من أجل التغيير لمالك بن نبي

من أجل التغيير لمالك بن نبي – معمر حبار
مالك بن نبي: “من أجل التغيير”، دار الوعي، رويبة، الجزائر العاصمة، الجزائر، المأخوذ من طرف دار الفكر اللبنانية، والسوري، الطبعة الأولى، 1434ه-2013، من 145 صفحة.
حول الكتاب:
قرأت الكتاب أوّل مرّة بتاريخ: 27 أفريل 2015. لكن لم أعرض -يومها- قراءتي للكتاب. فرجعت للكتاب أعيد قراءته، وأدوّن على الهامش، وأجمع ما كتبت ونقلت ليمسي بين يدي القارئ الكريم بهذا الثّوب الذي بين يديك.
الكتاب عبارة عن مقالات كتبها الأستاذ مالك بن نبي رحمة الله عليه سنتي: 1967-1968. ومقالين بتاريخ: أوت، وسبتمبر 1965.
إعادة النظر في الترجمة:
تحتاج ترجمة الأستاذ عمر كامل مسقاوي، رزقه الله الصّحة والعافية إلى قليل من المراجعة. وهذا لا يمسّ من جهده. ويكفي مثال على ذلك:
Un lecteur de la Révolution Africaine
ترجمها بـ: “قارئا من الجمهورية العربية”.
وترجم: Sous Les initiales CH
بـ: “تحت اسم (س.ه) “. لأنّ مالك بن نبي دقيق جدّا في اختيار كلماته. فهو يفرّق بين “الرموز”، و”الاسم”.
وقف مالك بن نبي ضدّ إضراب الطلبة الجزائريين الجامعيين، ووصفهم بقوله:
“وعادت النعاج الضّائعة إلى الحظيرة”. 86
لكن مالك بن نبي وضع العبارة بين شولتين، هكذا: “brebis égarées”
ما يدلّ أنّها ليست له إنّما نقلها بأمانة. لكن عمر كامل مسقاوي أخطأ حين نقلها، وترجمها دون شولتين. وقد أساء بذلك لمالك بن نبي.
مالك بن نبي والشيخ عبد الحميد بن باديس:
أقول: ردّد مالك بن نبي مرّتين عبارته: “بن باديس المتصوف”. وظلّ يدافع عن الشيخ بقوّة. 45
دفاع مالك بن نبي عن الرّئيس هواري بومدين:
يفهم من تاريخ المقالات أنّها كتبت في عهد الرّئيس هواري بومدين رحمة الله عليه.
ظلّ مالك بن نبي يمدح وبقوّة الرّئيس هواري بومدين، ويذكره بالاسم، ويعدّد خطاباته ويثني عليها بقوّة وحماسة.
كتب مالك بن نبي مقالاته، وبعض كتبه في عهد الرّئيس هواري بومدين رحمة الله عليه، وترجمها في عهده. ولم يشكو حذف، ولا منع، ولا تهديد، ولا إغراء.
من مظاهر دفاع مالك بن نبي عن الرّئيس هواري بومدين:
يجب السير الآن بتناغم مع الإرادة العامة ومع عزم وتصميم السلطة الثورية. 21
“هذا مشروع يجب أن نصفق له بكلتا يدينا”. 51
ولا بدّ من أن نضيف أنّ الرّئيس بومدين يعطي في خطاباته المثل الحيّ، على الالتزام بالتعريب الحكومي. 59
باستهدافهم رئيس مجلس الثّورة يستهدفون دون شكّ وبصورة عامة مكاسب هذه الثّورة. 121
في المقابل انتقد بعض تصرّفات المجتمع الجزائري، وساسة الجزائر.
الخيانة التي وقعت في هزيمة جوان 1967:
الفشل العسكري في سيناء جوان 1967. كان ثقافيا ولم يكن عسكريا. 55
لم نصرخ ضدّ العدوان وحسب (جوان 1967). لقد حدث أمر جديد في تلك المناسبة، لقد صرخنا ضدّ الخيانة. 66
الصراع الفكري والاستدمار:
ممّا وقف عنده القارئ المتتبّع أنّ مالك بن نبي لم يذكر “الصراع الفكري” صراحة. لكنّ الكتاب يتحدّث عن الصّراع الفكري. ومن الأمثلة على ذلك:
علينا أن نخلق بأنفسنا الآلة التي بها نزن أفكارنا. 39
لا يكفي أن تبدع أفكارا. بل يجب أن تؤمّن لها الحياة. ومن الخطر أن تترك فكرة لوحدها. 43
حين يطرد الاستدمار لا يترك المكان وراءه نقيا سليما. 56
حينما يقرّر الاستعمار النيل من شخص ما، فإنّه يتركه خيالا ووهما دون حياة. 70
لكي تنتزع الاستعمار من الأرض، يجب أن تنزعه عن الأذهان. 83
الاستعمار يقول لنا: تعفّنوا بهدوء. 104
عند الاستعمار معلومات عنّا، أكثر بكثير ممّا عندنا. 105
الاستعمار مضطرّ لأن يعمل باستمرار. 106
تكوّن حبّة الرمل، أشدّ أسلحة الاستعمار فتكا. 114
الجزائر بين المواطن، والغربي الزّائر لها
المواطن الذي يتهرّب من الضرائب ليس مصابا؛ بل مصاب في وعيه. 19
الغربي معجب بطبيعة الجزائر الرّائعة. لكنّهم لا يسعون لتحسين الوضع الاجتماعي. 35
الثّقافة، والعلم لدى مالك بن نبي:
مفهوم الثّقافة يحجب عبر بعض الانتاجات الثّقافية. 53
العلم بلا ضمير مفسدة للروح. والعلم يعطي المعرفة. والثّقافة والعلم ليسا مترادفين. والثّقافة تولّد العلم دائما، والعلم لا يولّد الثّقافة دوما. 54
الثّقافة هي التي تكوّن طوق النجاة للمجتمع، حين يتعرّض لخطر العرق. 55
والعلم موضوعي وغير شخصي، ويراقب الأشياء ليسيطر عليها، وليحسّنها. والثّقافة تخلق الإنسان الذي يراقب، ويراقب ذاته في بادئ الأمر. 55
لا بدّ من ثورة ثقافية تفصل أرجل الاستدمار الرّخوة عن رأسه المتين الذي يفكّر. 57
مسألة الثّقافة يجب أن تطرح، وأن تقوّم فكريا، وفقا للنظام الهرمي للحضارة. 58
مالك بن نبي ينتقد طه حسين:
جاء في صفحة 80: “في المؤتمر الإفريقي الثّاني الذي عقد في القاهرة سنة 1957، رأينا طه حسين المؤثّر يتكلّم عن الثّقافة الرّائعة لبلده خلال آلاف السنين. فلو أنّ هذا حدث على منبر كلية جامعية، لكان الموضوع نفيسا حقّا. ألم يكن من الأفضل، لو تكلّم عن مشروع ثقافة إفريقية آسيوية يوضع فورا قيد التنفيذ”.
أقول: أصاب مالك بن نبي حين انتقد طه حسين في كون المقام ليس مقام مدح. إنّما مقام تقديم مشروع ثقافة فاعلة، وقابلة للتّطبيق. وواضح أنّ الصّبغة الأدبية طغت على طه حسين وأنسته أنّه في مؤتمر لساسة بحاجة لمن يدلّهم، ويوجّههم قبل المدح.
مالك بن نبي وقادة الثّورة الجزائرية، والجمعية:
جاء في صفحة 81: “هذا ولا نتكلم عن الكتّاب المزيفين الذين انتدبتهم الـ(GPRA) ليمثّلوا الجزائر في المؤتمر الأوّل للكتاب الإفريقيين الآسيويين الذي عقد في طشقند في سبتمبر سنة 1958”.
أقول: سأسيئ الظّنّ بمالك بن نبي، وأقول: غضب مالك بن نبي لأنّ الحكومة المؤقّتة للثّورة الجزائرية لم تختره مندوبا عنها، واختارت غيره.
أخطأ مالك بن نبي في سوء تقديره. ولا أبالغ إذا قلت أنّ تصرّفه هذا كان -في تقديري- من مظاهر تدهور العلاقة بينه، وبين قادة الثّورة الجزائرية.
قلتها، وأعيدها: حين يتعلّق الأمر بالثّورة الجزائرية، وقادة الثّورة الجزائرية أقف مع قادة الثّورة الجزائر.
سبق لمالك بن نبي أن انتقد الجمعية لأنّها اختارت الورتلاني مندوبا عنها في فرنسا. ولم تختاره لأنّه -في نظره- أفضل منه من حيث معرفة المجتمع الفرنسي، والثّقافة الغربية.
سبق أن انتقدت مالك بن نبي -وما زلت- في هذه النقطة، واعتبرتها -وما زلت- من الشؤون الداخلية للجمعية. ولا تسأل عن الخلع، أو التّثبيت.
ملاحظة معلّقة:
هناك 497 كلمة تركتها في مسودتي في انتظار أن أشرع في قراءة كتاب: “بين الرشاد والتيه” لمالك بن نبي. قصد المقارنة، واستخراج العبر. وسنقوم بها لا حقا بإذن الله تعالى.
الشرفة – الشلف – الجزائر
—
الشلف – الجزائر
معمر حبار