مجتمعٌ تعبان
حسام محمود فهمي
مقتلُ طالبةٍ في جامعةِ المنصوره بسكينِ زميلٍ لها لا يدلُ إلا على عَرَضٍ واضحٍ لمجتمعٍ يعاني بشدة. الجريمةُ توضحُ غَرقَ القاتلِ في ذاتِه بإنكارِه حقِ الغيرِ في رفضِه وتجاهُلِه لحُرمةِ الحياةِ البشريةِ وعدم مراعاتِه لاِعتباراتِ الزمالة؛ حَصَلَ على قدرٍ لا بأسَ به من التعليمِ بما يوضحُ له الصوابَ من الخطأِ، إلا أنه لم يعبأ.
آراءٌ القَت التبِعةَ على سينما محمد رمضان وأشباهِه. وهناك من اِنتهزوها فرصةً معتادةً للصيدِ في الماءِ العَكِرِ بإلقاءِ اللومِ على الفتياتِ، الأرقُ الدائمُ للعنتيلِ الشرقي المُنطلِق. المجتمعاتُ هات وخذ، يأخذُ محمد رمضان من ما فيها ويردُه لها. بلطجةُ السياسِ في الشوارعِ أسبقُ من محمد رمضان، وكذلك جريمةُ قتلِ رجلِ أعمالٍ شهيرٍ لفنانةٍ لبنانية. ولنذهب أبعد، ريا وسكينة لم تشاهدا محمد رمضان. إذن، إلقاءُ كلِ اللومِ على هذه الفئةِ من مُحتَلي الشاشاتِ أضفى عليها شُهرةً لا تَستحقُها وقيمةً فوقَ قدرِها. ثم ألم يظهرُ إعلاميون مُطالبين بإحضارِ المُعارضين في صناديقٍ؟
الغرقُ في الذاتِ هو عدمُ الاِنصاتِ للآخرين، وعدم مراعاتِهم، واِحتكارُ الصوابِ؛ مرضٌ اجتماعيٌ مُعدي. الإداراتُ تعملُ من طرفٍ واحدٍ، تفرضُ ما في دماغِها دون مراعاةٍ لنقاشٍ واجبٍ ولأراءٍ أخرى وآثارٍ عكسيةٍ وأضرارٍ. الجامعاتُ المفترضُ أنها مناراتٌ للحوارِ والرأي تُفرَضُ فيها اللوائحُ الدراسيةُ دون نقاشٍ، لمجردِ تقليدِ الغربِ، جودةٌ كاذبةٌ فيها الزيفُ وتحريضُ الطلابِ على التنمرِ على أعضاءِ هيئةِ التدريسِ والرفضِ بشكلِ عامٍ.
الجارُ لا يراعي جارَه، التاجرُ لا يراعي ضميرَه، ثقافةُ الغشِ مُتفشيةٌ، تعدياتٌ على الطرقاتِ، بناياتٌ في الممنوعُ، تكاتك، وغيره وغيره وغيره. كلُه غرقانٌ في ذاتِه، في ما يريدُ، عقولٌ نرجسيةٌ “أنويةٌ”، ما من رؤيةٍ للأخرين ولو كانوا على مَرمى بصرٍ.
مجتمعٌ تعبانٌ، مريضٌ بالغَرقِ في الذاتِ، كُلُه يستقوى على كلِه، عدوى طالَت الأفرادَ والإداراتِ. مرضٌ ضحاياه الأبرياءُ ومن لا سندَ لهم. لا حولَ ولا قوةَ إلا بالله.
مرضٌ اِجتماعىٌ، الشفاءُ منه بالقدوةِ، من فوق، بفرضِ اِحترامِ القوانينِ على الجميعِ، بالشفافيةِ.