فن الكتابة

د. صادق السامرائي

“إن من البيان لسحرا”

“القلم مدفع والكلمة إطلاقة عندما يجيد الكاتب إستخدامهما”

الإطناب: بسط الكلام لكثرة الفائدة

الإسهاب: بسط الكلام مع قلة الفائدة

يقول الفراهيدي: “يُختصر الكلام ليحفظ ، ويبسّط ليفهم”

ويقول أهل البلاغة: “الإطناب إن لم يكن منه بد فهو إيجاز”

الكتابة مهارة صعبة، وفي عصرنا الجميع يكتب على (الكي بورد)، فتبدو أمامه الكلمات جميلة ومغرية، والمشكلة ليست في أن تكتب، ولكن كيف تكتب.

إن من تأثيرات وسائل التواصل وسيادة (الكي بورد)، أن الكتابة فقدت قيمتها ودورها وأهميتها، فما دام الكل يكتبون فلا يقرأون.

عند تصفح كتب التراث، وما كان أوائل المبدعين يهتمون به، يتبين همهم أن لا يثقلوا على القارئ، ويجنهدون بإيصال الفكرة بأقل ما يمكن من الكلمات، ويعتذرون عن أي إسهاب وإطناب، وما يزيد عن المطلوب من الكلام.

وأكقرهم يسعى للإيجاز، وصب المعلومة بكلمات سهلة الحفظ والتداول والأثر، وفي عالم اليوم تجدنا أمام ركام كلمات على سطور تئن منها وتستغيث، ويتوهم أصحابها أنهم يكتبون ويُقرأون.

الكتابة موهبة وممارسة وإدمان، ووسوسة مرضية تحتاج إلى قراءات متراكمة ومتواصلة، وإحاطة بالمفردات لإمتلاك معجمية ثرية، وتعلم أساليبها وآلياتها المعاصرة، بعيدا عن الركض المنهك على السطور.

والذي يكتب بالعربية عليه أن يقرأ القرآن أكثر من مرة، وبإمعان وتفكر وتبحر في معاني الكلمات.

فالمنشور منذ بداية القرن الحادي والعشرين، رغم كثرته وغزارته، وتنامي عدد الذين يكتبون، لا أثر في صناعة الحياة وبناء الأجيال، وتأسيس التيار الثقافي القادر على التغيير .

فعلينا أن نعيد النظر فيما نكتب، ونتساءل عن كيفيات الكتابة لا عن الكتابة وحسب، فالكلمة ذات قدرة على التأثير والتغيير، فلماذا أصبحت في مجتمعاتنا لا معنى لها ولا دور؟

فما أبخس الكلام، وأضعف قيمته، إلا الكلام المقنع بدين، للقبض على مصير المغفلين!!


د. صادق السامرائي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى