اقتصادفي الواجهة

كيف خسرت امريكا تريليون دولار في يوم واحد؟

زياد الزبيدي

نافذة على الصحافة الروسية
نطل منها على أهم الأحداث في العالمين الروسي والعربي والعالم أجمع

اعداد وتعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

ألكسندر روجرز
كاتب صحفي وخبير إعلامي
محلل اقتصادي وسياسي روسي من أصول تشيكية
بوابة Live journal

كيف لم تستطع فقاعة شركات التكنولوجيا العالمية العملاقة الصمود أمام روبوت محادثة صيني واحد؟
يتحدث المحلل ألكسندر روجرز عن كيفية عمل هرم بونزي وما رأي الصين في عظمة وقوة الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي.


في يوم واحد، انخفضت القيمة السوقية للشركات الأمريكية في بورصة نيويورك للأوراق المالية بمقدار تريليون دولار. ومن هذا المبلغ، خسرت شركة إنفيديا NVidiaحوالي 600 مليار دولار (18.2%). كما انخفضت أسهم أوراكل Oracle بأكثر من 10%، كما انخفضت أيضًا شركات التكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات الأخرى، وإن كان ذلك بنسبة أقل.
كل هذا نتيجة للأخبار التي تفيد بأن برنامج الدردشة الصيني “ديب سيك” DeepSeekالذي تم إطلاقه مؤخرًا يضاهي في كفاءته برنامج الدردشة “تشات جي بي تي” ChatGPT بتكلفة تطوير أقل بمئات المرات والقدرة على العمل على أبسط الرقائق chips (كل ما تستعرضه إنفيديا من “رقائق خاصة للذكاء الاصطناعي” يتبين أنه ببساطة غير ضروري).

ولكن قبل عام واحد فقط، قال “أبو السيبرانية” ماسالوفيتش Cybergrandfather» Masalovich في محاضراته إن ما يسمى “الذكاء الاصطناعي” غير موجود، وأن الخوارزميات التي يستخدمها الأميركيون اخترعت في ستينيات القرن الماضي، وليست جديدة أو مبتكرة، وهي غير فعّالة إلى حد كبير ولا يتم تعويضها جزئيًا إلا بقوة الحوسبة الهائلة المستخدمة.

وكما هي العادة، تبين أن التكنولوجيا الفائقة الأميركية “العاملة بجد” باهظة الثمن وغير فعّالة. ومتضخمة، وجاهزة للانفجار عند أول فرصة.
وعلاوة على ذلك، لا يستطيع أحد أن يفسر حقًا:
أ) متى سيظهر الذكاء الاصطناعي الذي يشبه الحقيقة إلى حد ما؛
ب) ما إذا كان سيظهر على الإطلاق؛
ج) ما مقدار قوة الحوسبة المطلوبة لتنفيذه؛
والأهم من ذلك،
د) ما هو التأثير الاقتصادي لتطبيقه (هل سيظل موجودًا على الإطلاق وهل سيسمح بتعويض تكاليف التطوير).

وعلى مثل هذا الأساس المهتز بصراحة تم بناء رأسمال شركة “إنفيديا” البالغ ثلاثة تريليونات دولار.
أعتقد أنه، قياساً على “أزمة الدوت كوم” “dot-com crisis”و”أزمة الرهن العقاري”، فإن الفقاعة الحالية سوف تسمى في المستقبل “أزمة الذكاء الاصطناعي” (أو بدلاً من ذلك، “فقاعة كل شيء” “everything bubble” ).

إن المشكلة في “أسهم النمو” “growth stocks” أي أسهم الشركات التي تقوم جاذبيتها الاستثمارية بالكامل على حقيقة مفادها أن “شركة جيدة للغاية سوف تلتهم السوق العالمية بأكملها في المستقبل وتكسب دولارات ضخمة”، هي أن هذا المستقبل المشرق يكاد يكون كله في سعر السهم نفسه.
ولكي يكون هذا السعر مبرراً، فلابد أن تتحقق جميع خطط الشركة، وجميع آمال المحللين، وجميع مخططات إدارتها، وجميع التوقعات، وجميع التنبوات بشكل مثالي أو شبه مثالي. “كل شيء لابد أن يسير في الطريق الصحيح (كما ينبغي)”.
وفي المصطلحات المهنية، تسمى هذه الظاهرة “التسعير المثالي” “priced to perfection”. فإذا حدث خطأ واحد فجأة، بدأت الشركة تعاني من مشاكل كارثية، ودخل السهم في وضع الانحدار، وبدأ المستثمرون يبحثون عن علبة بروزاك Prozac (دواء للإكتئاب) في مكاتبهم أو أقرب نافذة (للإنتحار).
وفي جوهر الأمر، تشكل الغالبية العظمى من أسهم الشركات الأميركية رأسمالها وفقاً لهذا المبدأ. إن تضخيم الأسعار إلى أقصى حد غير مبرر (وهو ما انتقده بشدة زميلي ستيجليتز Stiglitz في ذلك الوقت) من خلال إعادة شراء الأسهم بأموال مقترضة أمر غير منطقي على الإطلاق. وبعد ذلك لا يكون لسعر هذه الأسهم سوى طريق واحد – الانفجار.
إن رسملة العديد من الشركات (مثل جميع أنواع “العملات المعدنية”) مضاربة بحتة. أي أنها تُشترى على أمل إعادة بيعها لاحقًا بسعر أعلى، لأن مدفوعات الأرباح هناك غير مهمة، ولا تبرر الاستثمارات أو غائبة، كفئة. وأي اتجاه “صاعد” ينتهي دائمًا – ثم يكون هناك ضحايا. تمامًا كما في “MMM” ( أي شركة 3M الامريكية).
لقد كان هرم بونزي Ponzi pyramid موجودًا منذ أكثر من مائة عام، لكن الناس ما زالوا لا يتعلمون شيئًا. بمجرد إغرائهم بجزرة “الأرباح الفائقة من الهواء”، فإنهم يحملون أموالهم إلى الفقاعات والأهرامات التالية. وبغض النظر عن مصدر الأرباح الهائلة هذه المرة ــ زهور التوليب، أو الذكاء الاصطناعي، أو بيع الشقق في المدن السرابية ــ فسوف يكون هناك دائما أولئك الذين سوف يغريهم وهم الثراء السريع.


ملاحظة: كان من المضحك أيضًا أن نشاهد كيف أصدر فريق IXBT الذي لم يكمل العمل على اللعبة في غضون ساعات قليلة ثلاث مقالات حول فشل “DeepSeek، لذا لا يُحتسب”. و”Wukong” ليست لعبة العام، أليس كذلك؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى