سياحة التقاعد

سياحة التقاعد في مصر

أيمن زهري
كاتب وأكاديمي مصري، خبير السكان ودراسات الهجرة

سياحة التقاعد أصبحت ظاهرة مهمة خاصة في بلدان أوروبا الغربية وشمال أوروبا، إذ يرتحل المتقاعدون صوب الأماكن الدافئة، نسبياً، في جنوب القارة خاصة في اليونان وإيطاليا ومالطا وغيرها من الدول الدافئة والأرخص، نسبيا، من الدول الأوروبية الأخرى.
تستضيف بعض بلدان شمال أفريقيا آلاف السياح الأوروبيين المقمين بصفة شبه دائمة خاصة في تونس والمغرب. على سبيل المثال، يعيش بضعة آلاف سائح فرنسي في مراكش كي يستمتعوا بشمسها وأجوائها الدافئة في الشتاء، حتى أن هيئة التأمين الصحي الفرنسية وفّرت لهم مستشفى على الطراز الفرنسي لتلقي العلاج.
يستفيد السياح المتقاعدين من انخفاض تكاليف المعيشة في المغرب مقارنة بتكاليف المعيشة في فرنسا، وتستفيد المغرب بتحويل هؤلاء السائحين لرواتب التقاعد الخاصة بهم وضخ تلك الأموال في شرايين الاقتصاد المغربي.
نظراً للعلاقة الهجرية الوطيدة والممتدة بين المغرب وفرنسا، يتوافر في أماكن إقامة هؤلاء السياح كافة متطلبات المعيشة علي المستوى الفرنسي. يتقبل المجتمع المغربي عادات وتقاليد السائحين، بل ويوفر لهم الحانات والمطاعم والمقاهي التي تتناسب مع ثقافتهم. لا يمثل حاجز اللغة عائقا أمام هؤلاء السائحين، شبه الدائمين، إذ أن اللغة الفرنسية منتشرة في المغرب.
هل يمكن استنساخ هذه التجربة في مصر؟ في الحقيقة أن هذه التجربة مطبّقة في مصر على نطاق واسع دون أن يعلم بها أحد. ربما لأن سياحة التقاعد خاصتنا قاصرة على إخوتنا من أبناء المملكة العربية السعودية. إذ أنه طبقا لتصريحات السفير السعودي في مصر، يوجد 600 ألف سعودي يقيمون إقامة دائمة في مصر. غالبية هؤلاء هم من أرباب المعاشات الذين فضّلوا الإقامة في مصر لأسباب عديدة، ربما يكون أهمها أن رواتب تقاعدهم تشكل قيمة كبيرة عند تحويلها للجنيه المصري، هذا بالإضافة إلى أن نسبة كبيرة من المقيمين تربطهم صلات نسب مع المصريين كما أن غالبيتهم يمتلكون العقارات التي يقيمون فيها في مصر. يعيش غالبية هؤلاء وسط جموع المصريين في كافة أحياء العاصمة وخارجها ولا يمثلون كتلة جغرافية في أي منطقة.
هل يمكن استقطاب الأوروبيين كي يتقاعدوا في مصر أو حتي أن يأتوا لقضاء فترة الشتاء الدافئ في مصر؟ هي يمكن أن يحيي الأوروبيون المتقاعدون الوحدات الشاطئية في الساحل الشمالي والعلمين والعين السخنة والغردقة في الشتاء؟
الإجابة النظرية، يمكن! لكن كيف؟ لابد أولا من خلق بيئة مواتية وتجهيز مشروع وطني للدعاية لهذه المناطق كمشاتي ومناطق استجمام وأماكن إقامة طويلة نسبياً بأسعار معقولة بخلاف الأسعار الفندقية المعتادة. يجب أن تتولى شركة قطاع خاص الوساطة بين الملاك والراغبين في الإقامة في وحدات هذه القرى/المدن والمشاتي حتى لا يترك الحبل على غاربه للملاك والسماسرة.
يجب توفير الخدمات المعيشية علي النمط (الثقافي) الأوروبي وكذلك توفير الخدمات الصحية وخاصة الخدمات المرتبطة بصحة الشيوخ والعجائز وكبار السن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى