خبير الهندسة الوراثية الذي وجد حل مشكلة الغذاء في مصر

الدكتور أحمد مستجير.. كاد يحل لمصر أزمة القمح والأرز
خطاب معوض خطاب
الدكتور أحمد مستجير الملقب بأبي الهندسة الوراثية في مصر والعالم العربي، كان عالما وباحثا حقق العديد من الإنجازات وله العديد من الكتب العلمية المتخصصة، كما كان شاعرا مبدعا أصدر ديوانين وكتابا في علم العروض، وكان أديبا متمكنا صدر له عدد من الكتب الأدبية، ومترجما رفيع المستوى له باع كبير في ترجمة العديد من الكتب العلمية والأدبية، وقبل هذا وذاك كان رجلا يتميز بالتواضع والحياء ورهافة الحس حيث كان يعتز بأصوله الريفية، وقد ولد في قرية الصلاحات بالقرب من مدينة المنصورة في ديسمبر سنة 1934، وحصل على بكالوريوس الزراعة من جامعة القاهرة في سنة 1954، ثم حصل على الماجستير ودبلوم وراثة الحيوان والدكتوراه من جامعة أدنبره باسكتلندا، ونظرا لتفوقه عرض عليه العمل هناك ولكنه رفض وفضل العودة والعمل بجامعة القاهرة، وبالفعل عمل مدرسا بكلية الزراعة ثم أستاذا مساعدا فأستاذا ثم عميدا للكلية بعد ذلك.
وهو كان متعدد المواهب والإبداعات، ولذلك حرصت العديد من الهيئات والجمعيات العلمية والثقافية على أن يجعلوه عضوا بها، فكان عضوا بمجمع اللغة العربية بالقاهرة، وعضوا بالمجمع العلمي، وعضوا باتحاد كتاب مصر، وعضوا بلجنة المعجم العربي الزراعي، وعضوا بالجمعية المصرية للعلوم الوراثية وغيرها من الهيئات والجمعيات، ومؤلفاته في شتى المجالات تعد بمثابة مرجعيات علمية وثقافية، ولو تم استغلال وتطبيق أفكاره وأبحاثه وتجاربه لأمكن استثمارها في تنمية وتقدم الشعب المصري كله، ومن أهم هذه الأفكار والأبحاث التي حاول تجربتها بنفسه وأظهرت نتائج أبهرت الجميع في وقتها إنتاج سلالات جديدة مهجنة من القمح والذرة والأرز يتم ريها باستخدام مياه البحر المالحة بدلا عن مياه النيل العذبة.
وقد جاءته هذه الفكرة حينما مر يوما بالملاحات وهو في طريقه من القاهرة إلى الإسكندرية، ورأى يومها مساحات شاسعة من نباتات البوص “الغاب” والحجنة تنمو بداخل هذه الملاحات، وتعجب وقتها لأن مياه الملاحات المالحة هي التي تروي هذه النباتات، ففكر من وقتها في كيفية إنتاج سلالات مهجنة من القمح والغاب، وسلالات مهجنة من الذزة والغاب، وسلالات مهجنة من الأرز والغاب، وبالفعل استأجر مساحة 4 فدادين من الأرض المالحة في محافظة الفيوم، وقام بتجربة زراعة السلالات المهجنة الجديدة في هذه الأرض التي كانت تروى بالمياه المالحة، وكانت المفاجأة المذهلة أن هذه السلالات الجديدة المهجنة تحملت الملوحة والجفاف وأنتجت إنتاجا كبيرا من حبوب المحاصيل ولم تؤثر المياه المالحة على طعمها، ووقتها فكر في إعادة هذه التجارب على السلالات المهجنة الجديدة على مساحات أكبر من الأراضي التي تروى بالمياه المالحة.
ولكن للأسف الشديد توقفت كل هذه التجارب نظرا لوفاة الدكتور أحمد مستجير في أغسطس سنة 2006 بأحد مستشفيات النمسا بعد إصابته بجلطة في المخ، والغريب أن وزارة الزراعة المصرية التي كانت على علم بتجاربه في ذلك الوقت لم تفكر في استثمار تجاربه وأبحاثه واستثمارها واعتبارها مشروعا قوميا يتم تعميمه وتطبيقه في مصر على نطاق واسع، والأغرب أن دولة الهند والتي يقارب عدد سكانها على المليار و400 مليون إنسان قد استعانت بأفكاره وطبقتها واستفادت منها وأصبحت تزرع القمح باستخدام مياه البحر المالحة وأصبحت من الدول المصدرة للقمح بعد أن كانت تستورده، يحدث هذا بينما لا يشغلنا نحن هذا الأمر ولا نأبه له رغم امتلاكنا مساحات شاسعة تقدر بملايين الأفدنة الصحراوية والقابلة لتطبيق أفكاره وإنجازاته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى