أحوال عربيةأخبارأخبار العالم

حين تعلن اسرائيل عداءها مع الامم المتحدة ومنظماتها

حين تعلن اسرائيل عداءها مع الامم المتحدة ومنظماتها.. وجب النضال من اجل عزلها وطردها

في بداية شهر تشرين الاول (اكتوبر) 2024، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي “منع الأمين العام للامم المتحدة،
من دخول البلاد”، ولم يكن الامين العام اول من يتم منعه، بل ان عددا كبيرا  من المسؤولين الدوليين سبق ان
منعتهم اسرائيل من زيارتها، على خلفية مواقف لا تنسجم مع السياسة الاسرائيلية، منهم المقررة الخاصة المعنية
بحالة حقوق الإنسان في “الأراضي الفلسطينية المحتلة”، ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي.
 ورغم ان اسرائيل تدين بوجودها للامم المتحدة، الا ان العداء كان سمة ملازمة لعلاقة اسرائيل بالمنظمة
الدولية، لعدة اسباب منها:

  • ان اسرائيل هي “الدولة” الوحيدة في العالم التي قبلت عضويتها في الامم المتحدة بشكل مشروط وفقا لقرار
    الجمعية العامة رقم 237 لعام 1949، مقابل تنفيذها القرارين رقم 181 لعام 1947 الخاص بتقسيم فلسطين،
    والقرار رقم 194 لعام 1948 والمتعلق بعودة اللاجئين الفلسطينيين.
  • اصدار الامم المتحدة بكافة منظماتها لعشرات القرارات التي تؤكد على الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني،
    وهو ما تعتبره اسرائيل انحيازا متعمدا من الامم المتحدة لصالح الحق الفلسطيني.
  • اصدار الجمعية العامة عام 1975 للقرار رقم 3379 الذي اعتبر “الصهيونية شكل من أشكال العنصرية
    والتمييز العنصري”.. ورغم الغاء القرار عام 1991 نتيجة الانقلاب الذي حصل في موازين القوى الدولية، بعد
    انهيار الاتحاد السوفياتي، فما زال هذا القرار، يشكل عقدة تاريخية يؤرق اسرائيل والحركة الصهيونية..
    هذه العلاقة العدائية بين الطرفين تعود الى المراحل الاولى لنشوء الكيان الاسرائيلي، عندما حولت افكارها
    السياسية وأيديولوجيتها القائمة على الاساطير والخرافات التاريخية الى ادواة قتل وارهاب، فلجأت الى اغتيال
    وسيط الامم المتحدة الكونت برنادوت (ايلول 1948)، بعد يوم واحد فقط من وضع تقريره الذي قدم فيه الاسباب
    الموجبة لضرورة عودة جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم..
    وحتى مع الانقلاب الذي حصل في موازين القوى الدولية، التي اخذت تميل لصالح اسرائيل، نتيجة الضغوط
    التي مارستها الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية على العديد من الدول، بقيت الامم المتحدة محافظة على
    الحدى الادنى من صدقيتها في التعاطي مع انظمتها الداخلية، وبقي القسم الاكبر من الدول داعما ومؤيدا للحقوق
    الوطنية للشعب الفلسطيني، رغم التهديدات العلنية من مسؤوليين امريكيين واسرائيليين بمعاقبة الدول التي تؤيد
    الحقوق الفلسطينية.
     وتعتبر فلسطين، كحركة تحرر وكدولة غير عضو، اكثر من حظي بقرارات دعم من الامم المتحدة ومنظماتها،
    مقابل اسرائيل التي تعتبر اكثر دولة صدرت بحقها قرارات ادانة. وهذا ما يفسر افتعال اسرائيل للازمات مع
    الامم المتحدة والمؤسسات الدولية، لوضع العالم اولا تحت سيف الابتزاز التاريخي على خلفية المزاعم ذات
    العلاقة باليهود في اوروبا، وثانيا بهدف حرف الانظار عن حقيقة ان فلسطين ما زالت القضية المركزية للعالم. 
     ان موازين القوى الدولية داخل الجمعية العامة للامم المتحدة، ما زالت تميل لصالح الشعب الفلسطيني وحقوقه
    الوطنية، ويعبر عن ذلك بالقرارات السنوية والدورية التي تصدر عن عدد من مؤسسات الامم المتحدة التي تؤكد
    على مجموعة من القضايا والتي قدرتها بعض المؤسسات الصهيونية في الفترة بين اعوام (2015 – 2022) بـ
    140 قرارا تناولت عدد من القضايا.. لذلك فان منظمات الامم المتحدة ومؤسساتها والقرارات الصادرة عنها
    كانت وما زالت موضع عداء مع اسرائيل. ولولا الدعم الذي تحظى به من بعض اعضاء مجلس الامن (فيتو
    الولايات المتحدة)، لكانت اسرائيل منذ زمن خارج الامم المتحدة..
    وخلال فترة زمنية قصيرة، اتخذت اسرائيل مواقف حادة وصلت الى درجة العداء التام مع عدد كبير من
    مؤسسات الامم المتحدة ومسؤوليها، واثيرت الكثير من المخاوف على المستوى الدولي بشأن مصير المؤسسات
    الدولية العاملة في الاراضي الفلسطينية المحتلة، بعد ان تعرض اعضاءها ليس لاستهداف سياسي بل ولتهديدات
    وصل بعضها حد القتل، وفي مقدمة هذه المنظمات: محكمة العدل الدولية، المحكة الجنائية، مجلس حقوق
    الانسان، وكالة الغوث (الاونروا، قوات اليونيفيل في لبنان.. اضافة الى عشرات المنظمات والمؤسسات الدولية
    التي تصنفها اسرائيل كمنظمات معادية لها..

ان وصف اسرائيل لاحدى منظمات الامم المتحدة “منظمة ارهابية”، كان يجب ان لا يمر دون عقاب ومحاسبة،
وهو لم يكن ليحصل لولا الدعم الذي تتلقاه من الولايات المتحدة ومن دول غربية اخرى. والعبرة الاهم هو ان
النظام الدولي استنفذ وظائفه ولم يعد قادرا على الصمود امام غطرسة القوة الامريكية والاسرائيلية، بل لم يعد
قادرا على حماية نفسه، ما يعني ان الصراع المستقبلي من اجل نظام دولي اكثر عدالة يجب ان يكون مطلب
جميع احرار العالم. وحتى ذلك الحين، فمن حق الشعب الفلسطيني حماية نفسه عبر اللجوء الى كافة اشكال
المقاومة.. وواجب كل دول العالم وشعوبه دعم هذا الخيار..
 ليس مبالغة القول: ان ما تقوم به اسرائيل من جرائم عابرة للحدود لا يؤهلها لأن تكون عضوا قادرا على تحمل
الالتزامات التي يقرها ميثاق الامم المتحدة وبشهادة غالبية دول العالم التي اعطت صوتها لفلسطين وادانت
اسرائيل على جرائمها وعلى خرقها الدائم للميثاق، فاسرائيل بخلفيتها الايديولوجية والدينية المستندة الى خرافات
ومزاعم واساطير، هي كيان يتصرف كأنه فوق القانون لا بل فوق النظام الدولي بكافة مؤسساته، وهي غير
قادرة على الوفاء بأهم تعهد لها وهو احترام رغبة الشعوب بتقرير مصيرها بحرية.
ان الافلات من العقاب وعدم محاسبة من ينتهك القانون الدولي، ومن يستسهل ارتكاب الجرائم ضد الاطفال
والنساء، ومن يتفاخر بعداءه للاسرة الدولية ممثلة بالامم المتحدة وبالمنظمات الدولية، كلها اسباب تجعل من
اسرائيل كيانا فوق الشرعية الدولية. وبالتالي فاذا كانت المؤسسات الدولية عاجزة عن اتخاذ اجراءات رادعة
ضد اسرائيل، رغم الادانات الدولية المتكررة، فمن حق شعوب العالم ان تأخذ المبادرة في الدفاع عن نفسها، وفقا
لما اقرته الشرعية الدولية التي اعطت للدول، فرادى أو جماعات، الحق في الدفاع عن أنفسهم وعن مصالحهم
وحقوقهم الوطنية..
نخاطبكم اليوم كأحزاب وتيارات سياسية وصنّاع رأي عام عالمي من قوى مجتمعية واعلامية ونقابية وهيئات
انسانية وحقوقية وثقافية كي تكونوا على قدر ما تمثلون من قيم وهبتم انفسكم للدفاع عنها، كما وهبنا انفسنا للدفاع
عن ارضنا وبلادنا في مواجهة اعتى قوى الارهاب والفاشية في العصر الحديث. إذ لم يعد كافيا تسجيل المواقف
بأن اسرائيل والولايات المتحدة تنتهكان الانسانية بكافة قيمها وتؤسسان لعالم تحكمه شريعة الغاب بدلا من
القانون والنظام الذي ارتضته كافة شعوب الارض.. بل بات الامر يتطلب ضرورة الارتقاء بأشكال النضال
التقليدية وبما يوصل صوت العالم الى مراكز القرار الدولي..
ندعوكم باسم “دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين” الى الخروج عن صمت طال
ليله، بأن تنحازوا الى جانب فلسطين الارض والشعب والقضية، فلسطين العدالة والحرية، فلسطين التي لا زالت
تئن تحت نير آخر احتلال على وجه الارض.. وندعوكم الى تصعيد تحركاتهم وتنويع فعالياتكم الرافضة للعدوان
والضاغطة على الحكومات الغربية التي ما زالت تمد الاحتلال بكل اشكال الدعم العسكري والقانوني والمالي
والسياسي والدبلوماسي. فاسرائيل التي اعلنت عداءها مع الامم المتحدة ومنظماتها المختلفة، يجب عزلها على
مختلف المستويات وطردها ليس فقط من الامم المتحدة، بل ومن كافة الاطر الدولية. وغير ذلك، فان دول العالم
لها كامل الحق بالتمرد على القانون الدولي وعلى الشرعية الدولية حين ترى انها اصبحت عائقا وحاجزا امام
مصالح شعوبها..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى