الصين و مستقبل الامن العالمي

صالح مهدي عباس المنديل

عندما رحل الرفيق ماوتسي تونغ كان رحيله رحمة على البشرية لان سياسته اودت بحياة الملايين من البشر بسبب الحروب و الفقر و التعسف. حالما انتهت حقبته بدأت الصين بغيير السياسة الأقتصادية و السماح بالملكية الخاصة و تشجيع القطاع الخاص. ثم تبعته سياسة تحديد الأنجاب مما ادى الى رفع مستوى التعليم و القضاء على الفقر. تحكم الصين الظروف الخارجية من الناحيتين السياسية و الأقتصادية. حيث تسيطر امريكا و حلفائها الليبرالية على النظام العالمي الذي يبدو للعيان انه يسير بأتجاه العولمة و النظام العالمي الجديد. عالم تسيطر عليه التجارة الدولية و النظام المالي العالمي. و يسير بموجب ضوابط تحددها الأمم المتحدة و المواثيق الدولية و التحالفات و المعاهدات الدولية التي توجب احترام استقلالية الدول و سيادتها على اراضيها و حريتها على ابرام المعاهدات مع الدول الأخرى. كل هذه المواثيق هي خطوط عامة و ليست قوانين مفروضة. في العقود الاخيرة من القرن العشرين اصاب الأقتصاد العالمي ركود طويل مصحوبا بتعقيد الحياة و ارتفاع تكاليف العمل كناتج عرضي للحصارة اللبرالية الغربية مما ادى الى التضخم و ارتفاع كلفة الأنتاج مما حدى باصحاب الشركات الى الهجرة الى الصين بحثا عن اليد العاملة الرخيصة، و كانت هذه الخطوة موفقة عادت بالفائدة على الجانبين و نهض العملاق الصيني النائم الذي حصل ان يكون قوة نووية يحسب حسابها و كذلك ايديولوجية يسارية تميل للشمولية و لها ثأر مع العالم الغربي الذي اباح الصين و اجتاحها في القرن التاسع عشر و ما نتج عن ذلك. و هذا مصحوب بالسياسة الأمريكية المستفزة للصين بسيطرتها على جنوب شرق اسيا و المحيط الهادي و الجزر القريبة من الصين.
لذا اصبحت الصين تتطلع ان يكون لها دور على الأقل مشابه لدور امريكا في النظام العالمي الجديد، قوة اقتصادية و بشرية و سباق في التسلح و التواجد في جنوب شرق اسيا و المحيط الهادي و كذلك التعاطف من دول العالم النامي.
و كونها محور العالم في الصناعة و النتاج
تسعى الصين لاجل ذلك من السيطرةً على العديد من جوانب النظام العالمي وهي النظام المالي و التجارة و الهيمنة على مصادر الطاقة و المواد الأولية.
لا توجد قوانين او مواثيق تمنع مثل هذا الطموح المشروع ما لم يخل بالأمن العالمي او يهدد السلم. كذلك تسعى الصين الى تحوير المواثيق الدولية لصالحها و تسعى ان تهيمن على القرار المستقبلي للنظام العالمي بما يتماشى مع طموحاتها.
ترى الدول الغربية في الصين تهديد مستقبلي واضح بعد ان ساعدتها لمدة طويلة للنهوض اقتصاديا و لا تريد من الصين منافسة بعد كل ذلك.
ان خطر الصين لا يكمن بان تكون كفوء للدول الغربية لها ثقل واضح و لكن الخشية هي ان تنفرد الصين بالنظام العالمي، و هذا امر خطير لاسيما ان ظهور زعماء مهووسين بالعظمة مثل الزعيم الحالي الذي من شأنه ان يعرض العالم الى مواجه خطيرة بين الأقطاب العظمى. كذلك ان الصين لم تتخلى عن ايديولوجيتها الشيوعية مما يجعلها خطر آخر على مستقبل الديموقراطية الليبرالية.
لذا اصبح على العالم الذي يؤمن بالليبرالية ان يستحدث الوسائل اللزمة لمنع المد الشيوعي ايس بالمواجهة و لكن بالأحتواء و جدية التعاون مع الصين و انصافها عن طريق التفاوض و منحها الحرية في محيطها الجغرافي و دورها في المسرح السياسي العالمي.
من الجدير بالذكر هنا ان مستقبل العالم مرهون بيد المؤسسات العابرة للحدود التي تملك المال و الحنكة من اجل استمرارها و ازدياد ثرواتها او قيادتها للأتجاه الفكري العالمي، و ليس من مصلحتها ان تكون هناك مواجهات عسكرية و لا حصارات اقتصادية. لربما تسعى هذه المؤسسات من اجل فرض قوانين من خلال الأمم المتحدة و المنظمات الدولية بدل من معاهدات على الدول مما يحدد من قوة الزعماء المهووسين بالعظمة من اجل الحفاظ على السلم العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى