أحداث تركيا .. كيف تخدم المشاريع الأصولية دولة إسرائيل الكبرى


بعد اعتقال زعيم المعارضة رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو لم يعد هناك منافس
لأردوغان خارج السجن، ومن طرائف التجربة الأردوغانية وديموقراطية حزب العدالة
والتنمية.. إن العميد الجديد لجامعة إسطنبول أصدر قراره بإلغاء شهادة أكرم إمام أوغلو
الجامعية مع ان العميد السابق أكد صحتها منذ 6 اعوام.. ويسهولة نفهم كيف جاءت التعيينات
بالجامعة.
الأن يستعد الملك الذي يحكم بروح الخليفة والخلافة أردوغان لإتخاذ خطوات مماثلة لترجيح
كافته في الملف السوري بعد ان رسم هاكان فيدان مدير مخابراته السابق والحالي ويشار غولر
وزير دفاعة خلال زيارتهم الأخيرة لدمشق ملامح شكل التواجد التركي الجديد في سوريا الفترة
القادمة، وهي الزيارة التي جاءت قبل العدوان الإسرائيلي الأمريكي الأخير على أكثر من دولة
بالمنطقة.
الزيارة ناقشت ما ستفعله تركيا مع قوات الجولاني على الصعيد الدفاعي وربما التمهيد لزيارة
بغرض اللقطة للخليفة العثماني وهو في أرض الأمويين أو الدمويين إن دق التعبير، كذلك
مناقشة الطلب المقدم من الولايات المتحدة بإستقبال سوريا للاجئين الفلسطنيين، وهو السبب
الثاني من رضا واشنطن عن وجود الجولاني في قصر دمشق، بعد ان صرح المدعو أحمد
الشرع في العلن وأقسم في السر على ترك الباب مفتوح امام أي تحرك إسرائيلي في سوريا برا
أو بحر أو جوا وهو ما تثبته الأيام بالفعل وليس بالكلام، بداية من ترك عصابات الجولاني لكافة
مخازن سلاح الجيش السوري وصواريخه الإستراتيجية كي يقصفها الطيران الإسرائيلي بكل
أريحية على مدار أيام، دون ان تستحوذ مليشيات الجولاني على طلقة واحدة منها حتى، مرورا
بعدم الاشتباك مع القوات الإسرائيلية المتوغلة والمسيطرة على كامل الجنوب السوري في
المقابل الذهاب للحدود اللبنانية للاشتباك مع حزب الله وتصدير الفتنة الى لبنان (وهو السبب
الأول من وجود الجولاني في قصر دمشق كما ذكرنا منذ بداية سقوط سوريا تصدير الفتنة
لكافة منطقة الشام والعراق)، وصولا للعب دور العديد من الأشخاص على مدار تاريخ العرب
الدموي لاثارة الفتنة ونحر الرقاب وسيل الدماء بجعل سوريا معسكر مفتوح أمام كافة
التكفيريين والجهاديين من كل أنحاء العالم الذين لا فكر ولا شغل لهم سوى “قتل الشيعة
المجوس الرافضة ..الخ” (كما يغرد هولاء على الوتر الوهابي).
فسوريا كل يوم يصل لها عبر “التنسيق السعودي التركي” الاف الإرهابيين، ونحن لا ننسى ان
“هيئة تحرير الشام” هي بالأساس ثمرة التعاون السعودي التركي، وأرقام التواريخ تشهد منذ
الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي التركي والذي جاء بعد إعلان تأسيس الهيئة في
فبراير 2017، وصولا بانعقاد الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق السعودي التركي والذي عقد
في يوليو الماضي قبل اطلاق الجولاني عملية “ردع العداون” بشهرين، والتي أدت في النهاية
لسقوط حكم سوريا بيد الإرهاب، لذلك كان من الطبيعي ان تكون أول زيارتين للجولاني للممول
والراعي السعودية وتركيا.
وفي سوريا اليوم تريد السعودية تحقيق انتصار لترند #السعودية_العظمى على منصة X،
بينما العثماني يرى فيها فرصة العمر لتحقيق انتصار مضمون ومريح سيكون فيها المكسب
على أرض الواقع لا بالعالم الإفتراضي، ونفس ما ربحته بعد معركتها ضد الصفويين في معركة
جالديران 1514م، والتي فتحت بعدها الباب كي يغزو سليم الأول الشرق، وهنا نتذكر
تصريحات أردوغان نفسه في أكثر من مناسبة عندما قال ان سليم الغازي مثله الأعلى وقدوته
ويتمنى أن يثير على دربه.
وعندما استشعرت السعودية ان دمشق ذهبت من الحضن الفارسي للعثماني وليس للعربي كما
توهمت بسذاجة في البداية، أرسلت للشرع رسالة صريحة ملخصها “ان التمويل والدعم
سيكون مقابل الإرتماء في الحضن السعودي وليس التركي”… وحقيقة الأمر يبدو ان الكل
سيرتمي في حضن الإسرائيلي لا هنا ولا هناك، فعندما تنظر للمنطقة من الأعلى ترى مجموعة
من الأغبياء الراجعيين يتنافسون فيما بينهم ليس خدمة لأمن شعوبهم بل خدمة لليهودي وحده.
فادي عيد
المحلل السياسي المتخصص في شئون الشرق الأوسط وشمال
أفريقيا