هل موافقة كلا الزوجين شرط من شروط تطبيق المدونة الشرعية؟


هل موافقة كلا الزوجين شرط من شروط تطبيق المدونة الشرعية؟
لا زالت النقاشات حامية الوطيس بين الأزواج المختلفين والمطلقين ورجال القانون ونساءه، والساسة المتبنين لتعديل قانون الاحوال الشخصية رقم (١) لسنة (٢٠٢٥) المنشور في عدد الوقائع العراقية (٤٨١٤) بتاريخ (١٧ /٢ /٢٠٢٥) ، واساس الخلاف الذي ولّد ويولد النزاع وربما التراشق الاعلامي الى الحد الذي يصل للتخوين والاتهام والسباب!!
هو مدى جواز تغيير احكام عقد الزواج المبرم قبل نفاذ تعديل القانون الى المدونة الشرعية من عدمه وهل ان هذا التغيير يتم بناء على موافقة الزوجين ام الزوج فقط؟
باعتبار ان عقود الزواج الجديدة قائمة على اختيار الزوجان بوضوح ويمكن للزوجة غير الموافقة على ذلك الامتناع عن اكمال اجراءات الزواج اصلا ولا يمكن اجبارها بأي شكل من الاشكال، فلا خلاف في هذه الحالة اذن.
خلافنا ثار حول عقود الزواج المبرمة قبل نفاذ التعديل سواء حصل طلاق بين الزوجين فيها ام لم يحصل ، ووجهة نظري التي ربما اختلف فيها مع كثير من المحامين انني ارى خيار اختيار المدونة وتغيير عقد الزواج بهذا الخصوص قائم سوى تم العقد قبل نفاذ التعديل ام بعده ، ومتوقف على رأي الزوجين كلاهما لا احدهما ايضا !
فلو قرأنا المادة الاولى من التعديل بإمعان سنجد انها وضعت حكم آمر لا يجوز مخالفته او الالتفاف عليه بالقول ” وبالنسبة إلى عقود الزواج التي أبرمت وسجلت قبل تاريخ نفاذ هذا القانون يحق لكل من طرفيها كاملي الأهلية تقديم طلب الى محكمة الأحوال الشخصية لتطبق عليهما وعلى اولادهما القاصرين الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية في المذهب الشيعي الجعفري اذا كان العقد وقع على وفق هذا المذهب، ويستدل على ذلك بتضمنه استحقاق المهر المؤجل عند المطالبة والميسرة” فهي تؤكد على أحقية طرفي عقد الزواج باختيار مدونة الاحكام الشرعية او قانون ١٨٨ لسنة ١٩٥٩ وتغيير عقد زواجهما وفقا لذلك وإن كان مسجل قبل نفاذ تعديل القانون والمدونة ، الا ان احقيتهم بتقديم طلب الاختيار لا يعني انفراد احدهما دون الاخر بنتيجة الطلب ، فالزواج قائم على المشاركة والايجاب والقبول ، ولا يمكن اضافة شرط او الغاءه منه الا باتفاق الطرفين والا تدّخل القضاء وفضّ نزاع طرفي العقد ، وهذا ما وضعته الفقرة (ح) من ذات المادة ” إذا اختلفت الأطراف ذات العلاقة بقضية واحدة في اختيارهم تطبيق أحكام المذهب الشيعي الجعفري أو القانون رقم (۱۸۸) لسنة ۱۹۵۹ في أحوالهم الشخصية، تعتمد المحاكم في قضايا إيقاع الطلاق وتنفيذ الوصية وتقسيم الميراث اختيار المطلق والموصي والمورث وفي غيرها ما يختاره أغلب الأطراف بشرط كونهم كاملي الأهلية شرعاً وقانوناً، ومع عدم تحقق الأغلبية تختار المحكمة ما هو الأقرب إلى مبادئ العدل والإنصاف.” فعند اختلاف الزوجين او الطليقين على فرض جواز تغيير عقد الزواج وان تم طلاق الزوجين فإن محكمة الاحوال الشخصية ستطبق ما ورد في هذه الفقرة وفقا للتسلسل المذكور فيها مع الاخذ بنظر الاعتبار ان دعوى الطلاق وموضوع الوصية والميراث يخضع العمل فيها لاختيار المطلق ( الزوج) والموصي سواء كان الزوج او الزوجة او غيرهما والمورث أيا كان ذكرا كان او انثى ، اما مسائل الاحوال الشخصية الاخرى غير هذه الثلاث فيطبق عليها ما يختاره اغلب اطراف القضية الواحدة كما لو كانت اكثر من زوجة للزوج وعند عدم تحقق الاغلبية كما هو حال الغالب بأن يكون الخلاف بين زوج وزوجة فحسب فإن الخيار لمحكمة الاحوال الشخصية في تطبيق ما هو اقرب لمبادئ العدل والانصاف وتخضع في ذلك لرقابة محكمة التمييز بكل تأكيد.
فالخلاصة ليست هناك قرار ذكوري في تقرير مصير مؤسسة الزواج وفرض ارادته فيها دون حاجة لرأي الاخر معه ، وانما هناك توافق زواجي بين الطرفين والا امسكت المحكمة العصا من المنتصف وقررت وفقا لمصلحة الطرفين المتنازعين، هذا ما افهمه من معاني النصوص الظاهرة في تعديل القانون وهو قراءة فردية للنص لا زالت تحتاج سوابق قضائية تكشف عن تفسير القضاء له وذلك ما ننتظره في قادم الايام ان شاء الله.
وليد عبدالحسين : محامي