مواقع التواصل والأنا المتورّمة
*
رشيد مصباح (فوزي)
*
الأمراض نوعان: منها ما هو عضوي؛ له صلة وثيقة بأعضاء الجسد. ومنها ما هو نفسي قد لا تظهر أعراضه إلى من خلال التشخيص والتدقيق والتمحيص. ولكن تشترك الأمراض جميعها النفسية والفسيولوجية في سببين رئيسين هما: العامل الوراثي والبيئي المكتسب؛ ويمكن إدراج نمط الحياة في الوسط البيئي.
ومن الأمراض ما يُعمّر لكن الأعراض قد لا تظهر، إلّـا إذا توفّرت عوامل وأسباب؛ فهناك أنواع عديدة من الأمراض المزمنة والسرطانات لا تظهر إلّـا عند التشخيص، ونفس الشيء يُقال عن بعض الأمراض النفسية كالفوبيا أو الرهاب والعقد النفسية التي تسيطر على عقلنا الباطني وتؤثّر في سلوكياتنا، دون أن نحسّ أو نشعر بها.
وحين تتوفّر العوامل والأسباب فإن الأعراض لا تتأخّر كثيرا وتظهر على الرّغم من محاولة إخفائها. ويغدو من الصّعب السيطرة عليها، لأنّها تُترجم إلى أعراض فسيولوجيّة؛ مثل الاحمرار الذي يصاحب الخجل.. والتلعثم في الكلام… وغيرها من الأعراض.
الشّيء بالشيء يُذكر – كما يُقال – والموضوع يتمحور حول تضخّم الأنا في أيّامنا هذه؛ باعتبارها حالة متفشيّة بكثرة خاصّة في مواقع التواصل الاجتماعي. ليس هناك من يستطيع نكران وجود شيء اسمه ”الأنا“ أو”حبّ الذّات“. ولكن هناك محاولة لإخفاء مثل هذا الشعور المؤثّر في السّلوك؛ كما إن هذا الحب يتفاوت من شخص لآخر، إلى أن يصل مرتبة لا يمكن للإنسان معها التحكّم في نزواته فيُصاب بالغرور.
مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي أخذت هذه الظاهرة تتفشّى أكثر فأكثر، مما جعل الأمر يبدو كأنّه ميدان للتباهي والتفاخر، وليس للتعارف والتواصل. وكان هذا سببا كافيّا لظهور النزوات.. ونشوب الخلافات.. وتنامي مشاعر الشّحناء و التباغض والحسد.