وجود الرئيس الأسد في القمة العربية رسالة مرعبة للكيان الصهيوني
وجود الرئيس الأسد في القمة العربية رسالة مرعبة للكيان الصهيوني
الدكتور خيام الزعبي- مدير مكتب صحيفة العالم الجديد بدمشق
ليس غريباً أن يحضر العلم السوري المواجهات المشتعلة بين رجال المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال في غزة، خاصة أن الموقف السوري تجاه القضية الفلسطينية فريد من نوعه ، فالوقوف الى جانب فلسطين لم يكن شعاراً أطلقه الرئيس الأسد، بل شعور تجسد في وجدان السوريين تجاه القضية الفلسطينية وشعبها.
مرة أخرى تفاجئ سورية الآخرين بقدراتها اللامحدودة التي ترفض أن تقف مكتوفة اليدين بما ترتكبه إسرائيل من مجازر في قطاع غزة، فشكلت دبلوماسية المؤتمرات الدولية إحدى أهم أدوات السياسة الخارجية السورية، والتي كانت بمثابة فرص نجحت الدبلوماسية السورية في الإستفادة منها للتعبير عن توجهاتها وقضاياها، وهنا، تبرز أهمية مشاركة الرئيس الأسد في أعمال القمة العربية الطارئة التي تنعقد في الرياض لبحث الأوضاع في الأراضي الفلسطينية و التوصل إلى رأي عربي موحد إزاء الصراع الراهن بين إسرائيل وحركة حماس، والدفع نحو إدخال المزيد من المساعدات ووقف التصعيد في قطاع غزة.
حمل الرئيس الأسد كسائر السوريين همّ فلسطين وقضيتها العادلة، فعلاقة السوريين بفلسطين علاقة متجذرة في قدمها، فموقف الرئيس الأسد العروبي لدعم الفلسطينيين مشرف ويؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الأسد هو الداعم الأكبر للقضية الفلسطينية، ففضلا عن تأكيده الدائم ومطالبته المستمرة في كل محفل دولي أو مناسبة وطنية بضرورة تحرير فلسطين، وعبّر عن ثقته بانتصار المقاومة الفلسطينية، وتمكنها من تحقيق هزيمة نهائية وحاسمة لإسرائيل.
وفي السياق نفسه مثلت الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، بعد عملية “طوفان الأقصى”، في 7 اكتوبر، أول اختبار حقيقي لمعادلة “وحدة الساحات” التي نظّر لها محور المقاومة منذ نحو عامين، وتقوم هذه المعادلة على ترابط جبهات الساحة الفلسطينية، في غزّة والقدس والضفة الغربية والأراضي المحتلة عام 1948، ومعها الساحة الاقليمية التي تضم سورية ولبنان وإيران واليمن والعراق.
ولكن، هل يمكن لبلد أنهكته الحرب منذ سنوات طويلة ويرزح تحت حصار اقتصادي أن يشارك في عمل عسكري ضد إسرائيل؟ في الواقع تعد سورية من أبرز الدول التي تدعم الفصائل الفلسطينية ، وفي الوقت نفسه تمتلك سورية قدرات عسكرية كبيرة تجعلها واحدة من الدول القادرة على استهداف إسرائيل، خاصة بعد أن شهدت سورية تحولاً حقيقياً بعد انتصار الجيش السوري والذي كان من بين أهدافه إبعاد الهيمنة الخارجية وسحق القوى المتطرفة “داعش”، وإعادة التموضع إلى جانب القضايا العربية والإسلامية ومن ضمنها قضية فلسطين.
ورأينا الاستهداف الذي جرى من المناطق السورية لإسرائيل تم من الجهة الغربية لمحافظة درعا المحاذية للجولان المحتل، ورأت أن ذلك ربما يراد منه إرسال رسائل تهديد إلى إسرائيل بإمكانية فتح جبهة الجولان إذا لم توقف حرب الإبادة والتدمير التي تشنها ضد الأهالي في غزة ما يعني قدرة السوريين على استهداف ميناء إيلات وتل أبيب وغيرها من الأراضي المحتلة.
بالمقابل إن أي مشاركة سوريّة في الحرب ستكون بالطائرات المسيرة والصواريخ بكافة أنواعها ضد أهداف محددة وفق الخطة التي يقررها محور المقاومة، كما أن الإمكانيات المتوافرة لدى دول محور المقاومة قادرة على وضع حاملة الطائرات الأميركية “يو إس إس جيرالد فورد” خارج الخدمة، بالإضافة الى أن الضربات قد تتجاوز الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى الممرات البحرية والقواعد الأميركية والإسرائيلية في البحر الأحمر والمتواجدة في شرق سورية ما يعني أن الضربات ستكون كبيرة ومركزة ودقيقة وموجعة لقوات الاحتلال.
إضافة إلى الموقف الرسمي الذي عبّر عنه الرئيس الأسد بإدانة الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين، تتسارع استعدادات الفصائل التي تعدّ جزءاً من محور المقاومة للانخراط في الحرب متى اتُخذ القرار بذلك، ولتكرار الدور الذي لعبته في الحروب المختلفة ضد إسرائيل الارهابية.
ومن هذا المنطلق تعتبر فلسطين جزء من الذات السورية وخطاً أحمر لا يسمح بتجاوزه أو التنازل عنه، ففلسطين بالنسبة لٍسورية رسالة ومستقبل، وقد شكّل الموقف السوري الثابت تجاه القضية الفلسطينية، الرديف والسند الحقيقي للشعب الفلسطيني، وقد دفعت سورية ثمن هذا الموقف طيلة العقود الماضية، وتحمّلت في سبيل القضية الفلسطينية ما هو فوق طاقاتها وإمكانياتها إنسجاماً مع ثوابت النهج والرؤية لهذا الوطن في مواقفها من فلسطين.
مجملاً….اليوم تبدو المنطقة محاطة بما يشبه بـ ” تحالف إقليمي ” يجعل من إمكانية حدوث تغييرات سياسية متسارعة، وتحالفات جديدة قد تعيد تشكيل الخارطة السياسية للمنطقة لتكون صداً في وجه الإختراق الغربي-الأميركي للمنطقة، فالذي يجري هذه الأيام من تطورات على الصعيد السوري والعربي يؤرِق صنّاع القرار في كيان العدو ويقض مضاجعهم، لأن من شأن هذا التطور أن يؤثّر حتى على اتفاقيات التطبيع الموقعة مع عدد من الدول العربية، وبالإضافة لذلك سدّ الطريق أمام “إسرائيل” في محاولاتها لفتح ثغرات جديدة لضم دول عربيّة وإسلامية إلى قطار التطبيع، ناهيك عن مواصلة سورية في تسجيل نجاحات دبلوماسية تُعزز تأثيرها ودورها في منطقة الشرق الأوسط.
وأختم بالقول.. ان سورية و فلسطين شعب واحد يثبت كل يوم إنه شعب جبار بصموده وتصديه لكل المؤامرات التي تحاك ضده، لذلك فإن دمشق هي الحصن المنيع بوجه إسرائيل وبوجه إجرامها وغطرستها، في إطار ذلك يمكنني التساؤل، هل سيسقط الكيان الصهيوني بتهوره أم يجر ذيول الهزيمة والإذلال؟ وهو الثمن الذي سيدفعه نتيجة أخطاءه الفادحة في فلسطين وسورية وسعيه الفاشل لإسقاطهما، وإنطلاقاً من ذلك، المنطقة مقبلة على بركان ثائر، الأمر الذي يضع الجيش السوري وحلفائه من محور المقاومة أمام واحد من الخيارين إما النصر وإما الاستمرار في الحرب والصراع.