أحوال عربيةأخبار العالم

شرقي سورية على صفيح ساخن…هل يتحضر لمعركة قريبة ؟

الدكتور خيام الزعبي- كاتب سياسي سوري

خلال الأيام الأخيرة، قام جيش الاحتلال الأمريكي والمسلحين الأكراد الموالين له في تنظيم “قسد” بتعزيز نقاطهم بشكل غير مسبوق على خطوط التماس، عبر استقدام تعزيزات عسكرية من الرقة والحسكة إلى ريف دير الزور، وزجّها في محيط القواعد الأمريكية اللاشرعية في حقول “العمر” النفطي و”كونيكو” للغاز الطبيعي في ريف دير الزور الشمالي، والبلدات المجاورة لهما.

في السياق ذاته استقدمت قوات “التحالف الدولي” المزعوم بقيادة الجيش الأمريكي تعزيزات عسكرية ولوجستية كبيرة إلى قواعدها العسكرية غير الشرعية في ريف دير الزور، ونفذت هذه القوات بالتنسيق والمشاركة مع قوات “قسد” الموالية لها، تدريبات ومناورات عسكرية بالذخيرة الحية، في قواعدها المذكورة في ريف دير الزور وسط نشاط جوي حربي متواصل في سماء المنطقة.

بالمقابل هذه التطورات الميدانية، دفعت بالجيش السوري وحلفائه الى تعزيز انتشارهم العسكري أيضاً في ريف دير الزور، مثل الفرقة الرابعة والفيلق الخامس، لأن المنتصر فيها سيلعب الدور الأبرز في إعادة رسم هوية المنطقة وحدودها، وتوازنات القوى فيها، وهذا ما يفسر التحشيد العسكري السوري الكبير لحسمها، خاصة بعد أن بدأ انكسار شوكة الإرهاب في سورية .

والسؤال الذي يفرض نفسه بقوة هنا، هل تتورط قوات الاحتلال الأمريكي المتواجدة في سورية بالتعاون مع ميليشيات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) فعلاً في شن هجوم عسكري ضد الجيش السوري وحلفائه المتواجدين في منطقة دير الزور وريفها متجاوزين الشرعية الدولية؟ خاصة بعد أن تلقى تحذيرات جدية من الرئيس الأسد بعدم ارتكاب أي مغامرة في سورية لأنها ستكون حرب قاسية.

في خضم الأحداث المشتعلة، يظن الكثير من المحللين العسكريين أن طبول الحرب تدق الآن بين سورية وقوات الاحتلال الأمريكي وحلفائها وكثير من المحللين مثلي لا يظنون بأن حرب ستقع بين سورية وقوات أمريكا التي تأكد تورطها في دعم التنظيمات المسلحة بعد ثبوت أدلة قاطعة ووثائق.

وهنا يغيب عن المتابعين والمهتمين لهذه العملية، نقطة مهمة وأساسية لا يمكن اغفالها وهي أنه لا يمكن من الناحية الميدانية والعسكرية، حصول عملية عدائية ضد الجيش السوري وحلفائه وذلك للعديد من الأسباب من أهمها، مثل هكذاا تصعيد سيتم الرد عليه من قبل الجيش السوري وحلفائه في محور المقاومة بشكل مباشر، والقواعد والمواقع الأمريكية في المنطقة هي تحت الرصد والمراقبة وبالنيران الدقيقة القصيرة والمتوسطة المدى، وبالتالي ستغامر واشنطن بإمكانية سقوط العشرات من القتلى والجرحى من جنودها هناك، بالإضافة الى أن هذه الإجراءات تشكل رداً أمريكياً تهويلياً، في ظل التوتر مع روسيا، والذي حصل أكثر من مرة خلال الأيام الماضية، من خلال تعرّض المسيّرات الأميركية لخطر السقوط، بفعل الطائرات الحربية الروسية.

من هذا المنطلق يجب على الرئيس الأمريكي بايدن أن يحترس من التورط في شن الحرب على سورية الذي لا يستطيع تطويق حدودها ومجابهة الدول الإقليمية المرشحة للاشتراك فيها مثل إيران وحزب الله وروسيا، وهي حرب سوف تكون مكلفة لبلاده عسكرياً وسياسياً وأخلاقياً وإمكانية تطورها إلى حرب إقليمية بأبعاد عالمية قد تنقلب من حرب محدودة إلى حرب مفتوحة والتي سوف يكون لها آثار مدمرة متى إشتعلت لأن هناك أكثر من جهة تريد أن تثبت وجودها في المنطقة سواء على الصعيد العسكري أو السياسي.

بالطبع، فإنني لستُ في حاجة إلى مزيد من الشرح إزاء أهمية الإصطفاف الوطني لمجابهة الإرهاب، لكنني أعتقد أن التذكير بخطورة الجماعات المتطرفة والإرهاب والتخريب وأهمية التعجيل بإعلان المصالحات الوطنية الشاملة أمر في غاية الأهمية، وسوف يؤكد حقيقة وأهمية هذا الإصطفاف، وبالتالي القدرة على إصابة هـذا الإرهاب وإزالته من الأرض السورية.

مما لا شك فيه، هنا يجري التعويل على العشائر، بعد استعادة دورها المغيب في المنطقة، من أجل الدفاع عن الجزيرة بوجه محاولة تحويلها إلى ثكنات عسكرية تحت مسميات مختلفة وبدعم أميركي، لذلك هناك عدة مهمات أساسية لوجهاء عشائر دير الزور لا بد من القيام والنهوض بها منها: بلورة خطاب جامع بين أبناء المنطقة، يقوم على رفض مشاريع الادارة الأمريكية، والعمل بشتى الطرق على اعتبار الجزيرة جزءاً لا يتجزأ من سورية، والمهمة الثانية هي مواجهة نهب الثروات السورية، والمهمة الثالثة هي الوقوف أمام مشاريع ضرب هوية المنطقة من خلال رفض مشاريع تعليمية تحاول الإدارة الكردية فرضها بالقوة. ولا يمكن أن يتحقق ذلك من دون اتحاد العشائر على أسس واضحة، وبناء كيان سياسي يمثل منطقة الجزيرة بكافة محافظاتها: الرقة، دير الزور، والحسكة من أجل تحقيق الأمن والآمان للمواطن.

على خط مواز، إن المؤامرة التي تتعرض لها سورية لم يعد خبراً يحتاج إلى نشر، والكلام عن مؤامرة دولية تستهدف المنطقة أصبح واضحاً، نعيشه ونعايشه على مدار الساعة، وأن من حقنا أن ندافع عن وطننا الغالي على قلوبنا “سورية” في معركة البقاء بالشكل والأسلوب الذي يناسبنا، لذلك لا أستبعد إنتفاضة شعبية قادمة ضد قسد والوجود الأمريكي نتيجة الإحتقان الشعبي، والغباء والتخبط الامريكي في التعامل مع شعوب المنطقة بتحريض دول إقليمية وتخطيط صهيوني.

أختم مقالي بالقول… إن ساعة الرحيل الأمريكي من سورية ليست بعيدة، وقد تغيّرت سورية كثيراً عما عرفتها أمريكا عندما استقدمت داعش وأخواتها، وأن سورية دائماً من انتصار إلى انتصار رغم أنف البيت الأبيض وأعوانه، وأن سورية لن تعود إلى الوراء مهما حاول الواهمون لأن أبناءها قادرون على تخطي هذا المرحلة بكل قوة وعزيمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى