الجميع يعيد حساباته…. سورية الى كسر العزلة
الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري
يعلو الصراخ ويكثر الكلام منذ بداية الحرب على سورية عام 2011، بقرب إنهيار الدولة السورية وأن مؤسساتها ستضيع وستحدث حرب أهلية وستنقسم سورية لدويلات وكينونات ضعيفة، ويتنافس إعلاميو الغرب وحلفاؤهم من العربان ونخبتهم ومن يطلقون على أنفسهم لقب النشطاء السياسيين والدوليين في التهويل من أي حادثة أو أزمة تمر بسورية وتصويرها كنذير للسقوط أو الإنهيار التام وإلقاء المسؤولية على الحكومة السورية، إلا أنهم أغفلوا حقيقة وهي أن سورية لا تسقط، لأنها مركز ثقل في المنطقة، وتملك سجل عظيم يحتوي على تاريخ وإرث حضاري عريق وهي عمود الأمة العربية.
مثل ما خلف الزلزال الذي ضرب سورية الخراب والدمار، أظهر أيضاً وراءه أنه جسر بناء وإحياء العلاقات من جديد بين الدول لاسيما الدول التي تمتاز بعلاقات متوترة مع سورية، إذ تدفقت المكالمات الهاتفية من مختلف البلدان العربية، ووصل مسؤولين من دول عربية إلى الأراضي السورية ليؤكدون على الوحدة والتضامن مع الشعب السوري، وكان آخرها وصول وفد من الاتحاد البرلمان العربي إلى دمشق ولقاءهم بالرئيس الأسد، وذلك في سياق المساعي لكسر العزلة والحصار الدولي المفروض على سورية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وأعوانها في المنطقة منذ أكثر من عشر سنوات.
ويرون من جهة أخرى، أن التقارب السوري العربي بدا جلياً، إذ تجسد عبر الضوء الأخضر الاستثنائي الذي أعطته الوفود البرلمانية لدمشق الداعم لعودة سورية إلى محيطها العربي، وأن تمارس سورية دورها في كل المستويات على الساحة الإقليمية والدولية، كما يرون أن سورية تسعى للعودة إلى صفوف الجامعة العربية التي تعتبر هي إحدى مؤسسيها، وإن الدول المؤثرة في الجامعة العربية تتشاطر فكرة عودة سورية إليها.
من دون أدنى شك، هناك عوامل مهمة تساعد على إنجاح الحوارات السورية العربية ومن أهمها ضعف قبضة الولايات المتحدة الأمريكية على المنطقة، وفشل مشروعها في سورية، بالإضافة الى التدخل الإقليمي في الشأن السوري، فضلاً عن ادراك معظم الدول العربية خطورة تدهور الواقع الامني لدى شعوبها، كل ذلك شجع الدول لأن تسلك طريق المصالحة مع دمشق، وبالمقابل هناك مخاطر كثير تقف عائقا امام استكمال هذا الحوار وأهمها العامل الاسرائيلي الذي فقد كل أوراقه في سورية بفضل صمود الجيش العربي السوري.
مجملاً… لقد تحولت سورية اليوم إلى عاصمة العالم تطرق أبوابها قوى الشرق والغرب، ودمشق عصية على السقوط والخضوع تصر على حريتها وسيادتها واستقلال قرارها، لأنها تعلم أن العالم هو من يحتاج إليها وليس العكس، وأن سقوطها يعني سقوط القيم والحضارة وسقوط الإنسانية، فسورية كانت ولا زالت وستظل مفتاح السلم والحرب في العالم، هي من ترسم المعادلات، وهي من تقرر التحالفات، وهي من تقود المعارك على الأرض لترسم خارطة المنطقة، في إطار ذلك ستنهض سورية وتنتفض وتُعيد ترتيب سلالم المجد، وتبث الثقة والأمان في نفوس شعبها وسترتفع سورية فوق جلاديها شاهدة على عصرها وستعود متألقة بالألوان وبرائحة المساجد وستنهض في بداية جديدة وستكون أعظم قوة.
وأخيراً يمكنني القول، إن سورية ستبقى صامدة بوجه الإرهاب الدولي والإقليمي من جهة، وبوجه الإرهابيين والقتلة من جهة ثانية مهما طال أمد الازمة، وستظل سورية دائماً رغم أنف كل حاقد أو حاسد، بالتالي فأن من مصلحة الجميع أن تنهض سورية وتتعافى كي تمارس دورها التاريخي في حفظ الأمن القومي وإحباط كل المخططات التي تستهدف تفكيك دول المنطقة.
وبإختصار شديد بقي أن نترقب إعلان الإنتصار الكامل للشعب السوري في مراحل لم تعد ببعيدة، وبعد هذه السنوات تستحقّ دمشق تحية احترام وهي تخوض المعركة عن كلّ الأمة العربية والذي ستنعكس آثارها بطبيعة الحال على منطقة الشرق الأوسط وربما على الحالة الدولية.