العالمفي الواجهة

ترامب ليس قدَرًا، بل مجرد مرحلة يمكن تجاوزها بالمناورة الذكية

دونالد ترامب، قبل أن يكون سياسياً، هو رجل أعمال بارع، والتجار لا يغامرون دون حساب. ترامب ليس قدَرًا، بل مجرد مرحلة يمكن تجاوزها بالمناورة الذكية والتمسك بالحقوق. أسلوبه يعتمد على الضغط والمساومة للحصول على أفضل صفقة، سواء في السياسة أو في التجارة. الزبون (أو الطرف المقابل في أي مفاوضات) إذا كان ذكياً، يجب أن يدرك هذه اللعبة ولا يسمح لنفسه بأن يكون تحت الضغط دون مقابل. هذه العقلية التجارية كانت واضحة في أسلوب إدارته، سواء في السياسة الداخلية أو العلاقات الدولية.

سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب تجاه القضية الفلسطينية منحازة بشكل كبير لإسرائيل، حيث اتخذ خطوات غير مسبوقة أثرت سلباً على الفلسطينيين، من أبرزها:

  1. الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل (ديسمبر 2017)

• أعلن ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إليها، متجاهلاً الوضع القانوني والدولي للمدينة.

  1. صفقة القرن (يناير 2020)

• طرح ترامب خطة “صفقة القرن” التي منحت إسرائيل سيطرة على القدس كاملة، وسمحت بضم مساحات واسعة من الضفة الغربية، مقابل وعود هشة بدولة فلسطينية بشروط صعبة التنفيذ.

  1. إيقاف دعم الأونروا (2018)

• أوقف التمويل الأميركي لوكالة الأونروا التي تدعم اللاجئين الفلسطينيين، مما زاد من معاناة الملايين في الضفة الغربية، غزة، وبلدان اللجوء.

  1. تشجيع التطبيع العربي مع إسرائيل

• دفع بعدة دول عربية لتوقيع اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، مثل الإمارات، البحرين، المغرب، والسودان، دون الحصول على أي تنازلات لصالح الفلسطينيين.

النتائج:

• تراجعت فرص حل الدولتين في ظل هذه السياسات.

• زاد الضغط السياسي والاقتصادي على الفلسطينيين.

• تعمّق الانقسام العربي حول القضية الفلسطينية.

بالمجمل، تعامل ترامب مع القضية الفلسطينية بمنطق رجل الأعمال الذي يسعى لعقد “صفقة” تخدم طرفاً واحداً، وهو إسرائيل، متجاهلاً الحقوق الفلسطينية التاريخية والشرعية الدولية. لذلك، التعامل معه أو مع أي شخصية تمارس نفس النهج يتطلب استراتيجية ذكية تجمع بين الصمود، المناورة، واستغلال نقاط الضعف.

  1. فهم منطقه: كل شيء عنده صفقة

• ترامب لا يرى السياسة كالتزام بمبادئ، بل كسلسلة صفقات يجب أن تحقق له مكاسب.

• عندما يتفاوض، يبدأ دائمًا بموقف متطرف (مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل)، ثم يضغط للحصول على تنازلات.

• الحل: عدم الاستجابة للضغوط سريعًا، ورفع سقف المطالب في المقابل.

  1. استغلال نقاط ضعفه

• ترامب يهتم بالصورة الإعلامية، ويبحث عن انتصارات سريعة يمكنه تسويقها.

• يكره الدخول في مواجهات طويلة أو قضايا معقدة.

• الحل: إحراجه سياسيًا وإعلاميًا، وإظهار أن مواقفه تسبب له أزمات داخلية أو تؤثر على مصالحه الانتخابية.

  1. بناء تحالفات مضادة

• ترامب يعتمد على القوة، لذلك يحتاج من يواجهه إلى تحالفات دولية وإقليمية قوية.

• التقرب من الدول الأوروبية التي لم تكن مرتاحة لسياساته قد يكون وسيلة للضغط عليه.

• الحل: استخدام المنظمات الدولية، والمحاكم الدولية، والرأي العام العالمي ضده.

  1. الصبر وعدم تقديم تنازلات مجانية

• ترامب يضغط ليجعل الطرف الآخر ينهار ويتنازل، لكنه يحترم من يصمد في وجهه.

• الحل: التمسك بالحقوق وعدم التراجع، لأنه كلما زاد الصمود، زاد احتمال تراجعه أو تغيّر الظروف السياسية.

الخلاصة التعامل مع ترامب يحتاج إلى عقلية الصفقات أيضاً:

• لا تخف من تهديداته، فهو يبالغ دائمًا في البداية.

• لا تقدم تنازلات مجانًا، فهو لا يعطي شيئًا دون مقابل.

• احشد دعمًا دوليًا، لأنه لا يحب العزلة.

• استخدم الإعلام والرأي العام، لأن صورته مهمة له.

د. محمد إبراهيم بسيوني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى