أحوال عربيةاقتصاد

حمى الساحل الشمالي ، قريبآ … الشفاء

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

ان الإستثمار العقاري بأسعار مبالغة (كما الوضع الحالي) في الساحل الشمالي الغربي المصري في الفترة المقبلة لن يكون مجزيآ في المرحلة المقبلة ، وقد يتحول لخسارة كبيرة ، وقد تنخفض أسعار الإيجار والإيرادات الإيجارية المحققة وبالتالي لن توفي قيمة الأقساط وسيتعرض أصحابها لسحب وحداتهم والتنازل عن جزء ليس يسيرآ مما دفعوه مسبقآ كغرامات ستترتب عليهم وفقآ لتعاقاداتهم والتي في أغلبها تكون عقودآ إذعانية تضمن صالح ومصالح الشركات العقارية على حساب المشترين ، وذلك للأسباب الآتية :

1- انتشار ثقافة بناء فنادق ومنتجعات سياحية في الساحل الشمالي ، والتي بدأت بالفعل تفتتح أبوابها بمختلف مستوياتها من 3 إلى 5 نجوم ، خاصة وأن وزارة الإسكان ممثلة في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ، بدأت تشترط في تخصيص الأراضي في الساحل للإستثمار العقاري ، بإلتزام المطور العقاري ببناء 50% من الوحدات لتكون وحدات فندقية ، وهو ما يمثل عدالة نسبية في توزيع الثروة الطبيعية القومية على الشعب وعدم قصرها على طبقة ال 5% منه فقط ، وبالتالي في غضون بضع سنوات سيعج الساحل بمزيد من الغرف الفندقية والوحدات المصيفية مما سيقلل الطلب على نظام تأجير الشاليهات والڨلل لضمان التمتع بالأمان والخدمات الفندقية .

2- حدوث قفزة هائلة خلال الفترة الماضية في أسعار عقارات الساحل الشمالي استتبعها تراتبيآ ارتفاع كبير جدآ في أسعار العقارات في كل المحافظات ، نتيجة لعوامل الإنهيار الدراماتيكي في قيمة الجنيه أمام الدولار خلال الفترة الماضية ، والمضاربات التي غذتها غالبية الشركات العاملة في مجال العقار من مطورين ومقاولين ومسوقين ، استغلالآ لحالة الرهبة التي انتابت الناس آنذاك مع دعايات أخرى في أغلبها مضللة عن انهيارات وشيكة قادمة في سعر صرف الجنيه أو ارتفاع مدخلات البناء والأراضي ، مما أوجد فقاعة عقارية هائلة في مصر بالفعل نعيش وقائعها حاليآ من ضعف كبير يعتري قدرة الملاك على تصريف وحداتهم أو تأجيرها بالأسعار التي خدعهم بها غالبية المسوقون العقاريون على اعتبار أنها ستسدد الأقساط وإلتزاماتهم التعاقدية مع المطورين والمقاولين ، وتعرضهم لغرامات وسحوبات كبيرة لوحداتهم ، وأصبحت الغالبية العظمى من عمليات البيع وإعادة البيع تتم عبر نظام الأقساط طويلة ومتوسطة الأجل وبتسهيلات في الفوائد في حال إعادة البيع ، وانتشر نظام حرق الأسعار من الملاك والبيع بأقل من سعر الشركة في حالة إعادة البيع لتجنب سحب وحداتهم ، العاجزين عن سداد أقساطها ، خاصة مع هدوء فورة الطلب نتيجة تحرير سعر الصرف واتباع أسلوب الصرف المرن والتوافر ( النسبي ) الحالي للدولار ، وتجاوز عين الإعصار وإن كنا لازلنا نعيش في مأزق مخلفاته ، وطبعآ مع هذا الإرتفاع المبالغ فيه في الأسعار فإنه من المتوقع أيضآ حدوث هدوء نسبي في الطلب .

3- ثبوت وجود حالات كثيرة من الغش والنصب من كثير من الشركات العقارية في الساحل ، سواء على سبيل عدم البناء وعدم التسليم أو التأخير البالغ في التسليم أو التسليم بمواصفات واشتراطات أقل من المتفق عليها في التعاقد ، أو رفع لأسعار الأقساط والمطالبة بأموال إضافية تحت بند زيادة تكاليف أو سعر صرف أو صيانة ، أو ظهور مشكلات مع المحافظة أو وزارة الإسكان أو إدعاء وجودها …. إلخ ، مما يثير حالة من الشك والريبة في إمكانية الإستلام للوحدات المتفق عليها أو حتى إستلامها وفقآ للشروط والمواصفات والمواعيد المتفق عليها ، مما يقلل يمثل عامل ضغط مهم لفتور الطلب أو إعادة التفكير .

4- ظهور مشاريع عقارية سواء فندقية أو إسكانية ، في اتجاه قبلي الطريق الساحلي الدولي ( شهدت ذلك بنفسي في الصيف الماضي) ، وتوفر بعضها إمكانيات جيدة من بحيرات وحمامات سباحة وملاعب ومساحات خضراء ، مع توافر إمكانية الدخول للشواطئ بالتعاقد مع إحدى القرى أو الذهاب للشواطئ المفتوحة المجانية أو الخاصة في مدينة العلمين الجديدة ، مما يمثل تقليلآ من جاذبية الفنادق و القرى البحرية وضغطآ نزوليآ على أسعارها المبالغ فيها .

5- للأسف الطبيعة العامة لمنطقة الساحل الشمالي لن تسمح له بأن يكون منطقة جذب سياحي دائمة طيلة العام ، لمروره بطقس عاصف وشديد البرودة (وفقآ لمعاييرنا وتعودنا على الطقس الدافئ) ، فلا يمكن توقع سياحة واستغلال حقيقي للوحدات العقارية خارج نطاق الفترة الزمنية الممتدة على أقصى تقدير بين شهري أبريل وأكتوبر تقريبآ ، وبالتالي فإنه خارج هذا النطاق الزمني ستعمد كثير إن لم يكن كل الفنادق المتاحة مع احتدام المنافسة البينية نتيجة ازدياد أعدادها خلال الفترة المقبلة إلى تخفيض أسعارها لمستويات تنافسية سواء في فترة الصيف أو خاصة في فترة الشتاء والإستفادة بخدماتها خاصة مع انغلاق شبه كلي للمطاعم والكافيهات وحمامات السباحة في القرى في فترة الشتاء ، وستستفيد كذلك هذه الفنادق من الدعاية لنفسها نتيجة أسعارها المخفضة في الشتاء بجذب أعداد أكبر من الزوار ليعودوا في الصيف ، كل ذلك سيشكل مزيدآ من الضغط على الأسعار الإيجارية والتمليكية لعقارات الساحل الشمالي سواء بشقيه القديم والجديد .

6- تمثل الإقامات الفندقية في حد ذاتها ، تجاوزآ لمشكلات السماسرة وأصحاب العقارات ، إلى جانب الإرتفاعات الإستغلالية الجشعة في غالبية السلع والخدمات المباعة هناك من الغالبية العظمى من التجار مما يؤثر في الطلب على التأجير وتفضيل أماكن أخرى غير الساحل ، أو تفضيل الإقامة الفندقية ومزاياها من الراحة والفاهية وتجربة أصناف طعام جديدة ، والجيم والمساج وحمام السباحة الخاص بالفندق ، وغير ذلك من مزايا الفنادق ، والتي قد تكون مساوية تقريبآ لتكلفة الإيجارات وما يستتبعها من شراء المستلزمات والطعام وبعض مشكلات الإقامة التي قد تنشأ من هذا الطرف أو ذاك سواء المستأحر أو المالك أو السمسار …. إلخ .

7- دخول مشروعات جديدة لخارطة الساحل الشمالي تقوم على فكرة المدن الدائمة كالعلمين الجديدة ورأس الحكمة وغيرها حتى من القرى السياحية الجديدة خلال الفترة القادمة ، مما سيرفع المعروض العقاري والفندقي في هذه المشروعات الجديدة ، وبأقساط أفضل نسبيآ نتيجة الإنخفاض المتوقع في أسعار الفائدة البنكية في الفترة المقبلة ، وترتيب هذه الأسعار والأقساط الجديدة على مستويات سعر صرف منطقية للجنيه وليس كما فعلت كثير من الشركات العقارية سابقآ خلال حمى الفترة الماضية حين استغلت رهبة الناس والسوق من إنهيار سعر صرف الجنيه ، وسعرت وحداتها على أستس مستويات 70-100 جنيه للدولار !!! ، مما سيجعل العقارات في المشروعات الأقدم ذات تكلفة أعلى ، ويدفعها مع قوى السوق وقواعده نزولآ مما سيحقق خسائر لأصحابها .

8- الإرتفاع الكبير في مصاريف التمليك من خدمات القرية والأمن والنظافة والضريبة العقارية ، والخدمات الحكومية من كهرباء وماء وغاز واللائي جميعآ تشهدن إرتفاعات شبه متواصلة وتقدم في الغالب بأسعار سياحية ، مما يؤثر في الطلب على تملك العقارات هناك .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى