أخبارقانون وعلوم سياسيةقانون وعلوم سياسية و إداريةمجتمع

يجب ان يكون المحامي مع شعبه لا مع الاحتلال

للمحامي حياتين ودورين الاولى او الاول داخل اروقة المحاكم
وفي غرف المحامين وبين نصوص القوانين واحكام القضاء واراء
الفقه، ويقضي في هذه الحياة اكثر من نصف عمره بل قد يقّصر
في واجباته الاخرى حتى العائلية منها بسبب هذه الحياة المليئة
بالمتاعب واللذات ، وحياة اخرى بوصفه جزء من مجتمع ووطن
واحد افراد شعب يهمه ما يهم مجتمعه ويؤثر فيه ما يؤثر في واقعه
، وبالتالي لا يمكن له الحياد والانعزال عن هموم وامال والام شعبه
وامته ، وبلا فلسفة او جدل يجب عليه ان يقف حيث مصالح بلده
وامته لا مصالح واهداف المحتل او العدو، ومواقفه في حياته
الثانية بلا شك تنسحب على حياته الاولى وتؤثر او تتأثر.
قبل ان نربط بين حكاية المقال والموقف اللازم على كل محام في
كل مكان وزمان.
اشتهرت في الادب القضائي المصري حادثة دنشواي وربما اغلب
رجال القانون المصريين يحفظونها عن ظهر قلب ، غير ان قليل
من رجال المحامين العرب يعرفون ذلك ، ولكونها تصلح ان تكون
درسا في الوطنية والمواقف للمحامين ، آثرنا ان نسلط بعض
الضوء عليها في هذا المقال.
القصة باختصار مجموعة من ضباط القوات البريطانية التي كانت
تحتل مصر في عام ١٩٠٦ ارتأت ان تذهب الى منطقة دنشواي
لممارسة صيد الحمام واثناء الصيد وبسبب رميهم الرصاص
حرقوا احد اماكن وضع الحشيش للفلاحين واصابوا امرأة احد
الفلاحين ونتيجة لهذا الحادث شعر الفلاحين هناك بفورة غضب و
ذلة على اثرها اشتبكوا مع الضباط وجردوهم من اسلحتهم وبسبب

هروب احدهم ونتيجة الحر الشديد توفى واصيب الاخرين ، اتخذت
الاجراءات القانونية بحق الفلاحين وقدموا للمحاكمة ولشهرة
المحامي ابراهيم الهلباوي بك آنذاك اختاره الانكليز ليقوم بدور
النائب العمومي في القضية ، وهنا مربط الفرس كما يعبرون ، لم
يرفض الهلباوي الدور رغم انه كان بإمكانه ذلك لكونه محام حر ،
وقرر ان يقف ضد الفلاحين احد ابناء شعبه ويقدم مرافعة اتهام الى
جانب الضباط الانكليز ويطالب بإعدام الفلاحين ويصفهم بأقذع
الاوصاف والشتائم ، حتى قضت المحكمة بإعدام بعضهم وسجن
الاخرين .
ظلّ الدور الموالي للإنكليز الذي اضطلع به هذا المحامي الشهير
وصمة عار تلاحقه طوال حياته ، وقد نعود في مقال اخر لذكر ما
فعله نتيجة شعوره بالخجل من هذا الموقف الذي اصبح نقطة
سوداء في تاريخه المهني .
اقول يجب ان نتعلم من هلباوي مصر العظيم ان لا نقف ضد ابناء
شعبنا وامتنا مع محتل غاشم لا يرعى ابسط حقوق الانسان او
مبادئ القانون الدولي ، فحياتنا الاولى داخل اروقة المحاكم كفيلة
بعيشنا معززين مكرمين ولا حاجة لنا لإراقة ماء الوجه
والاضطلاع اثناء الحياة الثانية في دور يبقى شائبة تلاحقنا ابد
الدهر ، وسجّل التاريخ العراقي المعاصر مواقف لبعض الزملاء
وقفوا نتيجة مصالحهم الضيقة مع المحتل وازدراهم الشعب
والتاريخ وعادوا صغارا مغمورين بعد ان كان بإمكانهم ان يكونوا
قادة لمجتمعاتهم وامتهم ولكن انها المصالح الضيقة التي يجب ان لا
تكون بوصلة الموقف و نقطة الانطلاق.

المحامي وليد عبدالحسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى