هل نحنُ بحاجَةٍ الى تحديثٍ أَمْ حداثَة؟
زعيم الخيرالله
قبلَ الاجابةِ عن هذا السؤال ، لابدَّ لنا من تحديدِ المُصطلحاتِ ، فماذا نعني بالتحديث؟ وماهي الحداثةُ؟ ، التحديثُ نعني به الجانب التطبيقي للحداثة أَو هو الجانب المادي من الحداثةِ. كاستخدام الهاتف الجوال، واستخدام الانترنت ، واستخدام الطائرة في السفر، هذه كُلُّها
تدخل تحتَ مصطلحِ التحديث؛ وبالتالي ليس كل من يستخدم ادوات التحديث هذه يعتبرُ حداثَوِّياً ؛ لانَّ التحديثَ مرتبطٌ بالجانبِ الماديِّ ، أَمّا الحداثةُ فتتعلقُ ببنية التفكير ، الحداثة تتعلق بالافكار والمفاهيم ، أَمّا التحديثُ فهو الجانب التطبيقي التراكمي من الحداثة.
كثيرٌ من البلدان المتخلفة تستخدم ادوات الحداثة المادية ، تستخدم المواصلات الحديثة ووسائل التواصل الحديثة وتتكلم لغات اجنبيَّةً ولكن هذا لايجعل منها مجتمعات حداثوية ؛ لان تحديث هذه المجتمعات بالتكنولوجيا والوسائل الحديثة لايجعل هذهِ المجتمعاتِ حداثَويَّةً.الحداثة
هي تغيير طريقة التفكير والبنية الفكرية ، الحداثةُ:هي تغيير المفاهيم والرؤى الكونية في فهم الحياة والكون والانسان.
والسؤالُ الذي يطرحُ نَفسَهُ هنا ، هو : هل نحنُ بحاجَةٍ الى تحديثٍ أَم حداثَةٍ؟
للوهلةِ الأُولى قد يقالُ : نحن لسنا بحاجَةٍ الى حداثَةٍ ؛ لانَّ رؤانا وطريقةَ تفكيرنا تختلف عن رؤى وطريقة تفكير الغربيين ، ومفاهيمهم عن الحياة والكون تختلف عن مفاهيمنا عن الكون والحياة والانسان. ان نظرتهم للحياة والوجود نظرة ماديَّةٌ .نظرتهم تقوم على الفردانيّة
، وانزال الانسان عن عرشه ومساواته بالاشياء، وكذلك، النظرة الغربيَّة الماديَّة تفصلُ القِيَمَ عن الواقعِ، وبالتالي نحنُ لانحتاجُ الى حداثتِهم بل نحنُ في أَمَسِّ الحاجَةِ الى تحديثِهم.
هل يمكنُ الفصلُ بينَ الحداثَةِ والتحديثِ؟
هل المُنْجَزاتُ الماديَّةُ للحداثَةِ لاصِلَةَ لها بالحَداثَةِ؟والاجابَةُ عن هذا التساؤلِ هي أَنَّ المنتَجَ الماديَّ غيرُ مقطوعِ الصِلَةِ بالفكرةِ التي أنتجتهُ . لايمكننا ابداً أن نتصورَ ان المنتَجاتِ الماديَّةَ لاتحملُ بصماتِ الفكرةِ التي انتجتها،المخترعون
قبل ان يخترعوا جهازاً ماديَّاً اندلعت فكرةٌ في رؤوسهم أَدَّت الى هذا الاختراع.ولكن على الرغم من ذلك ، يمكن الاستفادة من التحديث مع ربطه بقيمنا ورؤيتنا الكونية للكون والحياة والانسان ، ونظرتنا الى الانسان ومكانته في الوجود ، وربط القيم والاخلاق بالواقع .. وبالتالي
: نستطيع ان نغيّرَ من توجهات الحداثَةِ وقيمها الماديَّةِ وننزع عنها أنانيتَها وغُلُوُّها في تقديس الفرد . كما أَنَّ لنا حداثتنا التي أَعلت من مكانة الانسان وحفظت حقوقه ، ولم تسمح بالتجاوز عليه وهدر آدميتِهِ.
وخلاصةُ القولِ: يمكنُنا الاخذ بالتحديث مفصولاً عن قيمهِ الغربيَّةِ الماديَّةِ وربطهِ بقيمنا ورؤيتِنا عن الكونِ والحياة.