوط السكك الحديدية على الجانبين بمقدار 50م ، لكن نرى ماذا حدث لمحطة قطار المنصور ، حيث تمّ التجاوز على تلك المناطق المحرّمة وبُنيَت العمارات.
  • ألتغيير ألذي أصاب شارع ألأميرات في المنصور حيث بُنيَت المولات ومختلف ألعمارات.
    يوجَد جهاز تخطيط المدن في وزارة التخطيط وأمانة بغداد ومجلس المحافظة، كذلك الحال في مجالس المحافظات عموماً ، جميعها مشلولة وموظفيها مجرد أدمغة متحجرة لا تفكر سوى بإنتظار أستلام الرواتب في نهاية الشهر، ألأحياء السكنية يجب أن تبقى على حالها دون تغيير.
  • تجريف بساتين النخيل وتحويلها إلى عرصات سكنية وألتي أدت إلى زوال البساط ألأخضر وبألتالي إرتفاع درجات الحرارة.
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    الملحوظة التالية تبيّن سلوكية حيتان الفساد وإستهتارهم بالقانون: إذ إتصل تلفونياً رئيس الوزراء السيد السوداني بعمارالحكيم يرجوه بفتح الشوارع ألأربعة في الجادرية لغرض إنسيابية مرور السارات وعمار الحكيم يرفض ذلك بحجة – دواعي أمنية .

حينما أتطرق إلى ما يجري الآن في العراق أعني اللوحة العامة ورئيس الوزراء السيد السوداني ألذي جاء من رحم ألإطار التنسيقي، يحاول أن ينهض بألمشاريع المتلكئة ألتي صُرِفت مبالغها سابقاً وذهبَت إلى جيوب الفاسدين وهو واقع تحت مختلف ألضغوط، وهنالك البعض يتصورون إنّ ما يقوم به السيد السوداني وحكومته هو فضل ، أقول إنّ توفير الخدمات هو ليس مِنّة من الدولة على الشعب إنما هذا واجبها.
لا أريد أن أشخصن الموضوع، لكن حينما ظهر وزير المالية علي علاوي في لقائه التلفزيوني صار يتكلم عن نفسه وكيف كان تدريسياً في جامعة هارفارد وبعدها في سنغافورة ثمّ صار يتكلم عن عائلته وعن والده – عبد ألأمير علاوي، تأكدت أنه مصاب بمرض [ ألأنوية] وأنه إستغرق بجمع الوثائق لمدة عشر سنوات !، ولو نبشنا تاريخ آل علاوي/ ليس تجريحاً ولا إنتقاصاً/ سوف لن نجد أنهم من صفوف العوائل الوطنية ألتي يمكن أن يُشار لها بألبنان على صعيد ألنضال الوطني.
لقد كان ساذجاً مقدم البرنامج ألذي إستضاف علي علاوي، لم يوجه له سؤال جوهري عن خلفيته ألأكاديمية وشهادة الدكتوراة ألتي يحملها ، إذ حسب المعلومات ألمتوفرة لدي ومن خلال مصادر موثوقة فإنه أنهى دراسة ألدكتوراة في أحد الفروع ألهندسية ولا علاقة له بألعلوم المالية والسياسات النقدية بدليل قراره برفع قيمة الدولار بدون أخذه في الحسبان تأثير ذلك القرار على الطبقات ألإجتماعية المتوسطة والفقيرة وخاصة الذين يقتاتون على الرعاية ألإجتماعية والعاطلين عن العمل ، مع العلم إنّ رفع وخفض كورس الدينار العراقي قياساً بأسعار العملات ألأخرى هو من صلاحيات البنك المركزي وليس وزير المالية!
يكمن أس المشكلة بتنصيب ألإمّعة مصطفى الكاظمي رئيساً لمجلس الوزراء، فمَن هي الجهة ألتي أتت به وفرضته كرئيس للوزراء وهو بدوره جاء بألفاسد – مشرق عباس- كمستشار سياسي له، لا أدري ما هو ألتاريخ النضالي ألذي يمتلكه هذا النكرة وهو حالياً ملاحَق قضائياً، هل كانت غياهب سجون البعث تشهد له !!.
لقد صار العراق بلد العجائب، فمثلما جاءت عصابة من قرية متخلفة بعقلية بدوية صحراوية حكمت العراق بألحديد والنار، في الظروف الراهنة تتلاطم أمواج الشد والجذب السياسي ولا ندري هل سيتمكن ربان السفينة لإنقاذ العراق وإيصاله إلى شاطيء النجاة ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى