Desmond Tutu.. وداعا للتعايش مع الألم..؟؟..
اكرم هواس
و اخيرا رحل رجل السلام .. او عميل الاستعمار… النبي الكوميدي .. او المتواضع حد التذلل للظالم.. رجل احبه الكثيرون و انتقده ايضا اخرون و خاصة بعض القوى الثورية المؤمنة بالتغيير الجذري و القضاء على الاستعمار و اتباعه ووو.. و بغض النظر عن هذا و ذاك فانه لاشك اننا في النهاية نحن نتحدث عن تجربة ليست فريدة في تاريخ السلطة و التسلط Despotism و و .. لكنها احدى اواخر التجارب “العنصرية القانونية Legal Apartheid “ في تاريخ الدولة الحديثة التي تبنت عموما قوانين حماية حقوق الانسان و حقوق الاقليات و تنتشر افكار المساواة و العدالة…
طبعا للاسف فان الكثير من الدول ما تزال تمارس انتهاكات منظمة و “قانونية” ضد مجموعات بشرية من شعوبها (الولايات المتحدة و دول افريقية و شرق اوسطية عديدة) … لكن الموضوع هو عن تحكم قوانين رسمية في ادارة مجتمع على اسس تمييز عنصري او أپارتهايد كما كانت تسمى في دولة جنوب افريقيا و روديسيا المجاورة اخر الدول الحديثة في هذا الاطار.
و ازاء هذه الحالة فان صوت دزموند توتو Desmond Tutu اتسم بنوع من الشجاعة في العفو عن النظام العنصري لكن هذه الشجاعة… وفق رؤية القوى الثورية… كانت ايضا تشكل شرعنة و ضمانة لحماية اركان النظام العنصري الذي كان يمتع بحماية المنظومة الغربية و خاصة بريطانيا.. لكن مشروع توتو كان ايضا يتمتع بدعم جانب كبير في المؤتمر الوطني الافريقي ANC و رمزه منديلا Mandela ذاته . و هكذا فان رسالته خلقت نقلة نوعية في مفهوم الثورة و تعاملها مع الارث الاستعماري … مع الغضب و الفقر و الاهانة البشرية ..
مشروع توتو Tutu لم يزيل الفقر؛ لا في افريقيا و لا حتى في جنوب افريقيا … كما انه لم يحقق العدالة لان نظام التمييز العنصري بقي حيث كان و ربما انعكس في تغيير البنية السياسية … لكن المشروع نجح في منع اقامة مجازر من خلال فكرة ان الفرصة قد تكون آتية لخلق صورة اخرى للانتصار بلا ضحايا و بلا ارث جديد للانتقام.
هل خطط توتو Tutu لموته في هذا التوقيت … ميلاد السيد المسيح و تركيز العالم على خطاب البابا 2021…؟؟.. دعونا نتذكر ان بابا الفاتيكان ربط لاول مرة بين مفهوم الايمان و طريق الخلاص و معرفة الفقر و التواضع العمل على تغيير الظلم… البابا قال في كلمته بمناسبة عيد الميلاد قبل ايام “ما نزال نرى العديد من الصراعات والأزمات والتناقضات. يبدو أنها لن تنتهي أبدا، وكأننا لم نعد نتنبه لها. لقد اعتدنا عليها حتى أن مآسٍ كبيرة تحصل إزاء الصمت”.. و هكذا لم يصمت توتو Tutuرغم انه ربما لم يصرخ كما يفعل الثائرون..!!.. و غادر ايضا بلا ضجيج كبير..
هل كان توتو Tutu خائنا شرعن لديمومة الاستعمار و العنصرية تحت عناوين اخرى… ام انه فهم معادلة “ما لقيصر لقيصر” و عرف ان المنظومة الدولية لن تقبل بالهزيمة .. فأدار “خده الأيسر” لعل الصفعة القادمة تكون “رحيمة” ..؟؟. حبي للجميع